Beirut weather 17.99 ° C
تاريخ النشر August 26, 2020
A A A
إنفجار من نوع آخر يهدّد صحّة اللبنانيين
الكاتب: ناريمان شلالا - الديار

نكبة مرفأ بيروت المؤلمة، تطرح أسئلة عديدة حول صلاحية البضائع المتواجدة في المرفأ، لا سيّما الغذائية منها، والتي تعرّضت للحرارة والدخان اللذين نتجا من إنفجار واشتعال نترات الأمونيوم. يبقى القمح «سارق الأضواء»، لكونه مادّة اوّليّة ضروريّة تعاني ما تعانيه من مشاكل في لبنان. إنّ رفع الدعم عن القمح، والذي سيؤدّي إلى زيادة في الأسعار، لا يقلّ خطورة عن إحتمال فقدان القمح من الأسواق. فمع صعوبة استيراد القمح، رفضت وزارة الاقتصاد شراء إنتاج القمح للعام 2020 من المزارعين اللبنانيين، والذي يقدّر بـ 60 ألف طن من أجود أنواع القمح، كما وأنّها لم تسدّد مبالغ العام 2019 المستحقّة حتّى الساعة.

يُشاع حالياً أنّ القمح في الإهراءات المتضرّرة في المرفأ قد يكون صالحًا للاستهلاك، الأمر الذي ينفيه رئيس مجلس إدارة مصلحة الأبحاث العلمية الزراعية ومديرها العام الدكتور ميشال افرام. ويؤكّد افرام، أنّ قمح الإهراءات وبعد تعرّضه لإنفجار 4 آب 2020 هو للتّلف. قمح المرفأ أصبح مكشوفًا على كل أنواع التلوّث، وقد يحتوي على أجزاء بشرية لأشخاص استشهدوا في الإنفجار، ويرى أنّه لا يجوز استهلاك هذا القمح حتّى من الناحية الإنسانيّة.
بعيدًا عن إنفجار المرفأ، وتزامنًا مع ارتداداته المؤسفة، إنفجار جرثومي يهدّد حياة اللبناني، إذ بات مشهد النفايات المتراكمة في معظم المناطق اللبنانية مألوفًا. فقد انضمّت أزمة النفايات إلى أزمات البلد المزمنة. وعلى الرغم من الدراسات والتقارير البيئية التي دقّت ناقوس الخطر منذ العام 2015 وحتّى اليوم، تحوّلت نفاياتنا إلى ملف، ينتظر التراضي بين الأطراف المعنيّة على كيفيّة توزيع الأرباح فيما بينهم. وإلى أن يحققوا مكاسبهم، أعلنت مصلحة الأبحاث العلمية الزراعية، أنّ النفايات المرميّة والمتراكمة تحت أشعة الشمس تصبح بؤرة للبكتيريا والجراثيم. فبحسب تحاليل المصلحة المخبرية، عندما تتجاوز درجة الحرارة الـ 30 درجة وتبلغ نسبة الرطوبة الـ 80% ، تتكاثر نسبة الجراثيم الضارّة من ايشيريشيا كولي «E coli» والمكورات الذهبية «Staphylocoques» إضافة إلى معادن ثقيلة مثل الزئبق والكادميوم والرصاص. وبهذا، تصبح النفايات «قنبلة جرثومية».
وفي هذا الإطار، يشدّد الدكتور ميشال افرام، على ضرورة رفع النفايات ورش الكلس أو المواد المطهّرة في أماكن تواجدها وفي محيط المستوعبات. ويشرح افرام أنّ عصارة النفايات الممتلئة بالجراثيم ترافقنا، لأنّها تلتصق بالأحذية وبالملابس وبالسيارات، ما يجعلها منتشرة. ويتخوّف من هطول الأمطار في شهر أيلول المقبل، مع درجات الحرارة المرتفعة نسبيًّا، ما سيزيد عامل تخمّر النفايات وتكاثر الجراثيم.
من القمح الى زيت الزيتون، مشاكل مستجدّة تهدّد اللبناني في مأكله. ففي عزّ الأزمة الاقتصادية، يلجأ البعض إلى استغلال ظروف المواطن المعيشيّة. بعد أن أجرت مصلحة الأبحاث العلمية الزراعية فحوصًا مخبرية لزيت الزيتون، أبلغت الجهات الرسمية المعنيّة بأنّ الزيت مغشوش. وبناءً عليه، حذّرت المصلحة من آثاره الضارّة على الصحة. وفي التفاصيل، يوضح الدكتور ميشال افرام، أنّ العينات التي تمّ فحصها هي من مناطق لبنانية مختلفة. فهناك زيت زيتون يُباع في الأسواق من دون أي علامة تجارية، بحيث يزعم البائع أنّه زيت زيتون «بكر وبيتي»، ويتراوح سعره ما بين الـ 150 إلى الـ 200 ألف ليرة لبنانية. في حين أنّ الزيت المطابق للمواصفات والصالح للأكل، يتراوح سعر التنكة الواحدة بين الـ 100 والـ 150$ ، أي ما يزيد عن المليون ليرة لبنانية. يوصي افرام المستهلك اللبناني بشكل عام، وأصحاب المؤسسات التي تستهلك زيت الزيتون بكميات كبيرة بشكل خاص، بأخذ عينات من الزيت وفحصها في أحد مراكز مصلحة الأبحاث العلمية الزراعية قبل شرائها، وإلى أخذ الحيطة والحذر من الأسعار غير المقنعة.
في المأكل كما في المشرب، حتّى اليوم لم تتّخذ وزارة الداخليّة والبلديّات أي إجراء جدّي، لجهة وقف استخدام الآبار الإرتوازية لضخّ المجارير فيها بهدف التخلّص من مجارير الأبنية، الأمر الذي يلوّث المياه الجوفية بشكل خطير. وكان الدكتور ميشال افرام قد طلب من الجهات المعنيّة في كتاب، التحرّك في هذا الصدد، انطلاقًا من تقرير مصلحة الأبحاث البيئي السنوي الصادر في العام 2019. وفي الختام، المحاذير كثيرة والمشاكل عديدة والرقابة غائبة، فهل من سيولي صحّة المواطنين اهتمامًا؟ ألم يَحِن الوقت لمعالجة كل ما يهدّد الأمن الغذائي؟ يطلب الدكتور ميشال افرام، من كل مواطن أن يكون مسؤولا وخفيرًا، ويعلن أنّ مصلحة الأبحاث العلمية الزراعية، وعلى الرغم من ظروف التعبئة العامة والأزمات الاقتصادية، تفتح أبوابها لكافة المواطنين، وتستقبل العينات في أي وقت، وتؤدّي واجبها على أكمل وجه.