Beirut weather 25.41 ° C
تاريخ النشر July 3, 2024
A A A
مؤتمر صحفي في بكركي حول احتفالات تطويب البطريرك الدّويهي…طابع بريدي يحمل صورته وكاتدرائية مار جرجس الاهدنية على خارطة السياحة الدينية المحلية والدولية
الكاتب: موقع المرده
1035099 1035099 1035099 1035099 1035099 1035099 1035099 1035099 1035099 1035099 1035099 1035099 1035099 1035099 1035099 1035099 1035099 1035099 1035099 1035099 1035099 1035099 1035099 1035099 1035099 1035099 1035099
<
>

الصور بعدسة منال دحدح

عُقِد ظهر اليوم مؤتمرا صحافيا في الصرح البطريركي حول احتفالات تطويب البطريرك مار اسطفان الدويهي الإهدني في 2 و 3 آب المقبل، وقد حضر المؤتمر المطران أنطوان عوكر مُمَثِّلاً الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي، رئيس اللّجنة الأسقفيَّة لوسائل الإِعلام المطران أنطوان العنداري، النائب البطريركي على نيابة اهدن – زغرتا المطران جوزيف نفاع، الخورأسقف اسطفان فرنجية، طالب الدعوى الأب بولس قزي، كل من وزير الإعلام زياد مكاري، والسياحة وليد نصار، والإتصالات جوني القرم، السّفير خليل كرم، النقيب جوزيف رعيدي، رئيس مجلس إدارة شركةICE المُنظِّمة الأستاد شادي فياض، عدد من الإعلاميين، وحشدٌ من اللّجان الرعوية والجمعيات والأخويات في رعية اهدن زغرتا.

بعد النشيد الوطني، كانت كلمة لرئيس اللجنة الأسقفيَّة لوسائل الإِعلام المطران أنطوان نبيل العنداري قال فيها:” يَطيبُ لَنا بَقَلبٍ مُفعَمٍ بِفَرَحِ التَطويب، في هذا المؤتَمَر الصحَفي، كلَجنَةٍ أُسقُفيَّة لوسائلِ الإِعلام، والمركز الكاثوليكي التابع لها، معَ مؤَسّسَة البطريرك الدويهي، وانطِلاقَاً مِن هذا الصَرحِ البَطريركي الوطني والعَريق، أَن نُعلِنَ مَعاً برنامجَ الإحتِفالات بِمُناسَبَة تَطويب البَطريرك العَلاّمَة إِسطِفان إِبن الشدياق ميخائيل ابن الخوري موسى الدويهي الإهدني. مَن يَتَعَمَّقُ في سيرَةِ هذا البطريرك الكَبير، يَتَبَيَّنُ لَهُ أَنَّهُ لَم يَذُق طَعمَ الراحَة في حَياتِه. حُروبٌ كَثيرَة، مَظالِمٌ مُتَعَدِّدَة، وَمُتَغَيِرات سِياسِيَّة جَرَت أيام تَوَلّيهِ السُدَّةَ البَطريركِيَّة. كانَ شِعارُهُ فيها المُحافَظَةَ على مَصالِحِ شَعبِه، وحَملِ هُمومِه، والمُدافَعَةِ عَنهُ أَمامَ أعلى المَنابِرِ الدينِيَّةِ والسِيَاسِيَّة في ذلِكَ الزَمان. كانَ يُقيمُ الدُنيا وَيُقعِدُهَا حِفاظاً على ” القَطيعِ الصَغير” كَي لا تُمَسَّ كَرامَةُ بَطريرك أنطاكيَة وسائر المَشرِق وكَرامَةُ بَني مارون. إِنَّهُ البَطريرك الذي جَسَّدَ بِروحِ الأَمانَة ألوُجدانَ الماروني بِفَرادَةٍ تُثيرُ الإِعجابَ، رابِطاً أَلهويَّةَ بِالتاريخ”.
