Beirut weather 16.85 ° C
تاريخ النشر September 10, 2025
A A A
أهداف وتداعيات محاولة نتتياهو الفاشلة لاغتيال الوفد التفاوضي لـ «حماس»
الكاتب: حسن حردان - البناء

ماذا يعني ان تقدِم حكومة العدو برئاسة بنيامين نتنياهو على محاولة اغتيال وفد حماس للمفاوضات، وما هي تداعيات فشل هذه المحاولة الفاشلة على كلّ الصعد، والى ماذا تدلل؟

هذه الأسئلة وغيرها طرحت فور إعلان جيش الاحتلال عن العملية، والهدف منها، ومن ثم فوجئ رئيس وزراء العدو بنيامين نتنياهو ومجلس وزرائه المصغر بأنّ العملية الغادرة لم تحقق أهدافها.. مما أدّى إلى ارتباك إسرائيلي عكسه موقف نتنياهو الذي سارع في البداية الى الإعلان عن العملية وانها تمّت بمعرفة وغطاء من إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب، لكنه بعد تأكيد قيادات في حركة حماس بأنّ وفدها التفاوضي برئاسة خليل الحية قد نجا من محاولة الاغتيال، عاد نتنياهو وسارع الى محاولة تبرئة إدارة ترامب من المسؤولية، عبر القول بأنّ العملية تمّت بقرار مستقلّ اتخذته حكومته المصغرة مع قادة الأجهزة الأمنية.. وذلك بهدف حصر تداعيات فشل المحاولة، لكن عدم إدانة إدارة ترامب للعملية، التي تطلق النار على مقترح ترامب نفسه، فيما معظم دول العالم استنكرت وأدانت، يؤكد انّ واشنطن وفرت الغطاء للعملية، بدليل انّ دفاعاتها الجوية في قاعدة العديد في قطر لم تحرك ساكناً للتصدي للطائرات التي خرقت أجواء قطر ونفذت عدوانها.. فيما هي سارعت الى التصدي للصواريخ الإيرانية التي ردّت على العدوان الأميركي على ايران.

لكن ماذا يعني إقدام نتنياهو على مثل هذه العملية الغادرة في قطر؟

في هذا الإطار يمكن القول انّ العملية هدفت الى ما يلي:

ـ اتخاذ قرار واضح بنسف المفاوضات، ذلك انّ استهداف وفد حماس خلال اجتماع لمناقشة مقترح أميركي جديد لوقف إطلاق النار والتوصل لصفقة تبادل للأسرى، يرسل رسالة واضحة بأنّ نتنياهو لا يريد مطلقاً الحلً التفاوضي لانهاء الحرب وتبادل الأسرى. بل إنه يفضل الحلّ العسكري وتدمير ما تبقى من قطاع غزة.

ـ تجاوز كلّ الخطوط الحمراء: الهجوم على وفد رسمي في عاصمة دولة ذات سيادة مثل قطر، والتي تلعب دور الوسيط الرئيسي في المفاوضات، يدلّ على أنّ حكومة العدو لا تلتزم بأيّ قواعد أو أعراف دولية. فكما حدث في اغتيال قياديين من حماس في بيروت وطهران، تؤكد الحكومة الإسرائيلية مجدداً أنها تتصرف بمنطق الغدر والعربدة والمقامرة، حتى مع الدول التي تستضيف وساطات حساسة.

ـ انّ هذه المحاولة تعكس عجزاً وفشلاً “إسرائيلياً” في تحقيق أهداف الحرب في غزة.. وبدلاً من التوصّل إلى حلّ سياسي، يلجأ نتنياهو إلى العنف لتصفية قادة المقاومة، لتحقيق إنجازات تكتيكية تغطي على فشله المستمرّ في الميدان، لمحاولة تعويم موقفه الداخلي في مواجهة المعارضة الشعبية الواسعة لسياساته في مواصلة الحرب وتعريض الأسرى الصهاينة للخطر.

ـ يمثل الهجوم في الدوحة تحدّياً مباشراً للوساطة القطرية والمصرية. فهو يوجه رسالة إلى كلّ من يتعامل مع “إسرائيل” بأنها لا يمكن أن تكون شريكاً موثوقاً به في أيّ عملية تفاوض.

ثانياً، تداعيات فشل محاولة الاغتيال:

في هذا المجال من المتوقع ان يؤدي فشل العملية الى النتائج التالية:

النتيجة الأولى، تعليق، أو تجميد المفاوضات: من المتوقع أن تؤدّي هذه المحاولة الفاشلة إلى تعليق أو تجميد المفاوضات. فقد ترفض حماس العودة إلى طاولة التفاوض بعد أن حاول نتنياهو اغتيال وفدها المفاوض.. تكليف القيادة الميدانية بهذه المهمة بدلاً من القيادة السياسية.

النتيجة الثانية، توتير العلاقات مع قطر: قطر، بصفتها الدولة المضيفة، اعتبرت هذا الهجوم انتهاكاً صارخاً لسيادتها. وقد يؤدي هذا إلى تصعيد دبلوماسي، بما في ذلك استدعاء أو طرد الممثلين الإسرائيليين، أو حتى قطع العلاقات بالكامل.. وهذا قد يكون له ايضاً انعكاسات سلبية على علاقات بعض الدول العربية مع “إسرائيل”.

النتيجة الثالثة، التأثير على ملف الأسرى: محاولة الاغتيال هذه تضع مصير الأسرى الإسرائيليين “تحت النار”. فحماس قد تراجع خياراتها وتوكل ملف التفاوض إلى جناحها العسكري، مما يقلل من أهمية البعد السياسي للأسرى ويحوّله إلى قضية ميدانية فقط.

النتيجة الرابعة، إدانة دولية واسعة: أدانت العديد من الدول والمنظمات الدولية هذا الهجوم، واعتبره الأمين العام للأمم المتحدة “انتهاكاً صارخاً لسيادة قطر”.. مما سيزيد من عزلة اسرائيل الدولية.

ثالثاً، الى ماذا تدلل هذه المحاولة؟

“إسرائيل” غير مستعدة لأيّ تسوية سياسية:

1 ـ تظهر هذه الخطوة أنّ الحكومة الإسرائيلية الحالية برئاسة بنيامين نتنياهو، ليست لديها نية حقيقية للتوصل إلى تسوية سياسية، تؤدي الى وضع نهاية لحرب الإبادة في قطاع غزة.

2 ـ تصعيد في الصراع: تشير هذه المحاولة إلى أنّ حكومة نتنياهو تعمل على توسيع نطاق الصراع، وعدم الاكتفاء بمواصلة شن الحرب داخل غزة.

3 ـ تكريس قناعة بعدم الثقة بالوعود الإسرائيلية، فبعد هذا الهجوم، أصبح من الصعب على أيّ طرف، سواء كان عربياً أو دولياً، أن يثق في الوعود الإسرائيلية أو في التزامها بعملية التفاوض.

من هنا يمكن القول انّ محاولة الاغتيال الفاشلة بقدر من انها أظهرت الإخفاق والفشل الأمني الإسرائيلي، ومحاولة التغطية على الفشل الأمني في منع العملية الفدائية النوعية في القدس المحتلة، والعجز في تحقيق النصر على المقاومة في غزة والفشل في استعادة الأسرى بالقوة، أكدت مجدداً الطبيعة العدوانية لكيان العدو الصهيوني، وانتهاكه لكلّ الأعراف والقوانين والمواثيق الدولية، مما سيزيد من عزلته على الصعيد الدولي، ودعم الرأي العام العالمي لنضال وصمود الشعب الفلسطيني ومقاومته…