Beirut weather 19.41 ° C
تاريخ النشر July 16, 2023
A A A
أوروبا تواجه الهجرة غير الشرعيّة إليها بتوطين النازحين السوريين
الكاتب: كمال ذبيان - الديار

لم يكن قرار البرلمان الاوروبي، في ما يخص النازحين السوريين وتحديداً في لبنان مفاجئاً، فهو متخذ منذ بدء الازمة السورية قبل 12 عاماً، بان يبقى النازحون حيث هم في البلدان لا سيما المجاورة لسوريا، وعدم تمكينهم من الهجرة الى اوروبا، وهي دائماً غير شرعية، وحصلت فيها حوادث غرق، ذهب فيها ضحايا.

وما حفّز البرلمان الاوروبي على القرار، هو النزعة العنصرية اليمينية المتصاعدة ضد المهاجرين الذين تتهمهم السلطات في الدول الاوروبية، بانهم وراء ازمات تعيشها، حيث توجهت الانظار الى ما حدث في فرنسا قبل نحو من شهر، بعد مقتل الشاب نائل مرزوق، وهو من أب جزائري مهاجر، حيث اشتعلت مدن فرنسية باعمال عنفية، واعيد فتح موضوع الهجرة الى اوروبا، كما هي من المكسيك ودول اخرى الى اميركا.

فالقرار كان متوقعاً، وكانت له مقومات، من خلال زيارات موفدين اوروبيين الى لبنان، والطلب من المسؤولين فيه، رعاية شؤون النازحين مقابل منحه مساعدات سواء للتعليم والصحة واعالة الاسر النازحة، فقبل المسؤولون اللبنانيون وعلى مدى هذه الاعوام، العرض الاوروبي كما الاممي من خلال مفوضية اللاجئين، لتكون النتيجة مع طول الازمة في سوريا، وعدم الوصول الى حل سياسي، ان شكّل النازحون السوريون عبئاً على لبنان من كل النواحي الديموغرافية والمالية والاقتصادية والاجتماعية والامنية، حيث علت اصوات تحذر من خطورة القبول والسكوت عن هذا النزوح، حيث قام من يدّعون بانهم «سياديون»، في الدفاع عن النزوح السوري، لاسباب سياسية وامنية، ورفض عودتهم الى سوريا، كي «لا يقتلهم النظام»، اذ كان كل من يطالب باجراءات للحد من النزوح السوري كان يتهم بـ «العنصرية»، اذ جرى استخدام ملفه في الصراعات السياسية بين القوى اللبنانية.

فاوروبا تريد ان تحمي دولها من النازحين السوريين، والطلب من الدول المضيفة لهم، الا تفرض عليهم العودة، حيث يكشف مصدر ديبلوماسي لبناني، ان قرار البرلمان الاوروبي، يتضمن توطيناً مقنعاً للنازحين، الذين لا تكشف مفوضية اللاجئين عن ارقامهم، وهي تحاول التخفيف من اعدادهم، لعدم اثارة الموضوع، وهي تتحدث عن حوالى 800 الف نازح مسجّلين لديها، في حين اعلنت المديرية العامة للامن العام عن رقم مليونين و200 الف نازح، وولادة نحو 250 الف طفل، حيث اقلق هذا العدد اللبنانيين الذين استضافوا السوريين كنازحين وليس كلاجئين، اذ لا ينطبق عليهم صفة اللجوء، وقد وقّع لبنان مع الامم المتحدة في العام 2003 اتفاقاً، بانه ليس بلد لجوء، وان النازحين الذين قدموا اليه، انما لاسباب امنية، ويعودون فوراً متى انتفت الاسباب، اذ عادت مساحات واسعة من الاراضي السورية، الى الهدوء الامني، وهذا ما يوجب على النازح السوري ان يعود الى بلدته، تحت عنوان العودة الآمنة، وليست الطوعية التي يقررها هو، فاللاجىء السياسي لم يعلن عن نفسه، والمعارضون للنظام، باتوا في حالة اقامة دائمة في الدول التي دعمت حركتهم، اضافة الى ان لبنان كان يستعين بالعمالة السورية، ولا مشكلة لديه فيها، وهذا يعود الى عقود، لا سيما عمال البناء والزراعة.

والسؤال هو: كيف سيتعاطى لبنان الرسمي والسياسي، مع القرار الاوروبي، الذي وحسب مصدر وزاري، هو انتهاك للسيادة اللبنانية، وتدخل في شؤون لبنان، والاعتداء على دستوره، الذي رفض التقسيم والتوطين، وعندما يقرر البرلمان الاوروبي، استمرار بقائهم في لبنان، حتى حل الازمة في سوريا، يذكّر بما جرى مع اللاجئين الفلسطينيين الذين اقرت الامم المتحدة بحق عودتهم في القرار 194، وهم منذ اكثر من سبعة عقود يقيمون في لبنان وحصل بعضهم على جنسيته، وهذا ما يخشى منه مع النازحين السوريين، الذين يقيمون في مخيمات او منازل، وباتوا يفكرون بالبقاء في لبنان، او الانتقال منه الى دولة اخرى، وهذا ما ترك البرلمان الاوروبي يعمل على بقائهم لا انتقالهم او هجرتهم غير الشرعية.

ففي مثل هذا الوضع، لا يمكن لحكومة الرئيس نجيب ميقاتي ان «تنأى بنفسها» عن ملف خطر، قد يشعل نزاعاً وربما حرباً بين مجموعات سورية واخرى لبنانية تحت عناوين شتى، وان بين السوريين من خدموا في الجيش السوري ومدرّبين، ويوجد ايضا من يحملون فكراً دينياً متطرفاً، وتدعمهم جمعيات اسلامية تحمل فكر «الاخوان المسلمين» او «الوهابية» الخ…

فالتحرك الرسمي اللبناني خجول، وكل من هو في موقع السلطة يحسبها وفق مصالحه الخاصة، كما آخرين في «المعارضة» او «السياديون»، الذين لهم ارتباطات سياسية خارجية مع دول لا يعارضونها، وعلى وزير الخارجية عبدالله بو حبيب ان يشرع بطلب زيارة وفد وزاري لبناني الى سوريا، وهو تأخر في ذلك، كما لم يرسل الى مفوضية اللاجئين طلب تسلم «داتا المعلومات» وهي تنتظر رسالته اذ فسّر وزير شؤون المهجرين عصام شرف الدين القرار الاوروبي، بانه لمنع زيارة الوفد اللبناني الى سوريا، التي ابدت تجاوباً بعودة النازحين ومنهم حوالى 300 الف خلال عام، وقد سبق ان سهّلت عمل الامن العام اللبناني بعودتهم، وهو ما يطرح سؤالاً، عن استقلالية قرار الحكومة ورئيسها؟