فتابع:” أينَما حَلَّ البَطريرك الدويهي بِإقاماتِهِ وتَنَقُّلاتِه، مِن وادي قَنّوبين إلى الشُوف، مُروراً بِدَير مار شَلّيطا مقبس في غوسطا ألمُلَقَّب بِقَنوبين كسروان، يُمكِنُنَا القَول أَنَّهُ اختَصَرَ في شَخصِه تاريخَ المَوارِنَة ومَصيرَهُم بِالرُغمِ مِنَ الطُغيانِ والضِيقاتِ السائدَة آنَذاك. تَحَلّى بِالصَبرِ وتَجَهَّزَ بِالأَوراقِ والوَثائق، يَبحَثُ ويُنَقِّبُ ويَكتُب مُرتَكِزاً على المراجِع العِلمِيَّة والمكتبات العالميّة، في مَراقِدِ الأودِيَةِ والأَديار، يَقومُ بِجَولاتِهِ الرِعائيَّة، يَبني ويُرَمِّم ويُكَرِّس ألكنائس والأَديار أَمثال عَين وَرقَة، يَرسُمُ الشَمامِسَةِ والكَهَنَة والأساقِفَة، يُرسِلُ مِنَ الطُلاّبِ مَن تَوَسَّم بِهِم خَيراً إلى المَعهَدِ الحَبرِيَّ المارونِيّ في روما، يُظَهِّرُ التُراثَ الماروني بِكِتاباتِه، ويَقومُ بِالإِصلاحاتِ الليتورجِيَّة، حَريصٌ على مُبارَكَةِ تَأسيس ونُمُوِّ الحَياةِ الرَهبانِيَّة، يَستَقبِلُ الأَعيانَ المَحَلّيينَ والإقليميين والموفَدينَ مِنَ الغَرب، ويُراسِلُ الأحبار الأعظَمينَ والمُلوك والدبلوماسيين، أَصيلٌ في انفِتاحِهِ على العَلاقاتِ معَ العائلاتِ الروحِيَّة، باختِصار شَكَّلَ عُنوانَ الراعي الصالِح الذي يَحنو على كَنيسَتَهِ بَحَدَقَةِ العَين، مُؤَمِنَاً لَها شُروطَ بَقائهَا وازدهارِهَا”.
مضيفا:”مَسيرَتُهُ، َمَسيرَةُ بَطريَركِ حافِلَة بِالعِلمِ والقَداسَة. في رَصيدِه أَكثَرَ مِن ثَلاثينَ مٌؤَلَّفاً مَكتوباً تَوَزَعَت مَضامينُهَا بَينَ تاريخِ الكَنيسَة المارونِيَّة، والكُتُبِ الطَقسِيَّة، والعِظات، والشروحاتِ الكِتابِيَّة، وحَياةِ القّديسين، والمُراسَلاتِ العَديدَة، والتُراثِ الشَرقي المُتَنَوِّع، واللُّغَةِ العَرَبِيَّة وآدابِهَا، والفَلسَفَة وتَعليمِِ اللُّغات… ونَذكُرُ على سَبيلِ المِثال، لا الحَصرِ بَعضاً مِن مُؤَلَّفاتِه كَتاريخِ الأزمِنَة، والشَرحِ المُختَصَر في أَصلِ المَوارِنَة، وسِلسِلَةِ بطارِكَةِ الطائفَةِ المارونِيَّة، وتاريخ المدرَسَة المارونِيَّة في روما، والإحتِجاجِ عن المِلَّةِ المارونِيَّة وأَمانَتِهَا في وَجهِ البِدَع، وأُطروحَتِه في مُحاوَرَةٍ لاهوتِيَّة، وكُتُبِ الشَرطونِيَّة والرِتَبِ والتَكريسات والنَوافير، ومنارَةِ الأَقداس، ومَخطوطِ المُتَعَيِّد الماروني، ورٌؤوسِ الألحانِ السُريانِيَّة، وغَيرِها مِنَ المَخطوطاتِ غَيرِ المَنشورَة. أَجَل، تَمَيَّزَ البَطريرك الدويهي بِشَخصِهِ وبِنُبوغِه. عالِمٌ وَمُعَلِّمٌ وتائقٌ إلى القَداسَة ورائدٌ في الهوى الماروني واللُّبناني. إِنَّهُ يُشَكِّلُ معَ يوسف سمعان السِمعاني وجبرائيل الصَهيوني من أَبرَزِ وجوهِ خِرّيجي المعهَدِ الحَبري الماروني في روما في القَرنِ السابِع عَشَر”.
