Beirut weather 19.41 ° C
تاريخ النشر April 13, 2021
A A A
أليس لدى رئيس الجمهورية ″تلفزيون″ في قصر بعبدا؟!
الكاتب: غسان ريفي - سفير الشمال

يطل رمضان، شهر الخير والبركات في ظروف إجتماعية ومعيشية بالغة الصعوبة لم يسبق للبنانيين أن إختبروا معاناتها ومآسيها في تاريخهم الحديث حتى في عز الحرب الأهلية التي تتزامن ذكرى إنطلاقتها اليوم مع إنطلاقة شهر الرحمة والمغفرة، لتجتمع في يوم واحد روحانية الدين الحنيف الذي يدعو الى السلم والأمن، وشرور أمراء الحرب الذين قادوا لبنان الى الخراب على مدار 15 عاما، وها هم اليوم يريدون إعادة الكرّة بفعل خلافات وتجاذبات كسرت ظهر المواطنين إقتصاديا وماليا وكشفت ظهر البلاد أمنيا..

يطل رمضان، والشعب يئن من الوجع.. وجع الحاجة الى لقمة العيش، ووجع التفتيش عن حبة دواء، ووجع الذل أمام محطات الوقود والأفران، ووجع سعر صرف الدولار الذي ألهب الأسعار، ووجع غياب الدولة وخدماتها وتحلل مؤسساتها، ووجع الانزلاق نحو المجهول على أيدي مسؤولين “صمٌ بكمٌ عميٌ فهم لا يعقلون”.

يطل رمضان، و”العين بصيرة واليد قصيرة” لدى الأكثرية الساحقة من اللبنانيين الذين إلتهم سعر صرف الدولار رواتبهم وقضى الغلاء الفاحش على مدخراتهم، وسرق منهم فرحة وبركة الشهر الفضيل الذي تحول عبئا عليهم، خصوصا أن السواد الأعظم لم يعد بمقدوره تأمين أبسط وجبات الافطار، فيما السحور تحول الى وجهة نظر أو عندما تدعو الحاجة الماسة له.

كل ذلك، ولا من يحرك ساكنا للانقاذ، ولا من يطرح مبادرة للحل، بل على العكس تماما فإن المتاريس السياسية تزداد إرتفاعا، لتقطع كل خطوط التواصل.

أمام هذا الواقع، يسأل كثير من اللبنانيين، أليس لدى رئيس الجمهورية “تلفزيون” في قصر بعبدا؟، ألا يقرأ ملخصات الصحف؟، ألا يتابع بعض المواقع الاكترونية؟، ألا ينقل له زواره بعض ما يحصل في الشارع؟، فإذا كانت خطوط الهاتف في بعبدا مقطوعة، ما يضطره الى دعوة الرئيس المكلف للبحث في تشكيل الحكومة عبر وسائل الاعلام، والى تحذير “الجانب اللبناني” في مفاوضاته مع شركة التدقيق الجنائي عبر “تويتر”، ألا يرى فخامة الرئيس أن شعبه العظيم يقف مذلولا بالطوابير أمام محطات المحروقات لتعبئة خزانات السيارات بعشرين ألف ليرة فقط؟، ألا يرى فخامته بأن أمن الوطن بات مهددا بفعل الاشكالات بين المواطنين الذين يتقاتلون على غالون زيت أو كيس حليب، ومؤخرا يوم أمس على ربطة خبز كاد من أجلها أن يسقط قتلى وجرحى؟

ألم يسمع فخامة الرئيس أنين ذاك الرجل العجوز الذي أدمى القلوب ببكائه وهو يطلب وطنا يعيش فيه بكرامة وأمان ويحفظ له شيخوخته؟.. أم أن فريق العهد يمنع رئيس البلاد من متابعة شؤون شعبه، ويكتفي فقط بالتقارير التي يعدها له؟

ألا يرى الرئيس المكلف سعد الحريري بأن حلم والده الشهيد رفيق الحريري يتبدد في تحويل لبنان من بلد إستقطاب الى بلد متسول يستجدي مساعدات الدول وصولا الى هبة الأرز من البرازيل؟

ألا يرى جبران باسيل أن حل أزمات اللبنانيين وحماية الوطن من الانهيار، هو أهم من الميثاقية التي يتشدق بها ومن وحدة المعايير التي تحتاج الى “منجم مغربي” ليفك طلاسمها بعدما عجز اللبنانيون والموفدون الدوليون والعرب عن فهم مقاصدها، وبالتالي فإن حقوق المسيحيين لا تكون بحصوله على “الثلث المعطل” بل حقوق كل اللبنانيين تتأمن من خلال العيش بكرامة وبحبوحة؟

ألا يرى حزب الله بأن الفوضى الشاملة القادمة قد تضر به وببيئته، وأنه بات لزاما عليه أن يختار بين مصلحة حليفه وبين مصلحة اللبنانيين بكل طوائفهم ومذاهبهم؟.

في ظل هذا الكم من الوجع اللبناني، يصبح الحديث عن مصالح وحصص وثلث معطل ومعايير وحقوق وميثاقيات تافها ومن دون طائل، فالشعب يريد حكومة تبدأ بمسيرة الانقاذ لتخرجه من ظلمات هذه الأزمات، فإما أن يبادر المعنيون الى ذلك، أو فلينتظروا دعوة المظلوم والصائم والتي لا تُرد!