Beirut weather 17.41 ° C
تاريخ النشر September 18, 2020
A A A
إفتتاحية “البناء”.. إليكم ما تضمنته
الكاتب: البناء
تحت العنوان “ماكرون أجرى اتصالات بالرياض وواشنطن وبيت الوسط لفصل «المداورة» عن «المبادرة» / أديب مدّد المشاورات للوصول لتفاهم حول وزارة المال مع الثنائيّ بمسعى فرنسيّ/ العقدة بتمسّك الحريريّ بتسمية صاحب التوقيع الثالث… والحل الوسط قيد البحث”، كتبت صحيفة البناء في افتتاحيتها:
 
توضّحت الصورة وسقطت المناورة ومعها المداورة، وحسمت الحلقة الأولى من العقدة المتصلة بالتوقيع الثالث الذي يحمله وزير المال وأصرّ ثنائي حركة أمل وحزب الله على رفض انتزاعه منه بذريعة المداورة. فقد ترتب على استعادة باريس زمام المبادرة في توضيح مضمون الخطة الفرنسية للإنقاذ، ونفي أن تكون المداورة من مكونات مبادرتها، رغم عدم ممانعتها بطرح الأمر من خارج المبادرة إذا لم تترتب عليه نتائج تهدّد مصير المبادرة وتعطل ولادة الحكومة، كما حدث عملياً. وتولى الرئيس الفرنسي امانويل ماكرون إجراء اتصالات بواشنطن، حيث قالت المعلومات إنه تحادث مع وزير الخارجية الأميركية مايك بومبيو معاتباً على كلامه حول لقاء ماكرون برئيس كتلة الوفاء للمقاومة النائب محمد رعد ضمن إطار ما كان متفقاً عليه بين باريس وواشنطن لمضمون الدور الفرنسي، وموضحاً أن المداورة لم تطرح ضمن الخطة الفرنسيّة وبالتالي لا يمكن تحميل مطلب التوقيع الثالث مسؤولية تعطيل المبادرة الفرنسية، طالباً المزيد من الدعم مع نادي رؤساء الحكومات السابقين الذي وصفته مصادر تراقب دوره الصاعد بالحزب الحاكم الشمولي. وقالت المعلومات إن ماكرون اتصل بولي العهد السعودي محمد بن سلمان للغرض نفسه، وأوضح للرئيس سعد الحريري موقف باريس داعياً لتليين الموقف من مطلب الثنائي بالتوقيع الثالث، سائلاً الحريري عن سبب عدم مصارحته بمطلبه قبل السير بالخطة الفرنسيّة لمناقشة الأمر مع الثنائيّ قبل اعتماد الخطة والتفاهم على تسهيل عمل الحكومة بدلاً من الوقوع في مطبات مشابهة لما هو حاصل.
مصادر فرنسية قالت إن الرئيس ماكرون يتولى مباشرة وعبر مدير مخابراته السفير برنار ايميه ومسؤول ملف لبنان في الرئاسة السفير امانويل بون، تفاصيل التفاوض الذي بدأ بمسعى فرنسي بين الرئيس المكلف مصطفى اديب وممثلي الثنائي المعاون السياسي لرئيس مجلس النواب نبيه بري النائب علي حسن خليل والمعاون السياسي للأمين العام لحزب الله الحاج حسين الخليل، حيث تبلغ الثنائي عدم الممانعة بالتوقيع الثالث، مقابل تولي التسمية من قبل الرئيس المكلف، ولما دار النقاش معه وعرضت أمامه المواقف طلب الاستمهال لسؤال مرجعيته التي تتمثل بالرؤساء السابقين للحكومات، بعدما كان أديب زار قصر بعبدا وطلب من رئيس الجمهورية العماد ميشال عون المزيد من الوقت لمزيد من المشاورات تطبيقاً للنصيحة الفرنسية.
