Beirut weather 23.41 ° C
تاريخ النشر November 16, 2018
A A A
إنها معاناة وطنٍ وشعب!
الكاتب: الياس الديري - النهار

لن نعود الى التفاصيل التي نكَّدت الحياة اللبنانية على امتداد سنوات طوال. الا أن ذلك لا يمنعنا من مصارحة مَن يجلسون على كراسي المسؤولية بأن الوضع اللبناني برمته، وبكل فئاته وأحزابه وتكتلاته، يحتاج الى حركة تصحيحيَّة. بل الى الكثير من العلاجات والتصويبات والتصحيحات.

دولة بحالها، بكل مؤسّساتها، بكل تاريخها وأمجادها، بكل أزماتها، برمتها، تحتاج الى دولة.

فالدولة الموجودة تكاد تكون كل شيء الا الدولة. فالتة بكل معنى الفلتان. سائبة… فيما حديث الفساد يطغى على كل ما عداه من أحاديث. وعلى امتداد الجغرافيا والتاريخ. ومن الفجر الى النجر. أينما حللت تسمعها منهم: ودائماً الدولة ضائعة. مصادرة.

بل الوضع اللبناني برمته، بكل علاته، بكل آفاته، يحتاج الى مسؤول لا يتردّد في كشف الستارة عن المغارة. ويحتاج الى صريح يصارح الشعب اللبناني المعتَّر بكل ما يحصل فوق الأرض وتحتها. خلف الجدران وداخلها. وبالتالي يكشف كل العلل والمآسي والكوارث التي أكلت الأخضر واليابس، ولم تترك نهراً أو جبلاً، ولم يسلم منها سهل أو شاطئ… أو نهر.

والى ذلك كلّه، اليك الإهمال، خصوصاً اذا كان ذوو النفوذ والدالة شركاء في المواضيع التي أوصلت لبنان الى هذه الحالة البائسة، والى هذا الانهيار الاقتصادي الذي لم يترك أسواقاً أو حقولاً، ولم يوفّر قهراً الا منحه لذوي الدخل المحدود.

وكل ما حصل ولا يزال يحصل على حساب الدولة، وفي غياب الحكومة المغيّبة بقرارات همايونية يصدرها هذا المرجع أو ذاك المدعوم، سيظل يحصل. وسيزداد. ولن يوقفه هذا المسؤول أو ذاك. سواء تألَّفت الحكومة بصحبة عضو الثامن من آذار أم بدونه، وسواء بسواء اذا امتدَّ الفراغ والتسيُّب الى أسابيع أو أشهر…

دولة سارحة في هذا الفراغ المدمّر، وما من رادع يردع. سارحة، أو سائبة، لا فرق.

يحتاج لبنان الى أكثر من حكومة تكون مجرَّد هيئة دستورية، والى مسؤولين يذكِّرون اللبنانيين بأمثال الرئيس فؤاد شهاب، أو كميل شمعون. وغيرهما، فالمسألة ليست كناية عن تذكّر أناس فعلوا فحسب، إنما هي لتذكير الحكّام دائماً أنهم يستطيعون جعل الدولة ومؤسساتها مثل الساعة، وأدقّ أيضاً.

أجل ان لبنان يحتاج الى الكثير بالنسبة الى أموره، وأحواله، وسياساته، وعلاقاته مع الخارج وانعكاساتها على الداخل، وحجم الأضرار التي تنعم بها على هذا البلد اليتيم.

عاجزون عن تأليف حكومة منذ شهور، فماذا ينتظر منهم المواطن العادي، وماذا يتوقع من كانوا عشّاق لبنان صيفاً وشتاءً وربيعاً وخريفاً؟

إنها معاناة وطن يشبه الأيتام.