وختم المطران عنداري:” نَوَدُّ أَن نُشيرَ إِلى مَعالِمِ القَداسَة في حَياةِ هذا البَطريرك السابِع والخَمسين. لَقَد شَكِّلَ البَطريرك اسطفان الدويهي، قَبلَ كُلِّ شَيء، مِثَالَ المَسيحي التَائق إِلى القَداسَة. كانَت غَايَةُ العلم معَهُ تَبيانَ الحَقيقَة والوصولَ إِلى اللّه. أَمينَاً لِلتَقليدِ الماروني الأَصيل والروحانِيَّةِ المارونِيَّة، روحانِيَّةَ الصَليبِ والإِنجيل. إِعتَبَرَ في حَياتِه الزُهدَ والنُسكِيَّة فَلسَفَةَ الوجود معَ يَستَتبِعُ ذلِكَ مِن فَضَائل. وصَفَهُ المُطران بُطرُس شِبلي، رَئيس أَساقِفَة بَيروت، بِهذِه التَعابير: ” جَسَّدَ البَطريرك الدويهي في شَخصِه خُلاصَةَ الشَعبِ الماروني وطَبيعَتَه، مُنذُ الطُفولَة. ولما اعتَلى المَراتِبَ الكَنَسِيَّة واطَّلَعَ على إِنجازاتِ أَسلافِهِ ومَزاياهُم، حَذا حَذوَهُم في مُمَارَسَةِ كُلِّ الفَضائل. وصارَ بِإِيمانِهِ الكَبير مِثلَ إِبراهيمَ أَبِ المُؤمِنين، ومِثلَ اَيوب البار في صَبرِهِ ورَجائهِ وثِقَتِهِ بِالعِنايَة الإِلَهِيَّة، ومِثلَ يوحنا التِلميذ الحَبيب في عَيشِهِ الفَضائلَ الإنجيلِيَّة، لِيُصبِحَ مِثَالاً لِلراعي الصالِح “. ويُؤثَرُ عَنهُ صِفاتً مُلفِتَة وَمُؤَثِّرَة كالتَواضُع، والصَبر، والشَجاعَة، وروح التَضحِيَة، وحُبِّ الصَلاة، وروح الفَقرِ والعِفَّة على خُطى النُساك، والبَطارِكَة المَوارِنَة النُسّاك أَصحابَ القُلوبِ الذَهَب والعِصِيِّ الخَشَب. ومِن خِصالِهِ حُبَّ الفُقَراء. مَنذُ استِلامِهِ السُدَّةَ البَطريركِيَّة سَعى لإِيفاءِ الدُيونِ التي كانَت على الكُرسي البَطريركي بِسَبَبِ الإِعانات في الجوعِ وَظُلمِ الحُكّام وتَقَلُّباتِ الزَمَن: يُعينُ المُحتاجين، يَهدي الضَالين، يُدافِع عَنِ المَظلومين وعن حُقوقِ شَعبِه. حَمِلَ الصَليبُ لا بَل الصُلبان بشَجاعَةٍ وإيمانٍ ورَجاء، وقَد أُرغِمَ على تَركِ مَقَرِّهِ البَطريركي عِدَّةَ مَرّات مُتَنَقِّلاً بَينَ وادي قَنّوبين وكسروان والشوف. وفي كُلِّ هذِهِ الأَحوال كانَ زادُهُ إنجيلاً وكتاباً وعصا الرِعايَة. جَمَعَ بَينَ العِلمِ والعَمَلِ والقَداسَة. بِاختِصار كانَ بَطريركُ الصَلاةِ والتَقَشًّف، ونَصيرُ الفَقيرِ والضَعيف، بَطريركُ الحُبِّ والتَضحِيَة، مُرسَلاً قائداً رائداً وراعِيَاً، حَكيماً وَوَديعاً في قَلبِ لُبنان والعالَم. فَلتَكُن صَلاتُهُ مَعَنا – آمين!”

