Beirut weather 22.41 ° C
تاريخ النشر August 8, 2016
A A A
اسئلة اسرائيلية: ماذا في جعبة حزب الله؟
الكاتب: محمود زيات - الديار

مع اول خطوة…خطاها اول المتسللين في مجموعة «حزب الله» التي نفذت عملية اسر الجنديين الاسرائيليين، نحو المقلب الآخر من الحدود عند خلة وردة قرب بلدة عيتا الشعب، قبل عشر سنوات، فان حقبة هامة ومتميزة في تاريخ الصراع العربي  _ الاسرائيلي، ارتسمت لتُطيح بكل التوازنات والمعادلات التي كانت مرسومة قبل الرابع عشر من آب، اليوم الذي اعلن فيه عن وقف الاعمال العدائية، على اثر العدوان الاسرائيلي على لبنان، لـ«استرجاع» الجنديين من دون شروط!.

فالحرب التي تلت عملية «خلة وردة»، اوصلت الاسرائيليين الى المأزق الحقيقي… بعد سقوط كل الاهداف التي وضعتها القيادات الاسرائيلية السياسية والعسكرية للعدوان ، لكنهم نجحوا في الضغط على المجتمع الدولي كي يمارس ضغوطه على اسرائيل لوقف الحرب، حفاظا على بقايا «هيبة» تكسرت في قرى وبلدات الجنوب التي تحولت الى ساحات مواجهات بطولية، ما تزال فرق «النخبة» في جيش الاحتلال تئن من وطأتها. يومها تمحورت الحرب بين مقولتين، الاولى قالها رئيس وزراء العدو حينها ايهود اولمرت «لن تتوقف الحرب الا باطلاق سراح الجنديين فورا، واستئصال «حزب الله» وضرب قدرات المقاومة الصاروخية». ورد امين عام «حزب الله» السيد حسن نصرالله «…ان الجنديين لن يُطلقا الا بمفاوضات غير مباشرة تؤدي الى اطلاق سراح الاسرى ، الاحياء والشهداء، وعلى رأسهم سمير القنطار»، لكن الحرب انتهت وفق «دفتر شروط» وضعه «حزب الله»، بعد ان فرضت حسابات وموازين الميدان واقعا مغايرا للحلم الاسرائيلي، وهي حسابات جسدها الصمود البطولي الذي اظهره مقاتلو «حزب الله» والذي جرّد الاحتلال من كل شروطه.

منذ انشغال قادة الكيان الاسرائيلي، بالتقارير الاستخبارية الاسرائيلية ، التي تتحدث عن تنامي القدرات القتالية والتسليحية لـ «حزب الله»، وبخاصة التحديث الذي اُدخل على ترسانته الصاروخية، وما شكلته من مخاطر جدية على الكيان الاسرائيلي، والمحللون الاستراتيجيون العاملون لدى صنّاع قرارات الحرب، «يُنقّبون» عن تقدير دقيق لحجم هذا التنامي، والسؤال الذي راح يردده كبار جنرالات الحرب … مع كل خطاب يلقيه امين عام «حزب الله» السيد حسن نصرالله .

اسئلة كبيرة تُطرح داخل الجمهور الاسرائيلي، الذي ازدادت شكوكه بقيادييه السياسيين والعسكريين، وبقدرتهم على خوض حرب جديدة ضد لبنان، من دون هزيمة جديدة تُثقل المجتمع الصهيوني بمآس وويلات، مماثلة لما اُثقل به بعد حرب تموز 2006، ماذا في جعبة «حزب الله» العسكرية؟، وهل هناك قدرة لديه للسيطرة على مستوطنات في الشمال ( المحاذي لجنوب لبنان )؟ وهل هو قادر بالفعل على استهداف مطارات وموانىء ومنشآت حيوية في العمق الاسرائيلي، كما اشار السيد نصرالله غير مرة؟ وماذا عن فعالية سلاح الطيران في الحرب المقبلة؟ مع ضبابية في الرؤية الاسرائيلية عما اذا كان «حزب الله» يملك الصواريخ المناسبة لشل دوره في اي حرب مقبلة؟ وماذا عن الخطط لمواجهة ذلك، والجبهة الداخلية وهي الاساس التي ترتكز اليها اسرائيل ، يؤكد جنرالات الحرب انها ما تزال غير جاهزة لمواجهة ما قد ينتظر الاسرائيليين في اي حرب مقبلة؟

…في حرب تموز …وفي صفقة التبادل
التساؤلات الاسرائيلية التي عبرت عن مخاوف جدية تسود المجتمع الصهيوني، من نتائج وتداعيات اي حرب جديدة مع «حزب الله»، سيما انهم لم يتعافوا بعد من الويلات التي حصدوها في حرب تموز العام 2006، وهي حرب، دفعت بكبار القادة الصهاينة للقول : «ان حزب الله هَزَمَنا»، ووفق اعترافات جنرالات الحرب الاسرائيليين الذين اقروا بالهزيمة المسماة «اخفاقات الحرب»، ثم تعاظمت بعد سنتين مع صفقة تبادل الاسرى التي حملت اسم «عملية الرضوان»، وهي صُنّفت على انها واحدة من اكبر صفقات  التبادل التي يجريها الاحتلال، فان «حزب الله» خرج من الحرب منتصرا، ويقول ضابط اسرائيلي : «لقد خرج من المعتقلات الاسرائيلية جيش من «المخربين»، من بينهم (الشهيد) سمير القنطار الذي وضعت اسرائيل خطوطاً حمراء على اطلاقه في عمليات تبادل اجراها «حزب الله» في السنوات السابقة، مقابل جثتي جنديين اسرائيليين وضعتا في صندوقين اسودين، وصلتا الى رأس الناقورة الحدودية. نعم «حزب الله» ربح في الحرب…ثم عاد ليربح في صفقة تبادل الاسرى ويصيب الجمهور الاسرائيلي بالصدمة».

اما فضيحة الفضائح الاسرائيلية التي حملتها حرب تموز،  فجاءت على لسان وزيرة الخارجية الاسرائيلية تسيبي ليفني التي حاولت اعطاء الجمهور الاسرائيلي المرتعب «جرعة زائدة» من المعنويات، حين قالت أن الحملة العسكرية التي تقررت في الثاني عشر من تموز 2006 على لبنان، ستنتهي ظهيرة اليوم نفسه وفي أقصى حد في اليوم التالي! واقنعت رئيس وزراء العدو ايهود اولمرت بضرورة دفع العملية السياسية بحثاً عن مخرج سياسي للحرب، ونقلت عنها صحيفة «هآرتس» الصهيونية قولها في المجلس الوزاري المصغر : «علينا ان نضغط على المجتمع الدولي … كي يضغطوا علينا لوقف الحرب!».

اما الوزير الصهيوني بنيامين بن اليعازر الذي ترقى في المؤسسة الصهيونية من رئيس اركان الى وزير للحرب  ثم وزير للبنى التحتية في حكومة اولمرت خلال حرب تموز، فقد كال الاتهامات لقيادة اركان جيشه بسبب عجزهم عن تحقيق اي من اهداف الحرب التي كانت اشبه بـ «حلم» راود مخيلة القيادتين السياسية والعسكرية، وسأل : كيف يمكن أن نفسر ما قاله رئيس الحكومة بعد أيام قليلة «أننا ربحنا الحرب»؟  مذكرا باعلان وزيرة الخارجية الاميركية غونداليزا رايس من بيروت، وخلال لقاء جمعها مع اركان قوى 14 اذار عن ولادة  شرق أوسط جديد، وقال «أنا اعتقد أنهم ضللوه».