Beirut weather 18.41 ° C
تاريخ النشر October 1, 2020
A A A
إقرار مجموعة مــن الـقوانـيـن المُهمّة بـنــصاب مَحدود
الكاتب: ناجي س. البستاني - الديار

بعد أن كان إنعقاد الجلسة التشريعيّة مُهدّدا صباح أمس بسبب الخلافات على قانون العفو، نجح رئيس مجلس النوّاب نبيه برّي في تأمين النصاب ولوّ بعدد مَحدود لأسباب عدّة، وذلك بعد أن بدّل موقع بند مشروع قانون «العفو العام» من أعلى لائحة مشاريع القوانين، إلى مرتبة مُتأخّرة، للحؤول دون مُقاطعة تكتّل «لبنان القوي» للجلسة، الأمر الذي كان ليتسبّب بغياب الميثاقيّة الطائفيّة عن الجلسة، ناهيك عن فُقدان النصاب. وعلى الرغم من ردّ بعض مشاريع القوانين، كانت الجلسة التشريعيّة مُثمرة بشكل عام، حيث جرى إقرار مجموعة من مشاريع القوانين المُهمّة نسبيًا، منها على سبيل المثال لا الحصر، قانون الإثراء غير المشروع لكن دون أن يطال كبار المسؤولين، وقانون الدولار الطالبي وفق سعر صرف يبلغ 1515 ليرة لبنانية، إضافة إلى تعديل المادة 47 من قانون أصول المُحاكمات لجهة الحقّ بحُضور محام حتى خلال التحقيقات الأوّليّة، وإقرار البند الخاص بعدم السماح ببيع الأملاك المُتضرّرة جرّاء إنفجار المرفأ، إلخ. لكنّ الثغرة التي إنعكست سلبًا على الجلسة التشريعيّة ككل، تمثّلت في الإنقسامات والخلافات بين الكتل النيابيّة بشأن قانون العفو العام، والتي أخذت أبعادًا سياسيّة وطائفيّة ومذهبيّة.

وفي هذا السياق، أوضح مصدر نيابي أنّ الأمور كانت ذاهبة إلى إنقسام طائفي بغيض، وحتى إلى تطيير جلسة المجلس من أساسها، أي بشقّها الصباحي وليس المسائي فحسب، عبر مُقاطعة مسيحيّة شبه كاملة لها. وأوضح أنّه بسبب إستقالة مجموعة من النوّاب ذات الأغلبيّة المسيحيّة قبل فترة، وبعد إعلان كتلة حزب «القوّات اللبنانيّة» مُقاطعة الجلسة، جاء تهديد كتلة «التيّار الوطني الحُرّ» بعدم الحُضور، ليجعل المُضيّ بالجلسة التشريعيّة كما كان مُقرّرًا سابقًا غير مُمكن على مُستوى الميثاقية الطائفيّة. وتابع المصدر نفسه أنّ رئيس مجلس النوّاب نبيه برّي الذي أجريت معه سلسلة إتصالات قُبيل موعد إنطلاق الجلسة، إرتأى عندها سحب بند «قانون العفو» مُوقّتًا من جدول الأعمال، لتأمين المُضيّ قُدمًا بباقي القوانين، وهكذا كان، بحيث حضر نوّاب تكتّل «لبنان القوي»، وتأمّن النصاب، مع إحتفاظ نوّاب «التيّار» بقُدرتهم على الإنسحاب من الجلسة في أيّ وقت، وعلى تطيير هذا النصاب الضعيف، بمُجرّد إعادة طرح قانون العفو من دون حُصول توافق مُسبق حوله.

وأشار المصدر النيابي إلى أنّ قانون العفو العام كان يُواجه أصلاً عقبة أخرى، غير عقبة المُقاطعة المسيحيّة للجلسة ككل، تمثّلت في رفض نوّاب كتلة «المُستقبل» ونوّاب «كتلة الوسط المستقلّ»، وبعض النوّاب الآخرين، الصيغة التي جرى توزيعها مُسبقًا لقانون العفو. وكان عدد كبير من النوّاب السُنّة يُهدّدون بإفشال الجلسة، وبإفشال تمرير قانون العفو، في حال لم يتمّ تعديل صيغته،ليستفيد عدد أكبر من «الإسلاميّين» المَسجونين من بُنود الخروج من السجن ومن بُنود خفض فترة العُقوبة. وقال إنّ كلّ هذه الأسباب مُجتمعة دفعت رئيس مجلس النوّاب إلى تشكيل لجنة نيابيّة، ومنحها مُهلة ثلاث ساعات فقط، هي عمليًا الفترة الفاصلة بين الجلسة الصباحيّة والجلسة المسائيّة،لتأمين صيغة توافقيّة من شأنها إنقاذقانون العفو من السُقوط مُجدّدًا، تجنّبًا للتعرّض مرّة أخرى لإحراج كبير أمام أهالي السُجناء والمَطلوبين، بفعل الفشل المُتكرّر بتأمين إخراج المساجينوإسقاط المُلاحقات عن المَطلوبين.

وأشار المصدر النيابي إلى أنّ الإنقسامات السياسيّة والمُزايدات الطائفيّة والمذهبيّة قبل الجلسة وخلالها، داخل قاعة الأونيسكو وخارجها، إنعكست سلبًا على كامل مُجريات الجلسة التشريعيّة، وليس على قانون العفو العام فحسب، لافتًا إلى أنّ نَسِب النوّاب والكتل النيابيّة، كلّ مشروع قانون جرى إقراره، لنفسه أو لأنفسهم، يدلّ على غياب العمل التشريعي الجَماعي لما فيه مصلحة وطن بكامله وشعب بكامله، لصالح مكاسب شخصيّة وحزبيّة ظرفيّة! وقال في الختام إنّه مالم تعمل السلطة التنفيذيّة كفريق مُتجانس ومُتضامن، وما لم تعمل السُلطة التشريعيّة كفريق واحد يُكمّل أعضاؤه بعضهم بعضًا، لا يُمكن أن نأمل خيرًا بأيّ مُستقبل مُشرق لهذا الوطن!