Beirut weather 22.41 ° C
تاريخ النشر March 12, 2018
A A A
استثمار انتخابي لشعارات ١٤ آذار لا ينجح
الكاتب: سابين عويس - النهار

استثمار انتخابي لشعارات ١٤ آذار لا ينجح في إحياء التحالف السيادي؟
*

قبل نحو أسبوعين من انتهاء مهلة تسجيل اللوائح للانتخابات النيابية في ٢٦ من الشهر الجاري، بدأ سباق بين الأحزاب والتيارات السياسية الكبرى على اعلان اسماء مرشحيها وبرامجها التي ستخوض بها وعلى اساسها استحقاق السادس من أيار المقبل، في خطوة تأخرت بضعة أسابيع عن خطوة مبكرة قام بها الثنائي الشيعي. وكان الهدف من أخذ حزب الله وحركة امل المبادرة السبّاقة، للتعبير عن ثبات الموقف الشيعي وتماسكه في وجه تشتّت اصاب القوى الاخرى، بمن فيها التيار الوطني الحر، الحليف الابرز للحزب، نتيجة افتقاد البوصلة التي ستحدد مسار التحالفات الانتخابية.

فإذا كانت التسوية السياسية التي افضت الى انتخاب العماد ميشال عون رئيسا للجمهورية وعادت بالرئيس سعد الحريري الى رئاسة الحكومة قد زعزعت أسس الاصطفافات السياسية الحادة التي حكمت البلاد على مدى أكثر من عقد من الزمن، بحيث قربت التيار البرتقالي من التيار “المستقبلي” وأبعدته عن الحزب الالهي، كما قربته من حزب القوات اللبنانية وأبعدت الاخير عن الحليف الأساسي في ١٤ آذار، أي “المستقبل”، فإن أزمة استقالة الحريري من جهة والاداء الحكومي المستفز لـ”القوات” من جهة أخرى، قد وسعا الشرخ اكثر، وجعلا السؤال الاصعب في قواعد الناخبين من جمهور الفريق الآذاري حول مدى نجاح الانتخابات في اعادة التماسك لهذا التحالف ووصل ما انقطع بين أطرافه، تمهيدا للوصول الى كتلة نيابية وازنة قادرة على خوض المواجهة داخل البرلمان.

ومدعاة هذا التساؤل ان كل فريق من قوى التحالف السابق يستثمر شعارات الحركة السيادية ويخوض على اساسها معركته الانتخابية، فيما لم يعد هناك اي قاسم مشترك يجمع بين هؤلاء باستثناء تلك الشعارات التي يقود فيها هؤلاء معاركهم لاستقطاب ناخبيهم في الصحن الواحد.

بدا واضحا بعد كلمة الحريري في احتفال إعلان مرشحي “المستقبل” ان التيار الأزرق قرر، كما بات معروفا، خوض الانتخابات بشعارات “المستقبل” وتحت القبعة الأكبر للرئيس الشهيد رفيق الحريري التي لا تزال تشمل الرافعة الأكبر للتيار.

وفي حين لم تغب الشعارات السيادية عن خطابه، والتي يفترض ان تكون عينها على الخطاب المقبل لرئيس القوات اللبنانية، لم يخرج هذا الخطاب عن سقف التهدئة، فيما بدا جليا ان التحالفات التي بدأت تتبلور بين الحريري وجعجع وانضم اليها النائب وليد جنبلاط في الجبل، لن تشكل لملمة لرموز ١٤ آذار، بل هي نتيجة واقعية للجهد السعودي الناشط أخيرا في سبيل استنهاض الشارع الآذاري في شكل عام والسني في شكل خاص، من أجل تأمين فوز النسبة الأكبر من الأصوات التي تتيح مواجهة حزب الله وحلفائه في البرلمان.

وفي هذا السياق تصب الزيارة الاخيرة للحريري للسعودية، وقبلها الزيارة التمهيدية للموفد الملكي السعودي نزار العلولا، ولاحقا الزيارة المرتقبة لوفد سعودي رفيع يترأسه وزير الخارجية عادل الجبير في الأيام القليلة المقبلة، فيما لا يقلل المراقبون من اهمية الكلام الوارد في البيان السعودي البريطاني المشترك الصادر في ختام محادثات ولي العهد السعودي في لندن، والذي ورد فيه تعبير البلدين عن “دعمهما للحكومة اللبنانية، واهمية تمكينها من بسط سيطرتها على كامل الاراضي اللبنانية ونزع سلاح ميليشيا حزب الله والتصدي لدورها المزعزع للاستقرار”، اضافة الى “إنهاء الدعم الايراني للميليشيات وانسحاب العناصر الإيرانية والحزب من اليمن”.

وأهمية هذا الكلام في رأي المراقبين تكمن في ان الكباش السعودي – الايراني لا يزال في أوجه، وان ضجيج المعارك الانتخابية لن يغطي محاذير استعمال لبنان ساحة لهذا الصراع، بعد مرحلة من التراجع السعودي عن هذه الساحة كانت نتيجته تمددا أكبر للنفوذ الايراني!

وفي السياق عينه، لا يقلل المراقبون من اهمية الكلام الذي أطلقه نائب الأمين العام لحزب الله الشيح نعيم قاسم، والذي دعا فيه الى أوسع مشاركة في الانتخابات “كاستفتاء على شعبيتنا وليس لنجاح عدد من النواب، بل نريد ان نقدم امام العالم أعدادا وأرقاما تحمل قوة الموقف وتؤكد مشروع المقاومة في مواجهة التحديات”. ويأتي كلام قاسم ليعبر عن قلق الحزب من اختراقات محتملة في بعض الدوائر للوائح الشيعية، في ظل ما اعتبره تدخلا اميركيا في هذه الانتخابات “بهدف تقليص عدد نوابنا وتكتيل القوى التي تختلف معنا سياسيا لنكون محاصرين في مواجهتها”.