العقدة باتت في تحديد مَن يقوم بتسمية وزير المالية بين إصرار الثنائي على التسمية ورفض الحريري لذلك وتمسكه باختيار الوزير، وتدور المساعي الفرنسية لتذليل هذه العقدة، بتقديم مقترحات في منتصف الطريق كمثل تقديم لائحة مختصرة من ثلاثة أسماء من أحد الطرفين يختار الطرف الآخر اسماً منها، وهنا أيضاً عادت العقدة بإصرار الطرفين على القيام بإعداد اللائحة، وثمة مخرج تحدّثت عنه مصادر على صلة بالمفاوضين الفرنسيّين يقوم على طرح أسماء للوسيط الفرنسي من الفريقين لاستكشاف ما إذا تضمّنت اسماً مشتركاً أو أكثر فيتم اعتماده أو الانتقاء من بين هذه الأسماء المتقاطعة، وقالت المصادر إن لا أبواب كثيرة ستفتح لتسمية وزراء، بل استمزاج المكونات الطائفية والسياسية بلوائح اسمية سيتم الاختيار من بينها ومراعاة التفضيل الذي يبديه المعنيون بتمثيل هذه المكونات، لكن عندما تنتهي عقدة وزارة المال، وفيما قالت المصادر إن الموعد الجديد للمهلة هو يوم الاثنين، أبقت الباب مفتوحاً لتمديد جديد إذا تقدمت المساعي ولم يظهر أن الأبواب مغلقة أمام التسويات، وأن نضوجها يحتاج إلى المزيد من الوقت.
لم تفضِ مفاوضات الساعات الأخيرة يوم أمس، إلى نتيجة إيجابية على صعيد تأليف الحكومة، إذ راوحت الأمور حول عقدة وزارة المال “المختلقة” لأسباب سياسية مكشوفة، بحسب ما قالت مصادر ثنائي أمل وحزب الله، الأمر الذي دفع الرئيس المكلف مصطفى أديب إلى اتخاذ القرار بالاعتذار خلال زيارته بعبدا، إلا أنّ دخولاً فرنسياً على الخط استمهل الرئيس المكلّف ثلاثة أيام فاتحاً الباب أمام مزيد من المشاورات تمتد حتى يوم الأحد المقبل.
فاللقاء الذي عُقد بين الرئيس المكلّف وبين المعاون السياسي لرئيس المجلس النيابي النائب علي حسن خليل والمعاون السياسي للأمين العام لحزب الله الحاج حسين الخليل في منزل أديب المؤقت، لم يُحرزْ نتائج إيجابيّة بل على العكس انتهى كما بدأ بتشدد وتشبث بالمواقف، حيث أشارت معلومات “البناء” إلى أنّ الخليلين أبلغا الرئيس المكلف تمسّك الثنائي بحقيبة المال وبتسمية الوزراء الشيعة.
وأفادت المعلومات أن أديب كان يفترض أن يزور عين التينة للقاء رئيس المجلس النيابي نبيه بري، لكنه أحجم عن ذلك مستعيضاً بلقاء مع “الخليلين” قبل زيارته بعبدا.
لكن النائب خليل أوضح في دردشة أنه لم يُحدد موعد لأديب في عين التينة، مشيراً الى أن هناك وجهات نظر مختلفة مع الرئيس سعد الحريري ولكن لا خلاف، والأمور مفتوحة على كل الاحتمالات.