ومن ثمّ ألقى رئيس مؤسسة البطريرك الدويهي المطران جوزيف نفاع كلمة في المناسبة جاء فيها: صاحب الغبطة والنيافة، أصحاب السيادة والمعالي، الآباء الأجلاء والراهبات الفاضلات، الإعلاميون والإعلاميات، أعضاء المجلس الرعوي في رعيّة إهدن – زغرتا المحترمين. شهر واحد يفصلنا عن الحدث الكبير، أوّل تطويب فاتيكانيّ لبطريرك مارونيّ، اسطفان الدويهيّ الإهدنيّ، في الثاني من آب القادم في هذا الصرح الكبير، وقداس الشكر في الثالث منه في إهدن. إنّ هذا الحدث له أبعاد متعدّدة، ليس على الصعيد الكنسيّ والبطريركيّ والإهدنيّ وحسب، بل على الصعيد الوطنيّ والمشرقيّ أيضًا. فالبطريرك الدويهيّ أفنى العمر لبيان الكنيسة والأمّة البنانيّة. لقد آمن برسالة هذه الأرض المباركة. فترك مجد روما ليتكرّس للتعليم والوعظ والرعاية والتدبير وبناء الكنائس وتأسيس الرهبانيات وكتابة التاريخ وتنظيم الليتورجيا”.
وأضاف:” نحن نرى أنّ العناية الإلهيّة، التي ترى آلام هذا الوطن ومعانات شعبه، أرادت أن تُظهر لنا رعايتها من خلال هذا التطويب، يأتي كالبلسم ليرفع معناوياتنا ويعيد لنا الثقة بأنّ لبنان، أرض القداسة، باق بنعمة الله، ليُكمل رسالة المحبّة والرقيّ والتعايش، التي أوكلنا الله إيّاها.
البطريرك الدويهي، أيّها السادة، لم يحصر اهتمامه برعيّته فقط، بل اشتهر بالسعي الدؤوب إلى نسج العلاقات المميزة مع كلّ الفئات، وفي مختلف المناطق. لا بل حثّ الموارنة على الانفاح على الجميع والتعاطي الإيجابيّ مع الجميع: عمل على توطيد التواصل مع الفاتيكان والثقافة الأوروبيّة، وفي الوقت نفسه، وثّق تاريخ الموارنة والإسلام، في مؤلّفه “تاريخ الأزمنة”. كما وثّق تراث كنيستنا في مؤلّفه الشهير، بعنوان “منارة الأقداس”. خدم إهدن والجوار، كما خدم كواعظ، “كاروز”، في حلب، وكأسقف في جزيرة قبرس. هذه الخبرات زرعت في قلب الدويهي الشاب همّ أهلنا في كلّ البقاع. وحتى في أيّام بطريركيّته، قاد الموارنة إلى الانفتاح والسكن في مختلف المناطق في كسروان والشوف: كغوسطا ومجدل المعوش وسواهما”.
ثم تابع سيادته:”لذلك، فإنّ هذا التطويب مدعاة فرح لكلّ لبنان ولبلدان الجوار. وهو نعمة لنا جميعًا على مختلف انتماءاتنا. ومن هنا، ندعو الجميع إلى مواكبة هذا الحدث عن كثب: ندعوكم جميعًا للمشاركة في حدث التطويب في بكركي، هذا الصرح الذي يحمل همّنا جميعًا. نريد من خلال الاحتفال الحاشد، إظهار وجه لبنان الحقيقيّ: بلد الحياة، بلد الإرادة الصلبة، بلد التعايش والمحبّة بين جميع أفراده ومع كلّ أهلنا الشرفاء القادمين من البلدان المجاورة. نريد إظهار صورتنا كمؤمنين حقيقيّين بالله، يدعونا إيماننا للانفتاح على الجميع، والعيش معًا بمحبّة وسلام”.
وختم قائلا:”وفي هذا الشهر الأخير قبل التطويب، نوجّه الشكر إلى الوسائل الإعلاميّة ومختلف الفعاليات، الذين يكرّسون جهدًا مميزًا عبر البرامج والمبادرات المختلفة، التي سوف يُعلن عنها في هذا المؤتمر الصحفيّ. كلّ ذلك يهدف إلى تهيئتنا جميعًا بالشكل الصحيح والعميق للتطويب، إذ يعرّفنا على هذا الوجه المنير، وجه الطوباويّ العتيد، البطريرك إسطفان الدويهيّ، وعلى إيمانه وروحانيّته وفكره وانفتاحه.
من هنا، اسمحوا لي أن أشكر كلّ من ساهم معنا بالوصول إلى هذا اليوم المشهود. أتوّجه بالشكر أولاً وأساسّا إلى صاحب الغبطة والنيافة، البطريرك الكاردينال، مار بشارة بطرس الراعي، الكليّ الطوبى، الذي أولى هذا الملف اهتمامًا خاصّا منذ اللحظات الأولى، وقد سمح لنا اليوم بإقامة هذا المؤتمر الصحفيّ في صرح بكركي، رغم تواجده هو في الديمان، ومنحنا أفضل تمثيل بأخينا صاحب السيادة، المطران أنطوان عوكر.
