Beirut weather 20.74 ° C
تاريخ النشر August 22, 2025
A A A
إنهاء مهمة اليونيفيل استبعاد الشاهد على الاعتداءات الإسرائيلية
الكاتب: غاصب المختار

 

كتب غاصب المختار في “اللواء”

بات من المسلَّم به لدى الدول المعنية بالتجديد لقوات الطوارىء الدولية – يونيفيل – في جنوب لبنان بعد ثلاثة أيام، لا سيما الدول المشاركة فيها، ان الاقتراح الأميركي – الإسرائيلي بخفض عديدها وبإنهاء مهمتها ولو تدريجياً، سيسبب فراغاً أمنياً كبيراً في الجنوب ويفتح الوضع على تطورات جديدة غير محسوبة، بخاصة ان الاحتلال الإسرائيلي لم ينفذ المطلوب منه في اتفاق وقف إطلاق النار ويعيق انتشار الجيش اللبناني في كامل منطقة جنوب نهر الليطاني. واعتبر بعض هذه الدول أنّ إنهاء مهمة اليونيفيل يضيف أعباء كبيرة على لبنان وعلى الجيش اللبناني الذي ما زال يسعى لزيادة عديده في المنطقة الحدودية، كما «يريح حركة حزب الله في المنطقة الحدودية».
وثمة أمر مهم آخر يتعلق بوجود قوات اليونيفيل، هو رغبة الكيان الإسرائيلي المحتل في استبعاد هذه القوات، كونها شاهداً على ممارساته العدوانية وعلى المجازر التي ارتكبها الاحتلال منذ بدء مهامها وحتى الآن، وهي كلها موثّقة وباتت في عهدة مجلس الأمن الدولي وأعضاء الجمعية العامة للأمم المتحدة، ويمكن استخدامها متى سمحت الظروف والتوازنات وعدم الاعتراض الأميركي «بالفيتو»، لإدانة الكيان الإسرائيلي وإحالته الى المحاكم الجنائية الدولية.
وتسعى إسرائيل وبدعم أميركي من وراء الضغط على مجلس الأمن لإنهاء مهمة اليونيفيل ولو بعد عام، الى حصر تعاملها مع لبنان من دون وسيط وشاهد دولي، وجرّه الى مفاوضات مباشرة معها تتخذ الطابع الأمني بداية، ثم قد تتحوّل الى مفاوضات سياسية وتحت الضغط السياسي ونار العدوان، لتحقيق مكاسب سياسية كبيرة، وفرض الشروط عند إجراء مفاوضات تثبيت الحدود البرية، وربما تعديل الحدود البحرية، ولا سيما ان لبنان لم يستفِدْ من اتفاق ترسيم الحدود البحرية كما استفاد الكيان الإسرائيلي بإستخراج النفط والغاز من البحر.
وإذا كانت حجّة الإدارة الأميركية والكيان الإسرائيلي ان قوات اليونيفيل فشلت في مهمتها بمنع تمدد حزب الله وإقامة منشآت عسكرية كبيرة وقوية له في الجنوب، فإن سبب ذلك حقيقة هو تمادي كيان الاحتلال في عدوانه وخروقاته لكل الاتفاقات الموقّعة مع لبنان منذ السبعينيات والثمانينيات واجتياح العام 1982، مرورا «بإتفاق نيسان» وغيره وما قبله وبعده، وصولاً الى الاتفاق الأخير في تشرين الثاني من العام الماضي، الذي رعته الإدارة الأميركية والقاضي بوقف إطلاق النار وتطبيق القرار 1701، حيث تفلتت إسرائيل من كل الضوابط التي حدّدها الاتفاق لوقف العمليات الحربية العدائية.
وتدرك الإدارة الأميركية ان إنهاء مهمة اليونيفيل، وتراجع المقاومة في الجنوب وجمع سلاحها من دون ضمانات فعلية بحماية لبنان، يترك «الحبل على غاربه» أكثر مما هو متروك للكيان الإسرائيلي لتحقيق مزيد من المكاسب على حساب الأرض والبحر، وعلى حساب السيادة اللبنانية التي فرضت هذه الإدارة تحت مظلتها وشعارها وبحجّتها شروطها في ورقة الموفد طوم برّاك، وبخاصة مع ضعف امكانيات الجيش اللبناني الدفاعية ومنع تسليحه، حتى منع احتفاظه بأسلحة المقاومة الثقيلة في حال جرى تسليمها للجيش، لأنها تعتبر أن ذلك يشكّل تهديداً خطيرا على كيان الاحتلال.
ومع غياب القوة الدولية في الجنوب وتعثّر تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار بسبب عدم التزام ومطامع الكيان الإسرائيلي، وفي حال فشلت عملية تسليم سلاح المقاومة، تتزايد الاحتمالات بحصول توترات على الحدود الجنوبية لا يمكن لأي طرف أن يتوقع أو يحسب مداها وتطورها، بما يعني فشل كل الجهد اللبناني والأميركي والدولي بتهدئة الساحة اللبنانية، إذا لم تفرض الإدارة الأميركية على كيان الاحتلال تنفيذ كامل المطلوب منه وتوفير الضمانات الأكيدة بحماية لبنان من أي اعتداء كما قال الرئيس نبيه بري.
عدا ذلك، تحاول الإدارة الأميركية فرض قرارها على كافة أعضاء مجلس الأمن الدولي المؤيدين لبقاء اليونيفيل والتجديد لها سنة بعد سنة، وهي تهدّد بإستخدام حق النقض – الفيتو – إذا لم تُرضِها الصيغة الفرنسية النهائية لقرار التجديد، مع انها لحظت المطلب الأميركي بالخفض التدريجي لعديد اليونيفيل ومن ثم احتمال إنهاء مهامها بعد ستة أشهر من انتهاء الولاية في شهر آب 2026. لكن يبقى انتظار الموقفين الروسي والصيني ومدى تجاوبهما مع كامل المطالب الأميركية، مع ان الترجيحات تشير الى احتمال موافقة الدولتين على الصيغة الفرنسية لأنها جاءت بعد مداولات طويلة مع أعضاء مجلس الأمن حولها.