Beirut weather 22.41 ° C
تاريخ النشر May 27, 2016
A A A
أوباما والقنبلة والفتاة!
الكاتب: نقلاً عن روسيا اليوم

أعلن البيت الأبيض أن الرئيس باراك أوباما لن يعتذر خلال وجوده في اليابان عن مقتل أكثر من 200 ألف ياباني في “هيروشيما وناغازاكي” بقصفهما بقنابل ذرية أميركية خلال الحرب . وكان الرئيس أوباما قد وصل إلى طوكيو يوم الأربعاء الماضي للمشاركة في قمة مجموعة “G7”.

ومع ذلك تحاول السلطات اليابانية تصوير زيارة أوباما كانتصار دبلوماسي لها لأنه وبعد مرور 70 عاما على انتهاء الحرب العالمية الثانية سيقوم رئيس أميركي ولأول مرة بزيارة النصب التذكاري الذي أقيم في “هيروشيما” بتخليد ذكرى ضحايا القصف النووي الأميركي وبوضع أكليل من الورود عند هذا النصب.

ولكن الأجواء الطيبة التي حاولت وسائل الإعلام اليابانية تكوينها حول الزيارة سرعان ما تبخرت وساد الارتباك في وزارة الخارجية اليابانية، ففي يوم  الـ19 من ايار اعتقلت الشرطة في محافظة أوكيناوا عسكريا أمريكيا (32 عاما) من العاملين في القاعدة العسكرية الأميركية هناك وذلك للاشتباه في “تخلصه” بشكل غير قانوني من جثة فتاة اختفت في نيسان الماضي، وعادة هذه الصيغة تستخدم في اليابان قبل توجيه التهمة بالقتل.

وتجدر الإشارة إلى أنه عثر على جثة فتاة اسمها رينا شيمابوكورو (20 عاما) في أحراش في المنطقة وعثرت الشرطة في سيارة العسكري الأميركي على آثار حمضها النووي وهو ما دفعه للاعتراف بارتكاب الجريمة التي سببت صدمة قوية لسكان اليابان وللسلطات هناك. وقدم وزير الخارجية الياباني فوميو كيشيدا الاحتجاج الشديد إلى مسؤول السفارة الأميركية في طوكيو، وبعد ذلك صدرت تصريحات شديدة اللهجة عن وزير الدفاع  الياباني وعن السكرتير العام للحكومة وعن رئيس الوزراء الياباني شينزو آبي، وبعد فترة اعتذر وزير الدفاع الأميركي آشتون كارتر للجانب الياباني عما حدث.

وفي يوم الأربعاء الـ25 من أيار التقى رئيس وزراء اليابان مع الرئيس الأميركي وذلك قبيل انعقاد قمة مجموعة السبعة الكبار، وخلال اللقاء أعرب رئيس الوزراء الياباني عن امتعاضه لما حدث وطالب الرئيس الأميركي باتخاذ الإجراءات الضرورية لمنع تكرار مثل هذه الحوادث الشنيعة ومن بينها على سبيل المثال لا الحصر، قيام مجموعة من العسكريين الأميركيين في عام 1995 باغتصاب طفلة يابانية (12 عاما) وهو ما تسبب حينذاك بمظاهرات احتجاجية شارك فيها 85 ألف شخص طالبوا برحيل الأمريكان من الجزر اليابانية، ويعد سكان أوكيناوا بتكرار هذه المظاهرات في أواسط حزيران المقبل.

وأعلن ممثلو الأحزاب ورجال الأعمال والكثير من المواطنين العاديين عن رغبتهم في المشاركة في هذه المظاهرات. ويعرب هؤلاء عن تأييدهم التام لحاكم المحافظة تاكيشي أوناغا الذي اتصل برئيس الوزراء بعد وقوع الجريمة وطالبه بتنظيم لقاء له مع الرئيس الأميركي، وشدد الحاكم على أنه لا حدود  لغضبه وامتعاضه وأكد أن الوضع في أوكيناوا يزداد توترا يوما بعد يوم. ويرى الحاكم أن سبب كل الجرائم التي يرتكبها العسكريون الأميركيون هو وجود القاعدة العسكرية الأميركية في المنطقة.

في ذات الوقت تواصل الولايات المتحدة تقديم نفسها كدولة قامت خلال الحرب بتدمير اليابان ومن ثم أعادت إعمارها مع كل سمات المجتمع الغربي المزدهر ولذلك يجب على طوكيو أن تعرب عن امتنانها وشكرها على شكل نشر القواعد الأميركية على الأراضي اليابانية ولقاء ذلك تضمن واشنطن أمن اليابان.

ولكن هذه المنشآت العسكرية الأميركية تحولت مع الزمن إلى مصدر للمشاكل بالنسبة لسكان اليابان وخاصة سكان أوكيناوا التي تقع في أقصى جنوب البلاد وتشغل فقط 0.6 بالمئة من أراضي الدولة (ولكن رغم ذلك تتمركز فيها 74% من القواعد والمنشآت العسكرية الأميركية). وعلى أراضي هذه المحافظة تسجل بين الحين والآخر جرائم بمشاركة العسكريين الأميركيين بما في ذلك اغتصاب وقتل النساء.
وسيتوجه أوباما يوم الـ27 من أيار وهو اليوم الأخير في أعمال القمة إلى “هيروشيما” وفي طريقه إلى هناك سيتوقف في محافظة “ياماغوتشي”، حيث توجد قاعدة عسكرية أميركية أخرى، وهناك سيلقي كلمة أمام العسكريين العاملين فيها. ماذا سيقول أوباما لهم؟

هل سيقر بأن بلاده لم تكن محقة عندما استخدمت السلاح الذري ضد اليابان أو سيبدي أسفه بخصوص الضحية الدورية التي قتلها العسكريون الأميركيون؟ كل ذلك مستبعد.
بعد الحديث مع العسكريين سيتوجه الرئيس الأميركي إلى المدينة التي دمرها القصف الذري الأميركي في نهاية الحرب العالمية الثانية وسيضع أكليل ورود وسيلقي كلمة عن العالم بدون سلاح نووي ولكن كل ذلك لن يعيد الفتاة رينا شيمابوكورو إلى أهلها ومحبيها.
من جانبها قررت حكومة اليابان إقامة مجموعة وزارية مشتركة مختصة بموضوع منع ارتكاب جرائم في البلاد من قبل العسكريين الأميركيين والعاملين في القواعد الأميركيين داخل اليابان.
وذكر السكرتير العام للحكومة اليابانية أن المجموعة ستضم ممثلين عن كل الوزارات والمؤسسات المعنية وذلك على مستوى مدراء المديريات.

***

  • صحيفة روسيسكايا غازيتا