أشكر مؤسّسة البطريرك الدويهي التي قامت بجهد بطوليّ لإتمام ملف التطويب على أكمل وجه كما حملت رسالة نشر فكر هذا البطريرك ومؤلفاته.
أشكر سيادة المطران أنطوان نبيل العنداري المشرف على المركز الكاثوليكي للإعلام على حضوره ومداخلته القيّمة.
أشكر معالي وزير الاتصالات جوني القرم على مبادراته ودعمه.
أشكر أيضًا معالي وزير السياحة وليد نصار على حضوره وكلمته والمبادرات التي سوف يفاجؤنا بها.
والشكر إلى الصديق العزيز، إبن إهدن، معالي وزير الإعلام زياد مكاري على مواكبته الدائمة لهذا الحدث.
والشكر موصول إلى مختلف وسائل الإعلام المرئيّة والمسموعة والمقروءة التي تغطّي هذا المؤتمر الصفحيّ والتي وسف ترافقنا خلال هذا الشهر من خلال برامج خاصّة تبثّها.
فليكن هذا الاحتفال مصدر فرح لنا جميعًا. وليمنحنا الطوباويّ الدوهي بركاته السماويّة”.

وقد اعتلى المسرح أيضا وزير الإعلام زياد مكاري وقال:”البطريرك الطوباوي إسطفان الدويهي، تعددت ألقابُه: “أبو التاريخ الماروني” و”عمود الكنيسة” و”ذهبيّ الفم الثاني” وغيرُها الكثير، إلا أنّ جوهرَه واحدٌ ووحيد: قامة لبنانيةٌ صلبة، مارونية الهُوية، شماليةُ الهوى، وطنيةُ الانتماء والبُعد.
لعلّها مفارقة أن أقف هنا اليوم، أنا الزغرتاوي، لأتحدث عن الطوباوي الزغرتاوي الذي مهّد الطريق لكنيسته ووطنه وشعبه، منذ سنة 1630 تاريخ ولادته في إهدن. أربعة قرون انطبعت بسيرة قدّيس، تقدّس منذ نعومة أظفاره. عندما وُلِد كان لبنان يعاني تحت نير الحكم العثماني، واليوم عشية تطويبه لبنان يقاسي من ألف علّة وعلّة، مع فارق أربعمئة سنة! أربعمئة سنة أنجبَت بضعة قديسين للبنان، يوافيهم الآن طوباويا على أدراج القداسة البطريرك الدويهي، كبير مؤرخي القرن السابع عشر”.
تابع المكاري قائلا:”يبدو التطويب في هذا الظرف المأزوم تحديدا، هديةً من السماء وإشارةً إلى لبنان المنهَك، أنّ زمنَ النهوض قد اقترب. ولو لم يكن الحدثُ الإيمانيُّ وشيكا لوجُبَ إيجادُه والبحثُ عنه والتمسّكُ به للاسترشاد والاطمئنان. كلُّ شعبٍ عندما تُنهكُه الأزماتُ وتُضنيه الصعوباتُ وتدميه الحروب، يفقدُ الأملَ ويحيا على الرجاء، وهذا بالضبط ما يعيشه اللبنانيون اليوم، إذ تشخصُ أنظارُهم إلى فوق، ويحيَون الرجاءَ بعدما يئسوا من كلّ ما هو أرضي.
مآثر البطريرك اسطفان الدويهي ليست مسيحية فقط، بل هي ممتدّة تعليماً وتأريخاً ووطنيةً، على رقعةِ وطنٍ صغيرٍ بمساحته، كبيرٍ بدوره، متوهّج بحضوره في الشرق والغرب.
قد يتراءى للبعض أن حدث التطويب، على أهميته، لا يعدو كونَه مناسبةً كنسية مسيحية محدودة، إلا أن الواقع أبعدُ من ذلك بمسافات ضوئية، وأعمق وأبلغ. نحن في حضرة تأريخ جديد لفصل مشرق من تاريخ لبنان، وإن كُتبَ بحبرٍ كنَسيّ، لكنّ فائدَتَه تعمُّ الوطن بأسره، نوراً وعلماً وحضارةً، وتتعدّاه إلى سائر المشرق، تماما كما كان الطوباويّ بطريركا للبنان وسائر المشرق”.
