Beirut weather 19.41 ° C
تاريخ النشر January 3, 2024
A A A
إستشهاد صالح العاروري يُدخل المنطقة مرحلة جديدة يرسم محور المقاومة ملامحها!
الكاتب: غسان ريفي - سفير الشمال

أكدت عملية إغتيال نائب رئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية حماس الشهيد الشيخ صالح العاروري مع إثنين من قادة كتائب القسام وعدد من كوادر الحركة خلال إجتماعهم في مكتب عائد لحماس في الضاحية الجنوبية لبيروت، أن العدو الإسرائيلي لا يشبع من الدماء وهو يفتش عن المزيد منها لأسباب مختلفة أبرزها فشله الكامل في تحقيق أهداف الحرب على قطاع غزة بالرغم من مرور ٨٨ يوما على عملية طوفان الأقصى.

عملية الاغتيال التي جاءت عبر صواريخ معادية أطلقت من مسيّرة صهيونية، شكلت كسرا لكل قواعد الاشتباك لا بل تجاوزت كل الخطوط الحمر، وأدخلت لبنان وفلسطين ومعهما المنطقة بكاملها الى مرحلة جديدة سيرسم محور المقاومة عموما وحزب الله بشكل خاص ملامحها، بإعتبار أن العملية الإرهابية إستهدفت معقله في الضاحية وإنتهكت بشكل صارخ السيادة اللبنانية، وإغتالت أحد أقرب المقربين منه والذي يوصف بمهندس وحدة ساحات المقاومة.

وإذا كان لبنان الرسمي قد سارع الى تقديم شكوى الى مجلس الأمن بتوجيهات من رئيس الحكومة نجيب ميقاتي الذي أعطى توجيهات بذلك الى وزير الخارجية عبدالله بوحبيب، فإن الرد العسكري من الحدود اللبنانية الفلسطينية سيكون حتميا وهو أمر تحدد المقاومة الاسلامية مكانه وزمانه ومساحته ومداه، حيث ينتظر العالم بأسره ما سيقوله اليوم الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله في إطلالته المرتقبة عند السادسة من مساء اليوم.

يمكن القول، إن إستهداف قياديا فلسطينيا في فلسطين أو في لبنان من قبل إسرائيل كان أمرًا متوقعا منذ بداية العدوان على غزة، لكن ما لم يكن متوقعا أو في الحسبان هو مكان هذا الاستهداف، وهو الضاحية الجنوبية والذي يحاول من خلاله رئيس حكومة الإحتلال بنيامين نتنياهو إستدراج لبنان ومقاومته الى حرب مفتوحة تطيل عمره السياسي لتبقيه على رأس الحكومة الاسرائيلية، وتُحرج أميركا لا سيما مع قرارها بعودة حاملة الطائرات الأميركية من البحر المتوسط، وترمم صورته في المجتمع الاسرائيلي الذي يزداد إنقساما وغضبا حول قضايا داخلية سياسية وإدارية وقضائية، وشؤون الحرب على غزة ومصير الأسرى.

لا شك في أن حزب الله الذي صعّد من هجماته بعد عملية الإغتيال على الحدود اللبنانية – الفلسطينية حيث نفذ سلسلة هجمات إثنتان منها بتجمعات للجنود أوقع فيها إصابات مباشرة بإعتراف إعلام العدو، يفترض أن يكون رده إستثنائيا وموجعا وعلى مستوى الإستهداف غير المسبوق منذ عدوان تموز، وذلك لتعزيز قوة الردع وتوازن الرعب تجاه العدو الاسرائيلي لمنعه من تكرار حماقته لاحقا.

وفي هذا الإطار، فقد أكد الحزب في بيان له أن “الجريمة الاسرائيلية لن تمر من دون رد ومن دون عقاب”، إدراكًا منه بأنه إذا لم يكن الرد مؤلما وصاعقا، فإن العدو الاسرائيلي قد يتمادى في الاغتيالات التي لن توفر أحدا، وفي الخروقات وإنتهاك السيادة اللبنانية، لذلك لا بد من تدفعيه ثمن ما إرتكبه من حماقة ليصار الى ردعه وإعادته الى قواعد الإشتباك.

يبدو واضحا، أن نتنياهو ماض في إطالة زمن الحرب وفي فتح جبهات جديدة لاسيما مع لبنان، كون ذلك يمنحه فرصة إضافية في الانتقام من الفلسطينيين في غزة والضفة الغربية بعيدا عن الاعلام الذي سيركز إهتماماته على الجبهة الجديدة، وهو باشر أمس بإقتحام مدينة طولكرم في الضفة ومحاصرة بعض المستشفيات والتجمعات الفلسطينية، وواصل إستهداف البشر والحجر في غزة وصولا الى الاعدامات الميدانية لمدنيين في الطرقات.

سلوك نتنياهو يطرح سلسلة تساؤلات، لجهة: هل يستطيع أن يفتح جبهتين فيما جيشه يغرق في رمال ومستنقعات غزة؟ أم أنه يسعى لإنقاذ نفسه ولو أدى ذلك الى إحراق اسرائيل؟ وماذا سيكون الموقف الأميركي المدرك أن نتنياهو عاجز عن تحقيق أي هدف عسكري، وأن مغامرته الجديدة قد تؤدي الى حرب إقليمية مفتوحة قد تهدد قواعدها العسكرية وتضاعف من شدّ الخناق على حركة الملاحة في البحر الأحمر؟ وهل تأجيل زيارة وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن الى فلسطين المحتلة اليوم يأتي في معرض التعبير عن رفض أميركا لعملية إغتيال الشهيد العاروري في هذا التوقيت خصوصا أنه وبحسب البيان الصادر عن البيت الأبيض أن “الرئيس جو بايدن لم يكن على علم بها”، أو بحسب إسرائيل أنه “تم إخطاره بالعملية خلال تنفيذها”؟ وهل ستترك أميركا نتنياهو يأخذ المنطقة الى حرب تدرك خطورتها كونها ستهدد مصالحها في الشرق الأوسط؟ أم أنه بدأ يتحول الى عبء قد يدفع الولايات المتحدة الى التضحية به لحماية الكيان!..