Beirut weather 18.41 ° C
تاريخ النشر December 16, 2016
A A A
أن تخيف انتحاريا !
الكاتب: نقلاً عن روسيا اليوم

لفتت صحيفة “نيزافيسيمايا غازيتا” إلى تشديد قوانين مكافحة الإرهاب في الفضاء السوفياتي السابق، وحظر أنشطة البنى الدينية المتطرفة.

فقد أقر الرئيس الاذربيجاني إلهام علييف تعديلا تشريعيا ينص على منع نشاط المنظمات الدينية المتطرفة. ووفقا لهذا المرسوم، يجب أن يضاف إلى القانون “عن الحريات الدينية” بند يفرض الحظر على أنشطة المؤسسات، التي تروج للتطرف الديني. ويعدُّ هذا التعديل التشريعي، الثاني خلال الأشهر الأخيرة؛ ما يعكس الوضع الصعب الذي يعيشه “بلد النيران”.

وإذا نظرنا بتعمق أكثر، فسنرى أن تدابير مماثلة قد اتخذت في بلدان آسيا الوسطى وجورجيا. إذ إن مواطني هذه الدول بدرجات متفاوتة، يحاربون في صفوف المنظمات الإرهابية في الشرق الأوسط، وحتى في شمال إفريقيا.

وبحسب معطيات معاهد مختلفة، تتصدر قائمة بلاد الإرهابين “الموفدين” إلى الخارج قيرغيزستان وطاجيكستان بأكثر من 1500 شخص. فيما “أوفدت” كل من أوزبكستان وكازاخستان ” تقريبا ما بين 300 – 400 شخص، ومن المحتمل أن يكون الرقم أكبر. أما جمهورية تركمانستان – فمن غير المعلوم أرقامها. في حين أن 100 – 150 شخص غادروا جورجيا. وما يفوق 500 شخص أذربيجان.

العقوبة المنصوص عليها في هذه البلدان صارمة جدا. لكن تجميد تنفيذ أحكام الإعدام أو كما هو الحال في جمهورية جورجيا إلغاء هذه المادة من القانون، هو الأمل الوحيد الذي يمكن أن يبقي “الموفدين” على قيد الحياة. ولكن كل ذلك لا يردع مقاتلي المستقبل في التنظيمات المختلفة الألوان.

أما العمل الدعائي الواسع والمنع القانوني لزيارة بلدان الشرق الساخنة، فهما أيضا لا يحلان المشكلة. وفي جورجيا، اعترفوا بوجود مأزق حقيقي: إذ لا يوجد أي مبرر لاعتقال الشخص المتوجه إلى تركيا، البلد الذي يُعدُّ بالذات الممر الأسهل والأكثر ضمانا للوصول إلى سوريا. وسبب السفر الذي يشار إليه لدى عبور الحدود طبيعي للغاية، فهو العمل، السياحة، الدراسة، العمل إلخ. وحتى لا تستطيع أن تفعل شيئا مع أولئك الذين وصلوا إلى المكان المنشود من السياح “المؤقتين” و”رجال الأعمال الفاشلين” الذين أطالوا لحاهم هناك وصبغوها بالحناء وحملوا السلاح، كما لا تستطيع أن تفعل شيئا معهم لدى عودتهم إلى بيوتهم. هذا إذا لم تشتهر “مآثرهم”، أو أصبحوا في قوائم المطلوبين دوليا.

إن تشديد القوانين الوطنية إلى أبعد الحدود الممكنة بحق المشاركين في التطرف الديني بالتأكيد ليس شيئا من العبث. ولكنه ليس هو الحل، بينما يمكن على الأقل أن يصبح عاملا للترعيب.

وفي غضون ذلك، يطرح السؤال نفسه: بمَ يمكن تخويف الشخص المستعد للموت من أجل أفكار غامضة أو مجموعة من الحوريات العين في العالم الآخر؟ إن تشديد القوانين يساعد بنجاح أكبر على تعزيز سلطات الدولة على المستويات المختلفة. وبالتالي يمكن أن يكون يؤدي إلى فبركة تهم التطرف الديني لأي شخص مؤمن وغير مرغوب فيه.

فعلى سبيل المثال في طاجيكستان وتركمانستان وسابقا في أوزبكستان، أصبحت إطالة اللحية مبررا للاشتباه بأي رجل. وبحسب معطيات مصادر مختلفة، في كازاخستان وقيرغيزستان يكفي اقتناء القرآن لكي يكون مبررا لإدراج الشخص في قائمة اهتمام الأجهزة الامنية، فضلا عن الكتب الدينية الأخرى، وليس بالضرورة ان تكون “ذات طابع خاص”.

في هذه الأثناء، تبدي سلطات هذه البلدان تضامنها مع قوى التحالف الذي يحارب “داعش”، بل إن بعضها يشارك في الحرب ضده.

هذا، في حين أن المنتهكين الحقيقيين للقانون، وهم بكامل قواهم العقلية، لن يتظاهروا بكشف أنفسهم بعلامات المظهر الخارجي (اللحية، الملابس، الكتب) أو بالإعلان عن ارتباطهم بتنظيمات محظورة. وقد نقلت وسائل الإعلام نقلت عن عضو إدارة مسلمي القوقاز حاجي آغا أن المتطرفين زرعوا أنفسهم في الهيئات المختلفة (من المعاهد والجامعات حتى البرلمان)، ويستطيعون في إي وقت إثارة الفتنة، على غرار ما حدث في تركيا.

كما أن هناك صعوبات إضافية في مواجهة التطرف ترتبط بحرية التنقل نسبيا بين جمهوريات الاتحاد السوفياتي السابق، والتي يفترض مع تطور الاتحاد الأوراسي الاقتصادي أن تصبح أكثر سهولة.

لذلك، يعتقد الخبراء ورجال الدين أن الوسيلة الوحيدة لمكافحة التطرف، هي إنشاء مركز مشترك بين هذه الدول يتضمن بنكا موحدا للمعلومات، يكون قادرا على كشف الإرهابيين. هذا إضافة إلى العمل الاستخباري.