Beirut weather 16.55 ° C
تاريخ النشر December 10, 2025
A A A
إسرائيل تستدرج لبنان.. نزع السلاح أو الفتنة بهدف التوسّع!
الكاتب: غسان ريفي

كتبت غسان ريفي في “سفير الشمال”:
كل المعطيات السياسية والميدانية تشير الى أن العدو الاسرائيلي يحاول إستدراج لبنان الى تنازلات متلاحقة، وصولا الى تحقيق هدفه في التفاوض المباشر وتحت النار بما يمكنه من فرض شروطه المتعلقة بإستمرار الإحتلال وإقامة المنطقة العازلة وبحرية التحرك لإستهداف كل ما يهدد أمن الكيان.

وبالرغم من كل الضغوط الدولية والإقليمية والاعتداءات المتواصلة، فإن موازين القوى في لبنان ما تزال عصية على أهداف إسرائيل، وبالتالي فإن كل خطوة بإتجاهها يُحسب لها ألف حساب، وأن ما تم تقديمه هو أقصى ما يمكن أن يُقدم في بلد شكلت مقاومته خط الدفاع الأول عن فلسطين، ونجحت في دحر العدو الصهيوني في العام ألفين، وإنتصرت عليه في حرب تموز وصمدت أمامه في حرب الـ66 يوما، وأن أكثرية لبنانية ربما لا تريد الحرب لكنها لا ترضى بالاحتلال ولا بالدخول في العصر الاسرائيلي، ولا بتسليم السلاح إلا وفق تسوية شاملة وضمانات دولية.

أوحت إسرائيل بعدم رضاها أو إكنفائها بتعيين مدني في لجنة الميكانيزم حيث أغارت في اليوم التالي لإجتماعها على أربع قرى جنوبية ودمرت عددا من منازل المدنيين، وأمس الأول وفي غمرة الحديث عن النتائج الإيجابية للخطوة اللبنانية وكيفية الاستفادة منها، نفذت طائراتها الحربية هجمات جديدة على بلدات جنوبية بحجة متابعة الحملة على منشآت حزب الله، في حين أن ما تم إستهدافه عائد لمواطنين لبنانيين مدنيين.

لذلك، فإن إسرائيل التي تسعى الى إعادة رسم ميزان القوى في لبنان، تعمل على مسارين، المسار الأول، إستثمار الضغط الدولي لسحب سلاح حزب الله، بما يُبعد عنها شبح المقاومة ويمكنها من تنفيذ أهدافها بحرية كاملة، في ظل إصرار رئيس حكومة الإحتلال بنيامين نتنياهو على وضع الحجر الأساس لإسرائيل الكبرى في لبنان وأن ينطلق منه في تغيير خريطة الشرق الأوسط.

أما المسار الثاني هو سعي العدو الصهيوني الى الإستثمار في الإنقسامات السياسية والطائفية القائمة في لبنان، وجعل ملف سلاح حزب الله بمثابة الشرارة التي كلما تراجعت نار الإنقسامات سارع البعض الى إستخدامه من أجل تأجيجها.

لذلك، لم يعد مستغربا كمّ التحريض وإثارة الغرائز والنعرات الطائفية والمذهبية الذي تستخدمه تيارات وشخصيات سياسية من أجل خلق بيئة قابلة للإختراق السياسي وربما الأمني، وفي حال نجح المحرضون في هذا السيناريو ووصلوا الى ما يسعون إليه من فتنة تؤدي الى توتر وفوضى، فإن الأبواب ستكون مشرّعة أمام الاسرائيلي لإستغلالها إما لدعم فريق ضد آخر في إستحضار لأجواء عام 1982، أو للقيام بإجتياح بري قد يصل الى نهر الأولي أو ربما مجددا الى بيروت لتثبيت واقع يشرّع الإحتلال بالقوة.

في غضون ذلك، يستطيع لبنان أن يفرض مسارا ثالثا، في حال تعاطى كل المعنيين فيه مع التطورات بوحدة وطنية وبكثير من المسؤولية، عبر التمسك بالثوابت والعمل وفق الأولويات التي يعتمدها لجهة الانسحاب الاسرائيلي ووقف الاعتداءات وإطلاق الأسرى وإعادة الإعمار ومن ثم البحث في ملف السلاح وكيفية إستثماره ضمن إستراتيجية أمن وطني، والاستفادة من الإلتزام اللبناني بإتفاق وقف إطلاق النار ومن قيام السلطتين السياسية والعسكرية بواجبهما كاملا، وإحراج أميركا والمجتمع الدولي ودفعهم للضغط على إسرائيل للإلتزام ببنود الإتفاق، لكن من يستمع الى تصريحات رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع ومن يدور في الفلك “السيادي” والتي تجاوزت السرديات الإسرائيلية الأميركية الى الضرب ببنية الدولة اللبنانية وتفكيكها، يُدرك حجم الإنقسام الذي من شأنه أن يفتح الباب أمام إسرائيل للإستثمار.