Beirut weather 25.41 ° C
تاريخ النشر October 18, 2024
A A A
إستشهاد مهندس طوفان الأقصى.. ماذا عن صفقة تبادل الأسرى!
الكاتب: غسان ريفي

كتبت غسان ريفي في “سفير الشمال”

بعد عشرة أيام على مرور الذكرى السنوية الأولى لعملية طوفان الأقصى، إرتقى مهندسها المجاهد رئيس حركة حماس يحيى السنوار شهيدا، محققا بذلك أمنية طلبها من الله ومنّ عليه بها، وهي أن “يكون إستشهاده في الميدان على يد جيش الاحتلال وأن يقضي شهيدا بالصواريخ أو بالرصاص بدل أن يموت بكورونا أو بجلطة أو في حادث سير”.

ببزته العسكرية وخلال قيادته إحدى المواجهات مع جيش العدو الاسرائيلي إستشهد السنوار الذي لم تكن إسرائيل تعلم أنه في المبنى الذي إستهدفته، وقد فوجئت بوجوده بين المجاهدين الشهداء، ما يعني أمرين، الأول أنه لم يكن هناك تخطيط مسبق لإغتياله إنما إستشهد في المعركة عن طريق الصدفة، والثاني تكذيب كل إدعاءات إسرائيل أن “حماس وكل قادتها يختبئون بين المدنيين، وهي الحجة التي إعتمدتها إسرائيل من أجل قصف الأبرياء وقتلهم وتدمير المباني بشكل ممنهج، وهو الاسلوب نفسه تعتمده اليوم مع لبنان الذي تخوض مقاومته أروع ملاحم البطولة مع العدو على الجبهة الجنوبية.

إلتحق الشهيد السنوار بالقادة الشهداء من حركة حماس، المؤسس الشيخ أحمد ياسين، وعبدالعزيز الرنتيسي ويحيى عياش وإسماعيل هنية وغيرهم من الكوادر والمسؤولين السياسيين والميدانيين، ليشكل دمه وقودا جديدا لدفع مسيرة المقاومة التي تستمد عزمها من معاني الشهادة وتستمر بالاعداد لعدوها ما تستطيع من قوة.

إستشهاد السنوار أشعل المجتمع الاسرائيلي الذي عاد الى المربع الأول في السؤال عن مصير الأسرى الاسرائيليين لدى حماس والذين توقف البحث في ملفهم منذ أشهر، وهو قد يشهد المزيد من الجمود خصوصا أنه كان في عهدة السنوار، الأمر الذي دفع وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن الى إجراء سلسلة إتصالات بالوسطاء لإعادة إحياء هذا الملف وإجراء صياغة جديدة لصفقة التبادل بما يؤدي الى إنهاء الحرب. في غضون ذلك، تحركت عائلات الأسرى الاسرائيليين في الشارع بتظاهرات وإعتصامات، مطالبين رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو الاسراع في إنجاز صفقة التبادل، خشية من أن يؤدي غياب السنوار عن المشهد الى المزيد من التعقيد.

هذه التحركات وضعت حكومة نتنياهو أمام خيارين أحلاهما مرّ، فإما أن يرضخ لمطالب عائلات الأسرى ويقبل بصفقة التبادل ويواجه اليمين المتطرف الذي يعتبر ذلك إستسلاما وهزيمة أمام حماس التي لم تتمكن إسرائيل من القضاء عليها، أو أن تستمر الحرب بإستنزافها للجيش الاسرائيلي الذي فشل في تحقيق أهدافها، خصوصا أن من يعرف حماس يدرك أنها ستكون أكثر شراسة بعد السنوار.

لذلك، فإن زعيم المعارضة يائير لابيد ما يزال يؤكد إستعداده لتوفير شبكة أمان لنتنياهو لتمرير صفقة التبادل وإنهاء الحرب، وكذلك التيارات الدينية التي تؤكد دعمها لأي إتفاق يعيد الاسرى، مقابل إستمرار في تعنت وزراء اليمين في الحكومة الذين يحذرون نتنياهو من القيام بهذه الصفقة التي يعتبرونها إستسلاما لحماس وهي برأيهم يجب أن تستسلم بعد مقتل السنوار.

هذه التطورات ستعيد نتنياهو الى مواجهة الضغوط الداخلية، خصوصا أن نشوة الانتصار التي حاول أن يتعاطى بها مع المجتمع الاسرائيلي ومع المنطقة برمتها، سقطت باستعادة المقاومة في لبنان عافيتها وتنامي عملياتها على الحدود الجنوبية وفي الصليات الصاروخية التي تستهدف من خلالها المستوطنات على مدار ساعات اليوم، وهي ستتلاشى أيضا مع أول عملية تنفذها حماس ثأرا لدماء السنوار، الأمر الذي سيضع نتنياهو أمام مساءلة المجتمع الاسرائيلي حول أهداف الحرب التي لم يتحقق منها شيئا لا في غزة ولا في لبنان، وحول الأزمات التي ترخي بثقلها على إسرائيل، وهذا الأمر لن يمر من دون محاسبة.