Beirut weather 19.41 ° C
تاريخ النشر June 30, 2020
A A A
إنه الانهيار: هل تطيّر استقالة بيفاني خطة الحكومة ومفاوضات الصندوق؟
الكاتب: سابين عويس - النهار

أي مستوى من الانهيار بلغته البلاد، يفكك حكم المستشارين ويدفع بهم الى الاستقالة الواحد تلو الآخر، تحت ذريعة انتصار سلطة المجلس النيابي والمصرف المركزي والمصارف على سلطة الحكومة، ولأن اي منهما يرفض ان يكون شاهداً على الانهيار!

فبعد نحو ثلاثة أسابيع على تفكيره الجدي في الاستقالة ومفاتحته وزير المال بها، وتريثه بناء لطلب الاخير الذي يكن له التقدير، حسم المدير العام لوزارة المال الان بيفاني خياره وفعلها، مفاجئاً الوسط السياسي والمالي باستقالته، طارحاً أكثر من علامة استفهام، ليس حول حيثية القرار وتوقيته فحسب، وانما في التداعيات المرتقبة له. ذلك ان بيفاني يشكل احد الأعمدة الاساسية للخطة الحكومية، وللفريق الرسمي المفاوض مع صندوق النقد ورأس الحربة في المواجهة الحاصلة بين الحكومة وبين لجنة تقصي الحقائق النيابية ومن ورائها، لجنة المال والموازنة ونصف المجلس الذي شارك في اجتماعات هذه اللجنة وأعرب عن رفضه لخطة الحكومة وتبنيه للمقاربة التي خلصت اليها.

وابرز الاسئلة المطروحة في الوسط الحكومي تتعلق بمصير الخطة ومصير المفاوضات مع الصندوق بعد خروج عضوين أساسيين من فريق وزارة المال منها. وبعبارة أصح، هل باستقالة مدير عام ومستشار تفقد الخطة أبويها، وهل سيبقى في الحكومة من يتبناها، بعد التصدع الذي اصابها جراء الاستقالتين؟

فاستقالة بيفاني هي الثانية من ضمن الفريق الرسمي المفاوض مع صندوق النقد الدولي، ومن ضمن فريق وزارة المال تحديداً، بعد استقالة المستشار هنري شاوول قبل نحو أسبوعين. والمفارقة ان ثمة في الاوساط الحكومية من بدأ يشعر بالتردد حيال الخطة ويتخوف من فقدان لبنان صدقيته وجديته تجاه الصندوق، غافلاً ان وزير المال هو من يترأس الوفد المفاوض، ويمكنه في اي وقت ان يعين بديلين عن المستشارين، ويمضي في المفاوضات، ذلك ان الصندوق يتعامل مع الجهة الحكومية الرسمية وليس مع المستشارين، حتى لو كان هؤلاء هم من أعد الخطة! وعليه، فإن السيناريو المرتقب لما بعد خطوة بيفاني سيحددها مجلس الوزراء في جلسته المنعقدة اليوم في قصر بعبدا، والتي على اساس مقرراتها يتبين ما ستكون الخطوة الحكومية المقبلة. هل يقبل باستقالة بيفاني ويسمي مديرا عاما بالوكالة، او يرفضها؟

بحسب المعلومات المتوافرة حتى المساء، وبعد ان وضع بيفاني استقالته في تصرف رئيس الجمهورية قبل ان يعلنها من نادي الصحافة ويسلمها الى وزير المال، تستبعد مصادر حكومية ان تتم الموافقة على الاستقالة. في المقابل، سيفتح المجلس ملف المصرف المركزي مجدداً من باب السؤال اين اصبح التدقيق المالي الجنائي، في رسالة واضحة الى حاكم المصرف المركزي، بأن المحاسبة مستمرة، ولم تطو صفحتها بعد، وماضية حتى النهاية.

وفيما الاختلاف على أشده بين اي مقاربة يجب الاعتماد: مقاربة الخطة الداعية الى تصفير الخسائر وإجراء الاقتطاع على الدين بالليرة، او مقاربة المجلس النيابي والقطاع المالي الداعية الى اعادة جدولة الدين اللبناني، على قاعدة ان الوقت يعالج الخسائر.

في مفهوم بيفاني المستقيل ان عامل الوقت يعمق الازمة، وان الصندوق السيادي الذي تقترحه خطته، يحب ان يكون آخر المعالجات.

في مفهوم لجنة تقصي الحقائق ومن يقف وراءها ان لبنان دولة وليس شركة خاصة، ولا يمكن تصفيتها. وشراء الوقت في ظل تنفيذ جدي للاصلاحات المقترحة كفيل باستعادة الثقة وتأمين الدعم الخارجي تمهيداً لاعادة إنعاش البلد ووضعه على طريق التعافي.

اي خيار سينتصر؟ لم يعد الامر مهما ما دامت السلطة بكل اوجهها امعنت في اغراق البلاد في الانهيار. وهي التي كان يجب عليها منذ البداية عدم التفرد في وضع خطة لا تلقى الاجماع الوطني، وموافقة البرلمان الذي يعود له ان يدرس ويقر ٢٢ مشروع قانون واردة في الخطة!

ولم يعد رأي الصندوق الذي تعول عليه اوساط حكومية مهماً، لان لا آذان صاغية له داخلياً. فالصندوق، كما المجتمع الدولي يطالب بتطبيق الاصلاحات، ويطالب بعدم التوقف عند الارقام، بل المضي في بحث الخطة بكل بنودها، ولا سيما الرد على اسئلة الصندوق في شأن خطة الكهرباء والمالية العامة ومكافحة الفساد.

هذا يدفع الى السؤال هل استشعر اصحاب المصالح في ملف الكهرباء اقتراب الصندوق من طرح الاسئلة المحرمة، فقرر ان يطيح به على خلفية الخسائر المالية قبل ان يصل الى بيت القصيد؟
سؤال يُسأل!