Beirut weather 22.41 ° C
تاريخ النشر February 14, 2018
A A A
إلى امتحان النسبيّة…
الكاتب: الياس الديري - النهار

بات من لزوم ما يلزم انتقال البلد سياسيّاً وشعبيّاً إلى ساحات الانتخابات، ووجوب جلاء بعض الالتباسات المُبعثرة في بعض النصوص النسبيَّة. لا وضوح تامّاً في هذا الخصوص، إنّما ثمّة تلميحات وتصريحات، مُقتضبة هنا وموسّعة هناك، تشير إلى ارباكات وتناقضات لا بدّ من إخضاعها للمعالجة والتصويب قبل أن يفوتنا قطار المهلة القانونيّة.

هذه الإشارة، أو هذه التلميحة هنا، ما هي إلّا من باب لفت كبار المسؤولين وكبار المعنيّين بالاستحقاق “التاريخيّ” الذي حلَّ محلّ قانون ربض كفايةً وطويلاً على صدر لبنان الدولة والسلطة والشعب، وهو غنيٌّ عن التعريف. وهل يخفى قمر الستّين؟

خلال “جلسة نسبيَّة” أمس مع بعض النوّاب وعدد من الخبراء والطامحين بدا جليّاً أن الارتباك سيِّد الموقف، وسيِّد الساحة. حتّى التكتّلات والتحالفات الكبرى لديها المشكلة ذاتها، وتتحدّث عن “مراجعات” لا بدَّ منها خلال ما تبقّى من الوقت الضيّق. والمقصود هو قانون النسبيَّة طبعاً.

وثمّة غموضٌ، وضياعٌ، وحيرة، على أكثر من صعيد في هذا الخصوص وبالنسبة إلى قدامى المتحالفين مع هذا الحزب أو ذاك التيّار. وسمعنا من الحضور تحليلات تشير بصراحة تامّة إلى تفكُّك عدد كبير من الكتل “التاريخيّة”، واحتمال انفكاكات مُتعدِّدة، ونشوء تكتّلات جديدة. إلّا أن المُهم في الأمر هو عدم الوضوح على صعيد “التعاون” و”التحالف”، حتّى بالنسبة إلى قدامى “الأعضاء المخلصين”.

المطلوب، هنا، انتقال البلد والناس ورؤساء التكتّلات الواسعة النفوذ من ساعة الانتظار إلى ساحة الاندماج والانخراط في الورشة الكبرى. فالساحة السياسيَّة ليست مُجنَّدة بكل مَنْ فيها لنفط الأعماق، والتسريبات الحدوديَّة التي لها من يقرأ ما بين سطورها وما الهدف الفعلي من التلويح بمراوحها. فلبنان اليوم يُشبه المصاب بالشلل الخفيف، أو المفروض لأسباب أخرى.

من هنا يلحُّ قدامى الخبراء والعقلاء على التعجيل في فتح الساحات الانتخابيَّة، والإسراع في تقويم اعوجاجات النسبيّة إذا ما وُجِدَت. انها الانتخابات الأولى التي كثرت المراهنات حولها كونها جديدة في قانونها، وكون قانونها ينطوي في عدد من مواده ونصوصه على ما يؤدّي تلقائيّاً إلى أكثر من مفاجأة.

وقد سمعتُ من مراجع مُطّلعة ان انتخابات هذه الدورة هي امتحان جدّي، ودقيق، ومُعقّد، وصعبٌ في نصوصٍ ونواحٍ مُتعدّدة. الاختلاف كبير بين قانون الستّين وقانون النسبيّة. فالنصّ الجديد يحتاج إلى مَنْ يوضحه حتّى بالنسبة إلى المرشّحين الجدُد، والى الذين اعتادوا سهولة تركيبة الستّين وأسلوب استعماله الذي حفظ عن ظهر قلب.

افتحوا بوابة الانتخابات ودروبها أمام الناس، ليتمرّنوا على النسبيّة.