Beirut weather 14.41 ° C
تاريخ النشر January 30, 2024
A A A
إسرائيل في قفص الإبادة الجماعية
الكاتب: زياد علوش - اللواء

وقد أوغلت الصهيونية في استغلال فزاعة معادات السامية ضد خصومها، لتبرير جرائم احتلالها لفلسطين، برعاية ومباركة غربية، حصّنتها ضد القانون الدولي والإنساني منه، ولطالما فاخرت كاستثناء لدولة مارقة، ترتكب ما تشاء كيفما تشاء في أي وقت تشاء بدون حسيب أو رقيب، والعالم يقف متفرجاً على ما يحدث في «غزة» ‏تشعر انه فقد الحياة إلى درجة أنه لا يملك أحياناً إلّا أن يشعر بالاشمئزاز من الحياة الحقيقية المزدوجة المعايير، في هذ النفق المظلم يأتي الضوء من أفريقيا.
الآن وقد فعلتها جنوب افريقيا، لطالما كانت وفيّة لرفاق النضال زمن «فتح – والمؤتمر الوطني الأفريقي» ضد حكم الأقلية البيضاء ورموزه ياسر عرفات ونيلسون ماندلا، وهي التي ذاقت مرارة الفصل العنصري على أيدي الانكلوساكسون أنفسهم الأقلية البيضاء الذين استمروا بمحاباة الصهيونية، في جرائم مشابهة تعرّض لها الجنوب أفريقيون لما يتعرض له الفلسطينيون الآن.

المواجهة القانونية بدأت في محكمة العدل الدولية في لاهاي، بعد دعوى قضائية رفعتها جنوب أفريقيا تتهم فيها إسرائيل بارتكاب إبادة جماعية في غزة، ضد الفلسطينيين في جلسات الاستماع بقضية مقامة أمام أعلى محكمة تابعة للأمم المتحدة بشأن الحملة العسكرية الإسرائيلية المدمرة في غزة.
وتطالب جنوب أفريقيا في القضية المقامة أمام محكمة العدل الدولية، المعروفة أيضا باسم المحكمة الدولية، بتعليق عاجل للهجوم الجوي والبري الإسرائيلي على القطاع الفلسطيني، وتقول جنوب أفريقيا إنه يهدف إلى «تدمير السكان» في غزة.
وقال تمبيكا نجكوكايتوبي المحامي لدى المحكمة العليا في جنوب أفريقيا: «إسرائيل لديها نيّة إبادة جماعية ضد الفلسطينيين في غزة».

وأضاف: «هذا واضح من الطريقة التي يتم بها تنفيذ هذا الهجوم العسكري» وتابع قائلا: «نيّة تدمير غزة تمّت رعايتها على أعلى مستوى في الدولة».
وتعرّف معاهدة منع ومعاقبة الإبادة الجماعية لعام 1948 الإبادة الجماعية بأنها «الأفعال المرتكبة بقصد التدمير الكلي أو الجزئي لمجموعة قومية أو إثنية أو عنصرية أو دينية».
وتشير جنوب أفريقيا إلى حملة القصف الإسرائيلية المتواصلة التي أسفرت عن مقتل أكثر من 25 ألف شخص في قطاع غزة الصغير ، وفقا لبيانات السلطات الصحية في غزة.
ومن المتوقع أن يصدر حكم يوم الجمعة من هذا الشهر 26 يناير بشأن الإجراءات العاجلة حيث يأمل بإصدار أمر لإسرائيل بتعليق حملتها العسكرية، لكن المحكمة لن تصدر حكمها فيما يتعلق باتهامات الإبادة الجماعية في الوقت الراهن، إذ قد تستغرق هذه الإجراءات سنوات.

