Beirut weather 17.41 ° C
تاريخ النشر December 12, 2019
A A A
اجتماع باريس… لحكومة فاعلة تلتزم إصلاحات سيدر
الكاتب: البناء

عكست مناقشات الاجتماع الدولي الذي عُقد بمشاركة الدول الدائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي وألمانيا وإيطاليا والجامعة العربية والاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة، التوازن الحاكم للمعادلات بين مكوّنات الاجتماع حيث تشارك روسيا والصين، فغابت الشروط السياسية التي يتحدث عنها الأميركيون والسعوديون الذين طالبوا بإضافة عبارة استبعاد الوجوه المستفزّة عن الحكومة المطلوبة، ولم تفلح محاولتهم. وبقي النص يدعو إلى حكومة تلتزم الإصلاحات التي تعهّدت بها الحكومة اللبنانية في مؤتمر سيدر، وهي تعهّدات مسلم أن تتابع الالتزام بها أي حكومة جديدة، التي لم يتم وصف تركيبتها إلا بكلمة الفاعلة في البيان، إلا أن رئيس الحكومة المستقيلة والمرشح الوحيد لترؤس الحكومة الجديدة بعد بيان انسحاب المرشح السابق سمير الخطيب وما نقله عن دار الفتوى، أصرّ على إضافة صفة “الاختصاصيين” للحكومة المقبلة، موحياً بأن هذا ورد في البيان الختامي لاجتماع باريس.

البيان في موقعه السياسي تشجيع لتخطي التجاذبات المحيطة بتشكيل حكومة جديدة وتقديم تنازلات متبادلة لتسريع ولادتها، لكن الرئيس الحريري متمسك بتوظيف الاجتماع للتمسك بشروطه من دون تقديم تنازلات. والصيغة التي يتمسك بها الرئيس الحريري لا تزال عند مضمون طلب إطلاق اليد في التشكيلة الحكومية والعمل الحكومي، طالما أنه الجهة القادرة على مخاطبة الخارج، وطالما أنه مرشح طائفته الوحيد. وهذه الصيغة التي يسعى ثنائي حركة أمل وحزب الله على إدخال تعديلات عليها من موقع التمسك ببقاء الحريري ولّدت لدى التيار الوطني الحر ردَّ فعل مختلفاً. فالتيار ورئيسه الوزير جبران باسيل ومِن خلفهما رئيس الجمهورية يرون في هذه الصيغة انقلاباً سياسياً كبيراً يقترب من معادلة إسقاط عهد الرئيس ميشال عون. وإذا كان التيار الذي يحمّل الثنائي وتمسكه بالحريري مسؤولية تمسّك الحريري بشروطه، لا يمانع بعودة الحريري لكن بشروط تحترم نتائج الانتخابات النيابية ووجود رئيس للجمهورية، ويرى أن تفاوضاً من موقع القوة وتحضير خيارات وبدائل لعدم التفاهم مع الحريري، كان ولا يزال ممكناً له أن يُعيد الأمور إلى نصابها. وبخلاف ذلك تقول مصادر التيار إنها تفضل عدم منح التغطية المسيحية للحكومة الجديدة، وبالتالي عدم المشاركة فيها بأي شكل وتقديمها بصفتها حكومة الحريري وحده يتحمّل مسؤولية أعمالها ونتائج هذه الأعمال، والانتقال إلى العمل من الموقع النيابي والشارع، وكشف البعد الطائفي غير الميثاقي للحكومة وتحميل مَن يقدّم لها التغطية مسيحياً مسؤولية التلاعب بالتوازنات الوطنية التي كرّسها اتفاق الطائف، واعتبار التيار في معركة مزدوجة، معركة ذات طابع إصلاحي وأخرى لإعادة التوازن الوطني، وفرض احترام نتائج الانتخابات النيابية. وتقول المصادر إن التيار لن يعطّل قيام الحكومة رغم امتلاك رئيس الجمهورية صلاحية عدم توقيع أي تشكيلة حكومية يعتبرها مختلّة ميثاقياً، لأن الوضع الاقتصادي والسيطرة التي تمّت على الحراك وتوجيهها بوجه رئيس الجمهورية، سيحولان دون نجاح رئيس الجمهورية في تعديل الصورة، بل ستتيح معارضة الرئيس الفرصة لتصعيد الهجوم الذي يستهدف عهده.

