Beirut weather 22.43 ° C
تاريخ النشر July 18, 2018
A A A
إتفاق معراب… كشف سعي التيار والقوات لالغاء الآخرين
الكاتب: مرسال الترس - سفير الشمال

فوجئ اللبنانيون ولاسيما المسيحيون منهم بالمضامين التي تألف منها “إتفاق معراب”، ولاسيما لجهة النية والسعي الى إلغاء القوى المسيحية الاخرى من أحزاب وتيارات وقوى سياسية حافظت على وجودها واستمرارها منذ ما قبل الاستقلال، وفي حقبات مختلفة حاول مسؤولون برتب مختلفة تحجيم تلك القوى أو عزلها، ولكن كل تلك المحاولات كانت دائماً تبوء بالفشل، ليس لأن تلك القوى على حق أو هي على قدر من المثالية لا يُضاهى، بل لأن التركيبة القائمة في لبنان منذ ما قبل الاستقلال وما بعده ترتكز على التنوع الطائفي والمذهبي والاجتماعي ومن المستحيل نجاح أي فئة بالغاء أي فئة أخرى.

ولو كان بعض السياسيين الذين يصيبهم الغرور، يقرأون التاريخ ويتمعنون في مجريات الاحداث لما كانوا يسمحون لأنفسهم بارتكاب الاخطاء التي ستنعكس بالنهاية فشلاً عليهم..

فالتيار الوطني الحر وحزب القوات اللبنانية “اقتنعا” انهما بتحالفهما يستطيعان إلغاء سائر المكونات المسيحية التي يجب أن ينتفي وجودها بمجرد تقاربهما، ولهذا أقنعا نفسيهما أنهما باتا يمثلان 93 % من المجتمع المسيحي والآخرين “فراطة” أو ربما أقل.

لكن الصحيح هو أن هذه النسبة وافقت لا بل صفقت لمصالحتهما، حفاظاً على هذا المجتمع الذي ذاق الأمرّين من صراعاتهما الدامية ومن حقدهما على بعضهما البعض لمجرد الاختلاف بالاراء!.. واللافت أنه عندما تمت ممارسة الديمقراطية في الانتخابات البلدية تظّهر حجمهما الطبيعي وبالكاد تخطيا الخمسين بالمئة في كثير من المواقع والمواجهات.

بنى التيار الوطني الحر وحزب القوات اللبنانية صعودهما السياسي والامني على مقولة أنهما يحاربان ويقفان سداً منيعاً بوجه العائلية والتسلط الاقطاعي. وعندما آلت السلطة اليهما مارسا أبشع انواع العائلية والاستفراد بالسلطة حتى أن الناس بدأت تترحم على ما كان يفعله سواهما في هذا السياق!.

كذلك فإن التيار الوطني الحر وحزب القوات اللبنانية اللذين حاولا ممارسة إلغاء الآخرين عبر مندرجات “اتفاق معراب” الذي تضمن “سرية فضائحية” في ترجمة افكار الطرفين. نسيا أو تناسيا أن حضورهما في المجتمع المسيحي إنطلق من استغلالهما لفكرة أن “راجحاً” يريد الغائهما لاستدرار عطف المكونات المسيحية من اجل الوصول الى تحقيق اهدافهما التي أقل ما يمكن أن يقال فيها أنها “خبيثة” وتستحق الازدراء والاسقاط!، وهما صوّرا لفئات المجتمع المسيحي أنهما سيكونان الضامنين لوجودها، وعندما حققا غايتهما أصدرا حكما مبرماً غير قابل للاستئناف بوجوب تذويب تلك الفئات في أتونهما حصراً، وباتا يشكلان “الذئب” الذي يسعى للانقضاض على فريسته عندما تحين له الفرص!.

جرى التكتم بسرية تامة على مضمون “صفقة معراب” حتى انفجر الخلاف بين عرابيها، فلو كانت تلك النصوص لصالح جميع فئات المجتمع المسيحي فلماذا لم يُصر الى اعلان بنوده الاّ عند التطاحن وقسمة الجبنة!.

يجزم المراقبون أن المعادلة الذهبية في لبنان باتت ترتكز على مفهوم عدم قدرة أحد، كشخص أو كمجموعة، على الاستفراد أو التفرد بالسلطة أو الهيمنة على مقدرات البلاد، فهل سيعي المتهورون أصول اللعبة، أم أنهم سيجرّون أنفسهم الى الفشل حتماً؟