Beirut weather 22.41 ° C
تاريخ النشر June 4, 2021
A A A
إجتماع بعبدا: “سَلَطة” سُلُطات!
الكاتب: خالد أبو شقرا - نداء الوطن

بعد “الهمروجة” التي سببها قرار مجلس شورى الدولة، تقدم “الحُكم” ورفع يد حاكم “المركزي” رياض سلامة، معلناً انتصاره بجولة جديدة على القضاء والمودعين، فحاز تحت سقف اجتماع قصر بعبدا على غطاء قانوني من رئاسة الجمهورية ومجلس الشورى لطريقة إدارته للسيولة، وإطلاقه أسعار صرف وإلزام المودعين بها، ليتم مرة جديدة تكريس “سَلَطة” السلطات، بدلاً من العمل على مبدأ فصل السلطات، فتنتصر العشوائية في أداء المسؤولين والمصارف والمودعين والجمعيات والروابط على تصويب الأهداف، وبدء تحقيقها بالتدرج وبالطريقة الصحيحة.
صحيح أن كلام الليل محاه النهار، والمصارف عادت للتسديد على أساس 3900 ليرة، لأن “مصرف لبنان لم يتبلغ صورة صالحة للتنفيذ عن القرار الإعدادي”، إلا أن “دار” القضاء والإقتصاد دخلها “الشر”. فحادثة الأمس رفعت “الستارة” عن فصل جديد من “مسرحية” الإستهزاء بالقضاء، وعقول المواطنين، وتكريس للواقع الأليم على حد سواء. فـ”الحاكم لم يكن ليستطيع التقدم بمراجعة لدى مجلس شورى الدولة، كما صرح من قصر بعبدا، لو لم يتبلغ القرار”، يقول رئيس الجمعية اللبنانية لحقوق المكلفين المحامي كريم ضاهر، “وطالما تقدّم بالمراجعة، فهو يعتبر متبلغاً حكماً. وفي هذه الحالة يجب أن يبقى قرار الشورى نافذاً إلى حين البت بالطعن أو المراجعة. وبالتالي فان تعليق العمل بالقرار 213/2021 في هذا الإخراج المسرحي، لا يدل على الإستخفاف بالقضاء فحسب، بل بالتدخل السافر للسلطة التنفيذية بعمل القضاء وتطويعه بما لا يخدم المصلحة العامة”.
التسليم بالنية الحسنة لقرار مجلس شورى الدولة بقبول الطعن بالتعميم 151، تستوجب السؤال عن ضرب المهل القانونية بعرض الحائط. “فقرار دفع الودائع على سعر صرف 3900 ليرة اتخذ في نيسان العام الماضي، وكانت هناك مهلة شهرين أمام المعترضين للطعن بالقرار، أي لغاية 30/6/2020″، يقول ضاهر، لماذا إذاً، الإنتظار لنيسان 2021؟ اكثر من ذلك، هل تم عند إصدار القرار مراعاة المادة 77 من نظام مجلس شورى الدولة التي تنص على أنه “لا يجوز وقف التنفيذ، اذا كانت المراجعة ترتكز على إبطال قرار يتعلق بحفظ النظام والأمن أو السلامة العامة؟”. وفي سياق المادة نفسها، هل تنفيذ التعميم كان صحيحاً في الأمس وأصبح يلحق ضرراً جسيماً اليوم؟
“الأكيد أن التعميم 151 الذي يقتطع بسعر صرف اليوم 70 في المئة من الودائع يعتبر جائراً، إلا أن عدم تقديم البديل الجدي يعتبر أكثر ظلماً. وهذا ما برهنت عنه صفوف المودعين أمام الصرافات الآلية في الأمس، حيث شعر المودعون أنهم حققوا انتصاراً بتعليق العمل بالقرار. فتكرس الظلم وإدخال الخنوع كـ”النعس” في عقول المواطنين لتقبل أي حل في ما بعد، مهما كان ظالماً، هو أخطر ما نواجهه.
في المقابل، فإنّ إلزام المصارف بالدفع بعملة الوديعة غير ممكن بأي شكل من الأشكال لعدم توفر الأموال. والعدالة في التوزيع تستوجب، بحسب ضاهر، “إجراءات سابقة كثيرة، وفي مقدمها الكابيتال كونترول. فالمصارف لن تستطيع معاملة المودعين بالمثل، طالما لا وجود لقانون يضع القيود على السحوبات والتحاويل”. ومن المفروض “إرساء قواعد تعاطٍ جدية وواضحة بين المصارف والمودعين تلغي استنسابية المصارف، وتعامل المودعين على قاعدة واحدة، وتحمي التدفقات النقدية الداخلة من الخروج، خصوصاً في حال التوصل لاتفاق مع صندوق النقد الدولي. أما التعنت برفض الكابيتال كونترول فهو لا يتعلق بالرغبة باستمرار الاستنسابية فحسب، إنما لعدم الرضوخ لرفع السرية المصرفية التي يتطلبها القانون، وفضح الحسابات المصرفية والتحاويل الخارجية”.