وأضاف:”يحضُرُني وأنا أتحدث عن الدور التبشيري والتعليمي والرساليّ للبطريرك الطوباوي، دورُ الإعلامِ في شكل عام، وفي لبنان تحديدا. فكما نرى الإعلام اليوم مهتمّا بنقل الخبر عن برنامج الاحتفالات ومناسبة التطويب، وغارقا في الأرشيف يتسقّطٌ فضائلَ الطوباوي ويضيء على تاريخه وبطولاته، نودُّ لو يقتدي به تأريخا وشهادةً للحق والحقيقة وإعلانا لأخبار مفرحة تضيء عتمةَ الأزمات، ولو بشمعة، فالنور أقوى من الظلام، وإن بدا خافتاً وسط السواد الكبير”.
وأنهى المكاري كلامه:” نحيّي وسائل الإعلام كلَّها على جهودها المتواصلة، ونشدّ على يدِها ونتفهّمُ أنها مرآةُ الواقع الذي لا يصلحُ للتجميل في كلّ حين، لكنّنا ندعوها أيضا إلى بثّ الأمل حيث يمكن واعتماد الإيجابية ونقل كل ما يذكّر بأن لبنان بلد الحضارة منذ آلاف السنين.
لَكَم يُسعدُنا اليوم، من الصرح البطريركي بالذات، تحت مظلة غبطة أبينا الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي، ومع رعية إهدن – زغرتا ومؤسسة البطريرك الدويهي وهذا الجمع الكريم، أن نطلقَ برنامجَ احتفالات تطويب البطريرك اسطفان الدويهي، متسلّحين بعزم متجدّد وإيمان صلب بأنّ وطناً أنبتَ قدّيسينَ بقدْرِ ما أنبتَ لبنان، لا يمكنُ أن تتغلّبَ عليه محنةٌ، مهما اشتدّت، لأن هناك سماءً تُرسل الرجاءَ في حينه والقوّةَ في وقتِها”.

وتخلل المؤتمر كلمة لوزير الإتصالات جوني القرم وأعلن عن مبادرةٍ قبل موعد التطويب قائلاً:” يُطلُّ عَلَيْنا الثالث مِنْ شَهْر تموز لعام ۲۰۲٤ إطلالة رجاء صالح، لانه يومٌ لا كالايام في كنيستنا المارونية وبلدنا الحبيب لبنان، لان الوطن الذي لقبَ بالوطن الرسالة، والذي عُرفتْ أرضه، قديماً بأنّها وقت لِ الله، ما زال هذا اللبنانُ رغم أحواله المُتَعَثِرَةً، ومآسية المتتالية، يقدّمُ للكنيسة الجامعة، وللبشرية جمعاء رجالاً مميزين بإيمانهم الذي ينقُلُ الجبال، وبقداستهم القائمة على الصلاة والصمتِ والوَداعة وعلى الطهر والتجهد والصوم، وعلى بذل الذات حبّاً ،بالله وخدمةً للانسان وعلى العلم الذي يؤسس لحضارة الحياة ويبنيها.
إن مثل هذا الايمان يدعونا الى القول:” حقاً إنّه ليومُ مَسَرَةٍ عظيمةٍ” كما يجعلنا نستذكرُ صوت الملاك من علياء سمائه:”المجد لله في الغلى، وعلى الارض السلامُ، والرجاء الصالح لبني البشر، بخاصة الرجاء الصالخ للبنانين لانّ في هذا النهار يتم اطلاق حملة إحتفالات تطويب بطريرك عظيم من بطاركتنا الكبار في لاهوتهم وناسوتهم وفي إيمانهم ووطنيتهم”.
