Beirut weather 19.41 ° C
تاريخ النشر May 20, 2020
A A A
إضاعة الفُرص.. وصُلب السياسة اللبنانية!
الكاتب: مرسال الترس - سفير الشمال
يبدو أن أسلوب إضاعة الفرص قد تحوّل إلى مبدأ في السياسة اللبنانية وهو الأمر الذي ساهم في تفاقم الأوضاع إلى حدود الأنهيار. ليس لأن الدولة في لبنان لا تملك مقومات النجاح وإنما الأداء السياسي الذي قدّم الشخصانية على مفهوم الدولة، وأعطى دفعاً لمصالح الآخرين على مصلحة الشعب اللبناني، وهذا التوجّه وفق المعطيات الملموسة لم يتغيّر أو يتبدّل أو أنه بصدد أن يُسجّل متغيرات في المدى المنظور:
فآفة الفساد والرشوة ونهب المال العام قد نخرت إدارة الدولة اللبنانية وأفرغتها من مضمونها، من دون أن تستطيع أن تُطلق على نفسها أسم الدولة وان تضع حداً لذلك، نتيجة المحاصصات الطائفية والمذهبية والسياسية، وبالتأكيد انها أضاعت الكثير من الفرص لإصلاح ما يمكن إصلاحه لأن أحداً في السلطة لم يستطع أن يرى أبعد من أنفه!
وها هي السياسات المالية والنقدية تعيد لبنان الى ما قبل العصر الحجري بالرغم من المؤشرات السلبية التي كانت واضحة منذ سنوات بأن الاستمرار في نفس النهج سيؤدي إلى الهاوية. والواضح أنه كانت هناك سياسة مقصودة في عدم الانقاذ مقابل سلة معينة من الوعود الفارغة. وها هي “الوفود” اللبنانية تظهر بأكثر من راي أمام المراجع النقدية والأستثمارية الدولية وكأننا في حالٍ من الاسترخاء ولسنا في قلب الآتون الذي سيحرق الجميع.
كثيرون كانوا على قناعة ومنذ عدة عقود أن لبنان يعوم على ثروات ضخمة ولكن التعتيم والتمويه والعرقلة المقصودة حالت مجتمعة دون إستثمار أي جزء منها، أو المحاولة على الأقل. حتى بات الوطن رهينة استراتيجيات جغرافية وديموغرافية لا يمكن أن يتخطاها الاّ مهشماً.
وأخيراً وليس آخراً الجغرافيا الثابتة لا تدع مجالاً للشك في ان سوريا هي المتنفس الوحيد لهذا اللبنان بالرغم من المحاولات العديدة الفاشلة لنقض هذه الرؤية. فلماذا لا يعمل المسؤولون في لبنان على بلورة صيغة تجعله يتنفس على الأقل كي يظل حياً، بدل المناحرات والتجاذبات التي لم تفضِ الاّ إلى شنق أنفسنا كرمى لعيون معارك وهمية وسياسات لم تؤد يوماً الاّ إلى تعبئة جيوب معتمديها؟
إزاء الأوضاع الخانقة التي تم إدخال الشعب اللبناني فيها فإن لسان حاله يقول: “أوقفوا إضاعة الفرص وأسرعوا في استنباط الحلول بدل دفن رؤوسكم في خضم الدراسات والخطط الوهمية”.
وبات جلياً أن كثرة الأجتماعات والمواقف لن تطعم اللبنانيين خبزاً ولن تؤمّن لهم طحيناً، بل الإجراءات العملية التي يبدو أنها على ظهر سلحفاة لن تستطيع الوصول الاّ بعد فوات الآوان.