Beirut weather 22.41 ° C
تاريخ النشر March 5, 2024
A A A
إرث الحِرف اليدوية: صناعة سلال القش وتراث زغرتا
الكاتب: ماريا فرنجيه - موقع المرده

 

تعتبر الحِرف اليدوية فنًا قديمًا يتميز بالصناعة اليدوية والاهتمام بالتفاصيل الدقيقة. إنها تعبير عن مهارات ومواهب الفرد، تمثل طريقة للتواصل مع التاريخ والثقافة، كما أنها تلعب دورًا هامًا في الحفاظ على التراث الثقافي والتعبير عن الهوية الفريدة لكل مجتمع.
في زغرتا، تعتبر صناعة سلال القش واحدة من الحرف التقليدية التي تتمتع بجمال فني وثقافي عميق. فهي ليست مجرد حرفة يدوية، بل هي فن ينبثق من جوانب الطبيعة ويعكس روح الإبداع والمهارة التي تمتاز بها المجتمعات القروية.
تعود جذور صناعة سلال القش في زغرتا إلى قرون مضت، حيث كانت تُستخدم في الحياة اليومية لسكان المنطقة لحمل المواد الزراعية والتجهيزات المنزلية، كما كانت تُصنع بأساليب يدوية تقليدية تتوارثها الأجيال.
وفي لقاءٍ مع “يوسف بوضاهر” وهو صانع سلال قش في زغرتا منذ أكثر من ٧٠ سنة، كشف عن تفاصيل العمل وكيفية استخدام القش بطرق متقنة لخلق تصاميم متنوعة وجميلة. فيقوم الرجل المسن بنفسه بانتزاع القصب من البساتين وعلى ضفاف الانهر، ومن ثم يعمد الى تنظيفها وتقشيرها مستخدماً سكيناً ومنجلاً لكي يصنع منها السلال لتخزين الفواكه والخضروات، وصوانٍ لحمل الأوزان الثقيلة، أو لحفظ الأغراض المنزلية، ومع ذلك يجب الانتباه إلى أن استخدام هذه السلال يعتمد على قوتِها وتصميمها. كذلك تتنوع أحجامها بناءً على الغرض المقصود من استخدامها وحجم المواد التي يجب تخزينها بداخلها وبحسب الاحتياجات لأهالي المنطقة، فتتراوح أحجامها من سلال صغيرة تتسع للأطعمة فقط، إلى سلال كبيرة الحجم مناسبة للحطب والأدوات المنزلية الكبيرة.
وأضاف بوضاهر، أن المنتج الاكثر مبيعاً وخاصةً في فصل الشتاء هي السلال المدعمة بالحديد، حيث تُعتمد لتخزين الحطب الذي يُستخدم في موقد الحطب أو ما يعرف بالشومينيه.
وبالرغم من الجهود المبذولة في صناعة السلال، إلا أن المردود الاقتصادي يبقى ضئيلاً للغاية ولا يمكن الاعتماد عليه كمصدر دخل مستقر. كما أكد بوضاهر، أن استبدال الناس للقصب بالبلاستيك، بسبب مظهره وتكلفته الأرخص، أدت إلى انخفاض الطلب على سلال القش.
في النهاية، تُعتبر صناعة سلال القش تقليدًا يدويًا يمثل تراثًا ثقافيًا واقتصاديًا لا يُقدر بثمن، يظل من الضروري الحفاظ على هذه الحرفة ودعم الحرفيين المحليين لضمان استمراريتِها وتوارثها للأجيال القادمة.