وحمّلت مصادر مطلعة “نادي رؤساء الحكومات والرئيس الحريري مسؤولية عرقلة تأليف الحكومة وإجهاض المبادرة الفرنسيّة حتى الآن من خلال طروحات جديدة مخالفة للأصول والأعراف والقواعد الدستورية تخفي أهدافاً سياسية ورهانات وطموحات شخصيّة لن تصل الى أي مكان سوى مزيد من التأزيم ودفع الأمور الى نفق مجهول، وبالتالي تهديد الاستقرار والسلم الداخلي وطعن الدستور واتفاق الطائف في الصميم”، مشيرة الى أن الحريري يضع العقبات أمام الرئيس المكلف لإسقاطه وإلا ما سبب لزوم فتح مبدأ المداورة لانتزاع المالية من حركة أمل وهو يعلم علم اليقين أن الثنائي متمسك بها ولن يتنازل عنها، فهل هذه العقدة كانت الذريعة لإجهاض مساعي أديب وإحراجه أمام الثنائي والفرنسيين تمهيداً لإخراجه من سباق التأليف؟ علماً أن الحريري كان قد وافق طيلة حكومتين في العهد الحالي على إسناد المالية لحركة أمل وتحديداً للنائب علي حسن خليل، فلماذا فتح هذا الإشكال الطائفي – الدستوري في هذا التوقيت بالذات في ظل الأوضاع الخطيرة التي يواجهها لبنان؟ داعية الفرنسيين للتحرك لإنقاذ مبادرتهم والحكومة العتيدة قبل فوات الأوان، مشيرة لـ”البناء” الى أن “الكرة في ملعب الحريري والرئيس المكلف والفرنسيين”.
وبعيد لقاء الخليلين – أديب، توجه الأخير إلى بعبدا واجتمع برئيس الجمهورية العماد ميشال عون.
وبحسب المعلومات، فإن عون طلب من الرئيس المكلف الاستمرار في الاتصالات الجارية لمعاجلة الملف الحكومي لأنّ الظروف الراهنة في البلاد تستوجب عملاً إنقاذياً سريعاً، لا سيما وأنه مضى 16 يوماً على التكليف والبلاد تنتظر التفاهم على تشكيل حكومة جديدة.
ووضع الرئيس المكلّف عون بأجواء الاتصالات التي أجراها منذ اللقاء الأخير معه وجرى نقاش في السبل الكفيلة بتذليل العقبات من أمام التشكيل، وقد اتُفق على استمرار الاتصالات لتذليل العقبات، وجرى تبادل للآراء بين الطرفين في هذا الإطار. كما عرض عون لأديب حصيلة الاستشارات التي أجراها عون مع رؤساء الكتل النيابية.
وقال أديب بعد انتهاء اللقاء: «عرضت مع فخامة الرئيس الصعوبات التي تعترضنا لتشكيل الحكومة الجديدة. أعي تماماً أنه ليس لدينا ترف الوقت، وأعوّل على تعاون الجميع من أجل تشكيل حكومة تكون صلاحياتها تنفيذ ما اتفق عليه مع الرئيس (الفرنسي ايمانويل) ماكرون»، وأضاف: «اتفقنا مع فخامة الرئيس على التريث قليلاً لإعطاء مزيد من الوقت للمشاورات لتشكيل الحكومة، ونأمل خيراً».
مصادر رئيس الحكومة المكلّف نقلت عنه قوله «إن المهمة التي تم تكليفي على أساسها نتيجة تفاهم غالبية القوى السياسية اللبنانية، هي تشكيل حكومة اختصاصيين غير سياسية، في فترة قياسية، والبدء بتنفيذ الإصلاحات فوراً. وعلى هذا الاساس لم يكن الهدف لا التفرد بالرأي ولا استهداف أحد من المكونات السياسية اللبنانية، بل اختيار تشكيلة حكومية من اختصاصيين. وأي طرح آخر سيفرض تالياً مقاربة مختلفة للحكومة الجديدة. وهذا لا يتوافق مع المهمة التي كلفت من اجلها». واضافت اديب بحسب مصادره: «لأنني حريص على أن تبقى المهمة التي أقوم بها متوافقة مع روحية التفاهم الأساسي على حكومة اختصاصيين، طلبت من الرئيس ميشال عون إرجاء الاجتماع بيننا الى عصر اليوم، لإجراء مزيد من الاتصالات قبل تحديد الموقف النهائي».