 

جنوب أفريقيا قدمت 4 تهم مختلفة، وهي:
التهمة الأولى: ارتكاب الإبادة الجماعية، حيث قتل أكثر من 30 ألف فلسطيني، مما يعني مضاعفة مذبحة سربرنيتسا التي راح ضحيتها 7 آلاف مسلم في البوسنة.
التهمة الثانية: التسبب في ضرر جسدي أو عقلي خطير، وقد تجاوز عدد الجرحى في قطاع غزة 50 ألف فلسطيني، أما المعاناة النفسية فيمكن لأي أحد تشغيل أي مصدر إعلامي لرؤية حجم المعاناة.
التهمة الثالثة: تعمّد إخضاع الأفراد لأوضاع معيشية تدمرهم كليا أو جزئيا، ورأينا ذلك جليا عندما أعلن وزير إسرائيلي منع الطعام والماء والإمدادات الطبية والوقود عن سكان القطاع أو عندما قال مسؤول آخر إن غزة يجب أن تتحول إلى معسكر اعتقال أوشفيتز.
التهمة الرابعة: فرض التدابير الرامية إلى منع الولادات، حيث دمّرت المستشفيات وقتل الأطباء واستهدفت سيارات الإسعاف بشكل متعمّد من قبل الصهاينة في مكان توجد فيه عشرات الآلاف من النساء الفلسطينيات الحوامل.
وبما أن الأميركيين يعملون على مساعدة وتحريض الإبادة الجماعية ضد الشعب الفلسطيني فسيكونون مذنبين، وذلك بموجب المادة «3 إي» من اتفاقية الإبادة الجماعية التي تحظر التواطؤ والإبادة الجماعية، فضلا عن انتهاك الاتفاقية الخاصة بالحكومة الأميركية وقانون تنفيذ اتفاقية الإبادة الجماعية.
وبما أنها جناية خطيرة يبذل الأميركيون قصارى جهدهم بالتعاون مع القوى الإسرائيلية والصهيونية لتخريب هذه الدعوى بطريقة ما.
وفي حال فوز جنوب أفريقيا لا احد يتوقع أن تتوقف إسرائيل بسبب القرار فقط، إذ يجب أن يحال إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لتنفيذه.
وبناء على قضية نيكاراغوا والموقف الحالي لواشنطن سيستخدمون حق النقض ضد أي إجراء تنفيذي يتبنّاه مجلس الأمن، ومن ثم تستطيع جنوب أفريقيا أن ترفع الأمر إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة لتنفيذه بموجب قرار «الاتحاد من أجل السلام».
وهذا سيعني عواقب وخيمة لإسرائيل، لأن الجمعية العامة للأمم المتحدة تستطيع تعليق مشاركة كافة أنشطة إسرائيل، وهذا بالضبط ما فعلته بنظام الفصل العنصري الإجرامي في جنوب أفريقيا ويوغسلافيا التي ارتكبت الإبادة الجماعية.
ثانيا: يمكن للجمعية العامة للأمم المتحدة إنشاء «محكمة جنائية دولية لإسرائيل» على غرار المحكمة الجنائية الدولية ليوغسلافيا السابقة، باعتبارها هيئة فرعية بموجب المادة 22 من ميثاق الأمم المتحدة.
وقد بدأتُ هذه المبادرة من قبل ودعمتها ماليزيا وإيران ودول عربية وإسلامية عديدة لكنها لم تكتمل، ولا بد أن يعاد النظر فيها للبدء في محاكمة كبار المسؤولين الإسرائيليين.
مع إعلان ألمانيا ذات التاريخ الفاشي انضمامها لإسرائيل ضد جنوب افريقيا في المحكمة المنظورة أمام محكمة العدل الدولية انشقاق كبير في الموقف الأوروبي حيث أعلنت وزيرة خارجية سلوفينيا في خطوة جريئة عزم بلادها الانضمام إلى جنوب أفريقيا في مقاضاة إسرائيل بتهمة ارتكاب الإبادة الجماعية في غزة على الدول الأخرى خصوصاً العربية والإسلامية منها أن تحسم امرها بشكل واضح لان الرمادية تحسب في سلة إبقاء الاحتلال الإسرائيلي فوق المسائلة القانونية والإنسانية.