مضيفاً:”من إهدن الفردوس المعروفة بسحر طبيعتها، وبشعبها المؤمن والمبدع وفيه اهلُ كَرَمْ وأَهلُ سيف وأهلُ قَلَم، إلى جبل سيدة لبنان الاخضر في حريصا درعون، المنطقة الوادعة والمعروفة بكثرة أديارها وتنوعها من ماررونية، وكاتوليكية بزنطية وسريانية ولاتينية، وأرمنية حتى أنّها عُرفت “بفاتيكان لبنان” فالى بلاد الارز كلها بشعبها، وجبالها، وأوديتها، تَشْرُقُ شمس جديدة في سمائها، هي شمس الطوباوي البطريرك اسطفان الدويهي الذي مشى طريق القداسة فبنى الادياز وعلم الاولاد، وكَرَّسَ الكنائس وأسس الراهبانيات وزرع كَرْمَةَ الرب في المدائن والقرى، وكتب التاريخ الماروني فكان ذاكِرَتَه، ولولاه لكُنّا أيتاماً في التاريخ دون أب ودون مرجعية. لقد أفاض الله عليه نِعَمَهُ، وأغناهُ بوَزَناتٍ أحْسَنَ المتاجرة بها، فكلّلهُ بالمعجزات، وكافأه بالمناصب العليا التي كان يَمُها ويهربُ مِنها، إلا أن إرادة الله هي الاقوى فَخَضَعَ لمشيئته، وحَمَلَ صَليبه ومشى دون أن يلتفت إلى الوراء ولا حَقَّتْهُ الاضطهادات فإضطر الى التنقلُ من مِنْطَقَةٍ الى أخرى، وكثيراً ما غاب في قلب المغاور المُعتمة والكهوفِ العَطِئَة وفي حنايا وادي قنوبين المقدمن ليحفظ إيمانه ويحافظ على شعبه بعنادِ صخور لبنان، وعنفوانِ قاماتِ أَرْزِهِ. وبما أنّي غوسطاوي النسب والحسب والانتماء، يُشرفني كما يشرفُ بَلدتي غوسطا، بلده الاحبار والادياز أن تكونَ قَدَما الطوباوي البطريرك قد وطأت أرضنا، فزارنا مرات سبغ على فتراتٍ متفاوتة، ما بين سنة ١٦٧٢ – ١٧٠٤ جاعلاً من دير مار شليطا – مِقْبِسن – لأل محاسب، غوسطا مقراً له. في سنة ۱۷۰٤ وقَبْلَ أن يغفو بنور رحمة الله وغفرانِه تَعَرَّض لحادثة مع الشيخ عيس حماده أحد حكّام طرابلس، فَتَحَمَلَها بطريركُنا بكبرياء. لكِنَّه أَرْسَلَ كِتاباً الى حُصْنِ الخازنِ أخبره بوقائع الحادثة، وبوقاحة عيسى المذكور، فلبّى الخازني الصوت وجهَزَ، بقيادةِ أَخِيهِ ضرغام أكثر من ٤٠٠ نَفَرٌ وأَرْسَلَهُمْ الى قنوبين ليصحبوا البطريرك الى كسروان”.
وتابع القرم:” أيها الحضور الكريم، لقد كان وجود الدويهي في كسروان سبيلاً الى تقدم الطائفة، فبنى” مقصورة متواضعة ” في ديز مار شليطا – مِقْبِس كي يأوى اليه البطاركة حين يزورون تلك الناحية، وأسس في الدير المذكورُ مَكتَبةً وكرس كنائس ومن ذلك الدير انطلق الى دير القمر مقر الحكام المعنيين، ومنه توجه الى الارض المقدّسة. ان الكلام يطول ويطول، ولكن أحببت في هذه المناسبة ان اشهد لطوباوية هذا البطريرك العظيم الذي عَرَفْتُه من الاخبار المتداولة ومن الكتب فاكتشفت تلميذاً متفوقاً أيام التلمذة في روما وقد أغروه ليبقى هناك فرفض عائداً الى لبنان وعرفته كاهناً معلماً غيوراً، وواعظاً متحولاً في لبنان وسوريا وعرفته اسقف المهمات الصعبة”.
وختم معاليه قائلا:”أخيراً عرفته بطريركاً طوباوياً، بناءً لكنيسته المارونية، ومؤرخاً واقعياً وموضوعيا، وضميراً نيراً ، ومجاهداً، من أجل الاغلى في الحياة: الايمان والحرية – الكنيسة ولبنان، أهنئكم بهذا الانجاز الكبير الذي تحقق في أيامكم، وأهنّىء شعبنا في إهدن زغرتا وغوسطا، والشعب اللبناني كله بأنه أعطى، ومازال يعطي قديسين يحاورون السماء بصلاتهم ليبنوا ملكوت الله على الارض. وأعلنُ أنّه بتاريخ الثاني من شهر آب ،۲۰۲٤ تاريخ إحتفال بتطويب البطريرك اسطفان الدويهي سوف يصدر طابع بريدي عليه رَسُمُ الطوباوي البطريرك اسطفان الدويهي الاهْدِني وليكون مثالاً بين الناس إكراماً لانجازاته وتضحياته وليكون شفيعاً لللبنانين أجمع وكذلك قدوةً لشعب لبنان. وشكراً”.

