في كل عام يعود “عيد الاستقلال”، ويعود معه السؤال ذاته الذي يردده اللبنانيون بمرارة وسخرية:
أي استقلال نحتفل به؟ عن أي حرية نتكلم؟

لكن الحقيقة أن السؤال الاهم اليوم ليس: هل نحن مستقلون؟
بل: أي استقلال نريد؟

نحن اللبنانيون نبحث عن استقلال مختلف، استقلال لا يُقاس بالمراسم ولا بالاستعراضات، بل يُقاس بحقوقنا الأساسية، بكرامتنا، بأماننا، وبقدرتنا على أن نعيش دون خوف.

كمواطنة لبنانية، أريد استقلالا يحميني ويحمي أهلي،
أريد أن أضمن شيخوخة والديّ.
أريد مستقبلا كريما لاولادي في وطن ليس مفروضا عليهم أن يتركوه ليعيشوا.
أريد قرارا لبنانيا داخليا حرا، لا يكون الا لمصلحة أبنائه.
أريد بلدا يعمه الامان بعيدا عن السلاح المتفلت هنا وهناك.
اريد دولة تحمي مواطنيها وتعاقب مخربيها.
أريد جنوبا محررا.
أريد اقتصادا يبنى على الاستثمار والعمل، لا على المساعدات والهبات.
أريد دولة تقدّر علمي وتعب سنين، أريد أجرا يليق بجهدي.
أريد وطنا يجعل الإنسان يشعر بأن لديه قيمة، ولا يفكر بالهجرة كخلاص له.
أريد دواءً لكل مريض، ماء وكهرباء، طرقات نظيفة، وخدمات تكون حقا لا حلما.

نريد الكثير، نعم الكثير لكن ما نطلبه ليس رفاهية.
إنه الحد الادنى من حقنا كمواطنين، ومن واجب دولتنا.

هذا هو الاستقلال الذي نريده، استقلال يجعلنا نعيش بكرامة، ويجعل الخوف من الحرب والدمار جزءًا من الماضي لا من يومياتنا.
استقلال نبنيه يدا بيد بالإرادة والعمل.
وحين نصل إليه سيكون “عيد الاستقلال” عيدا يُحتفل به بفرح، لا بمرارة وسخرية، ويستحق أن يكون عيدا للوطن.