هذا التمايز الآخذ بالتحوّل إلى تباين بين مقاربة كل من التيار الوطني الحر وثنائي حركة أمل وحزب الله، وخصوصاً حزب الله كحليفين، ولعل هذا ما رتّب الإعلان عن إطلالة للأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله، يُنتظر أن تتناول الملف الحكومي، وتفتح الباب للتساؤل عما إذا كانت كلمة السيد نصرالله ستعدّل المشهد لجهة العلاقة بين التيار والحزب أو لجهة تعامل حزب الله مع طرح الرئيس الحريري لتشكيل الحكومة. وتقول مصادر متابعة إن السيد نصرالله الذي قال مع تشكيل الحكومة المستقيلة إن حزب الله لن يشارك ما لم يشارك حلفاؤه في اللقاء التشاوري قد يكون بوارد قول شيء أشدّ قوة في ما يخص التيار الوطني الحر، مع الأخذ بالاعتبار حساسية الوضع الاقتصادي، والحملة التي تستهدف حزب الله بتهم التعطيل لقيام حكومة جديدة.

لبنانياً، كان حدث هجوم النائب هادي حبيش على مكتب القاضية غادة عون وتهديدها على خلفية ملاحقتها موظفة محسوبة على حبيش بتهم الفساد والهدر والرشوة، على طاولة اجتماع طارئ لمجلس القضاء الأعلى خرج ببيان دعا فيه لملاحقة حبيش من النيابة العامة التمييزية ما يعني التقدّم بطلب لرفع الحصانة النيابية عن حبيش، ما يضع الكرة في ملعب المجلس النيابي في قلب الحملة على الفساد على الصعيد الشعبي والإعلامي.

وأكدت مجموعة الدعم الدولية للبنان في ختام اجتماعها في باريس «أن الحفاظ على استقرار لبنان ووحدته وأمنه وسيادته واستقلاله على أراضيه كافة، يتطلّب التشكيل الفوري لحكومة لها القدرة والمصداقية للقيام بسلة الإصلاحات الاقتصادية، ولإبعاد لبنان عن التوتر والأزمات الإقليمية».

ورأت مصادر مطلعة لـ”البناء” في البيان أبعد من مؤتمر لدعم ومساعدة لبنان للخروج من أزمته المالية والاقتصادية الى التدخل في الشؤون الداخلية، بوضع شروط على تأليف الحكومة كشرط إبعاد لبنان عن التوتر والأزمات الإقليمية، ما فسّرته المصادر على أن “تقييد لبنان من اتخاذ أي خطوة لإعادة النازحين السوريين والانفتاح الاقتصادي على سورية”.

إلى ذلك يطلّ الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله عصر غدٍ للحديث عن آخر المستجدات الداخلية، واللافت أن إطلالة السيد نصرالله ستكون بكلمة متلفزة وفق معلومات “البناء” وليس في إطار مناسبة، ما يدلّ على أن “مستجدّات حصلت خلال الأيام القليلة الماضية فرضت إطلالته، وهذه المستجدات بحسب مصادر مطلعة لـ”البناء”: “موقف وزير الخارجية الأميركية مايك بومبيو الذي اعتبر حزب الله إرهابياً بمعرض حديثه عن تأليف الحكومة ما أشّر الى رفض أميركا مشاركة الحزب في الحكومة. وهذا ما لن يقبل به حزب الله. أما التطور الثاني فهو كلام المندوبة الأميركية في الأمم المتحدة التي أعلنت بوضوح أن بلادها تدعم الثورات في المنطقة، أما الثالث فهو البيان الخطير لمجموعة الدعم الدولي في باريس الذي تحدّث عن أمرين: الدعم المشروط والتزام لبنان بالحياد عن الصراعات الإقليمية؛ ما يعني بحسب المصادر تجميد إعادة النازحين السوريين إلى سوريا ومنع انفتاح لبنان الاقتصادي على سوريا”، وتكتسب كلمة السيد نصرالله أهمية أخرى في أنها تأتي قبل يومين من موعد الاستشارات النيابية الملزمة، ما يؤشر الى أن موقف حزب الله سيكون حاسماً كما الاستشارات ستكون حاسمة وغير قابلة للتأجيل، بحسب مصادر بعبدا.