وكانت لفتةٌ رائعةٌ من وزير السياحة وليد نصار الذي استهل كلمته في مؤتمر اعلان برنامج الإحتفال في بكركي قائلاَ:” قَبِل ما إبدا حديثي بْحِبّ خَبّركم انّو سِتّي زغرتاوية وأبوها كان كاهن رعية زعرتا.”
ثم تابع:” بالأمس اطلقنا الحملة الإعلامية لوزارة السياحية والتي تحمل عنوان” مشوار رايحيين مشوار”، على أمل ان يكون” مشوار الثاني والثالث من آب مشوار القداسة والأمل والصلاة في إهدن وبكركي.
مضيفاً:” اليوم صدر قرار يحمل رقم ١٤٩ من وزارة السياحة تكريما للطوباوي البطريرك اسطفان الدويهي الإهدني والذي يُفيد بإدراج كاتدرائية مار جرجس في إهدن على الخارطة السياحية الدينية المحلية والدولية بهدف تشجيع السياحة الدينية. كما أكد على أن الحملة الإعلانية ستطال أيضا إعلانات مطار بيروت الداخلية في كل أقسامه. ومن ثم قدّم الوزير نصار شهادة القرار ١٤٩ للمطران جوزيف نفاع النائب البطريركي العام على نيابة إهدن-زغرتا الخورأسقف اسطفان فرنجية حيث علت الزغاريد وسط تصفيقٍ حاد من الحضور.

وبعدها كان شرحٌ لرئيس مجلس إدارة شركة ICE المُنظّمة الأستاذ شادي فياض أكّد فيه أنّه حدثٌ تاريخي واستثنائي سيشهده لبنان، واعتبر انّ هذا التنظيم هو عالمي.
تحدّث أيضا فياض عن منصة تسجيل الحضور على الموقع الخاص بالبطريرك اسطفان الدويهيwww.patriarchdouaihy.com ومسح المربّه QRCODE واتباع التّعليمات. وختم فياض حديثه عن تنظيم المواقف المجانية لكل الأشخاص الذين سيشاركوم في احتفال التطويب في بكركي، ومن ثمّ كانت مداخلة للمصمم إيليو زيدان تحدّث فيها عن فكرة وتصميم المذبح وخلفيته في ساحة بكركي في الثّاني من آب المقبل.

وفي كلمة منسق إحتفالية التّطويب الخورأسقف اسطفان فرنجية قال:” أشكر الداعمين لإحتفالات التّطويب من مُقيمين ومُغتربين وكل المنظّمين، أشكر أبناء وبنات اهدن على إندفاعهم وحماسهم وسخائهم لإحتفالات التطويب”.
مضيفاً:” إلى جانب إصدار طابع بريدي للبطريرك الدويهي، ميداليات تذكارية تحمل صورة الدويهي صادرة عن رعية اهدن زغرتا ومؤسسة البطريرك الدويهي.”
وتابع:” أشكر كل القيّمين على صلوات التّطويب والكُتيّبات التي أصبحت جاهزة، وأخصّ بالشّكر الحبيس الأب يوحنا خوند.”
وأكد الخورأسقف فرنجية أنّ إطلالةً إعلامية ثانية ستكون مخصصة فقط للحديث عن قداس الشكر المنتظر في بلدة الطوباوي اهدن في الثالث من آب المقبل والمُقام على مدرجات “إهدنيات”، شاكرا الخورأسقف فرنجية رئيس تيار المردة سليمان فرنجيه وعقيلته السيدة ريما اللذين قدما كل تكاليف قداس الشكر ومكان وتنظيم القداس في اهدن”. وكما كان له حديث عن كتاب سيصدر قبل الثاني من آب عن الطوباوي العتيد البطريرك اسطفان الدويهي الإهدني باللّغات: العربية، الإنكليزية والإسبانية.