ويبدو بحسب أوساط سياسية أنّ المبادرة الفرنسية خدعة للالتفاف على حزب الله والمقاومة عبر استهداف حلفاء الحزب عبر استهداف الرئيس بري من خلال انتزاع المالية منه، وبالتالي تقليص دوره كممثل للطائفة الشيعيّة في الدولة وموقعه الوطني، وبالتالي في مركزية القرار السياسي في مجلس الوزراء، إلى جانب استهداف تيار المردة وحركة أمل بعقوبات مالية دون الأطراف الأخرى. ولفتت الأوساط الى أنّ المبادرة الفرنسية منسقة مع الأميركيين مع تبادل للأدوار بينهما لتقاسم الضغط على المقاومة من جهة والرئيس عون والتيار الوطني الحر من جهة ثانية، لفصل الحلف بين التيار وحزب الله ومسك عصا تأليف الحكومة من الوسط.
ورفضت كتلة الوفاء للمقاومة «بشكل قاطع أن يسمّي أحد عنا الوزراء الذين ينبغي أن يمثلونا في الحكومة أو أن يضعوا حظراً على تسلم المكون الذي ننتمي إليه حقيبة وزارية ما وخصوصاً وزارة المالية». واضافت «محاولات البعض الاستقواء بالخارج لتشكيل حكومة مزوّرة التمثيل هي محاولات ترمي إلى تجويف المبادرة الفرنسية». واستغربت أن ينحو بعض من يشكّل الحكومة في الظل إلى مصادرة قرار المكوّنات الأخرى بعد منع الرئيس المكلف من التشاور مع الكتل واستحداث آلية جديدة تقضي بمنع المكونات من تسمية وزرائهم والإخلال بالتوازن عبر انتزاع حقيبة المالية منا». وشجبت «الدور الأميركي البالغ السلبية لضرب كل الجهود المبذولة لتشكيل حكومة في لبنان تنهض بمهام المرحلة الراهنة».
وفي توقيت مريب تزامن مع شدّ الحبال في عملية تأليف الحكومة، وبعد تهديدات أطلقتها دوائر وجهات تدور في الفلك الأميركي، فرضت وزارة الخزانة الاميركية عقوبات على شركتين وأحد الأفراد لصلاتهم بحزب الله، بحسب ادعائها.
كما أدرجت الخزانة الأميركية اللبناني سلطان خليفة أسعد على شركتي «أرش» و»معمار» اللبنانيتين على قائمة العقوبات لارتباطهما بحزب الله، كما ادعت. وزعمت أن «حزب الله يستغل من «آرتش» و»معمار» لإخفاء تحويلات الأموال إلى حساباته الخاصة ما يزيد من إثراء قيادته وأنصاره ويحرم الشعب اللبناني من الأموال التي يحتاجها بشدة».
كما ادعت أن «الخزانة الأميركية أن حزب الله عمل مع الوزير السابق يوسف فنيانوس لضمان فوز الشركتين بعروض للحصول على عقود حكوميّة بقيمة ملايين الدولارات وقد أرسلت الشركتان بعض الأرباح من هذه العقود إلى المجلس التنفيذي لحزب الله». مدّعية الخزانة الأميركية أن «سلطان خليفة أسعد هو نائب لرئيس المجلس التنفيذي في حزب الله هاشم صفي الدين».
وأكدت مصادر في فريق المقاومة لـ»البناء» أن العقوبات الجديدة كانت متوقعة وسبق وفرضت عقوبات مماثلة ولن تقدم ولن تؤخر وتأني في سياق استمرار الحصار على المقاومة ودفع حزب الله وقوى وجبهة المقاومة للتنازل والاستسلام في ظل تقدّم مشروع التطبيع العربي الإسرائيلي ومحاولة إلحاق دول أخرى به من ضمنها لبنان، مؤكدة أنه وكما سقطت مشاريع أميركية اسرائيلية خليجية في السابق ستسقط المشاريع الجديدة ومحور المقاومة لن يخضع لأي ضغوط».