وفيما كان متوقعاً أن يعلن رئيس التيار الوطني الحر موقفاً نهائياً من موضوع الحكومة، رجحت مصادر التيار لـ”البناء” أن يعلن اليوم عدم تسمية التكتل للرئيس سعد الحريري في استشارات الاثنين، وعدم المشاركة في الحكومة والانتقال الى معارضة الحكومة والتعامل معها على “الملفّ”. ونقلت وكالة “الأناضول” عن مصدر مقرّب من باسيل قوله إنه “من المرجّح عدم مشاركة التيار بالحكومة لأنه لا يريد أن يكون شاهد زور بعد تجربته مع رئيس حكومة تصريف الأعمال سعد الحريري”.

إلا أن حزب الله بحسب مصادر “البناء” يرفض انتقال حليفه التيار الى المعارضة، كما حمل رئيس المجلس النيابي نبيه بري النائب العوني سليم عون رسالة الى باسيل يطلب فيها أن حركة أمل ترفض بقاء التيار خارج الحكومة وتمنّيه مشاركته في الحكومة يتعاون فيها الجميع لإنقاذ لبنان.

وأعلن النائب علي بزي أنه سيتمّ عقد جلسة نيابية لمناقشة موازنة 2020 قريباً. وعقب لقاء الأربعاء، نقل عن بري قوله إن اجتماع مجموعة الدعم الدولي في باريس إشارة قوية لاهتمام المجتمع الدولي بلبنان أكثر من نيّة عدد من اللبنانيين الآخرين. وتابع “الرئيس بري متخوّف على مستقبل البلد في ظل أزمات تستوجب السرعة في حسم الملف الحكومي”. وركز بري على أهمية توفير الأمن الصحي والاجتماعي والحياتي والاقتصادي للمواطن اللبناني الذي عانى ويعاني جراء اعتكاف الوزارات والإدارات المعنيّة عن تحمّل مسؤولياتها وتفادي الكارثة التي ألمّت بالمواطنين جراء السيول، آملاً ألا يتكرّر المشهد مجدّداً ونهائياً وبانتظار المحاسبة والمتابعة من قبل اللجان المسؤولة التي تتابع الأمر”.على صعيد آخر، أثار مشهد تهجم نائب المستقبل هادي حبيش على القاضية غادة عون في قصر عدل جبل لبنان امتعاضاً واعتراضاً سياسياً وشعبياً وقضائياً واسعاً، لا سيما أن الاعتداء وضع في إطار تصفية حسابات سياسية. وفي المقابل طلب مجلس القضاء الأعلى بعد اجتماع استثنائي له من النائب العام التمييزي اتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة لملاحقة النائب المحامي هادي حبيش. مستنكراً ما تعرّضت له عون، وأعلن “دعمه الكامل للقضاة الذين يقومون بمهامهم القضائية بكل صدق وشفافية وحريّة، منوّهاً بما يعملون له في سبيل تحقيق العدالة وحماية أصحاب الحقوق، مع إبداء الاستعداد لمعالجة أي خلل مدّعى حصوله وفقاً للأصول القانونية”.