Beirut weather 23.54 ° C
تاريخ النشر November 8, 2016
A A A
أعاصير اقتصادية واجتماعية في وجه الحكومة
الكاتب: علي حماده - النهار

انطلق قطار تأليف الحكومة. قد لا يطول أمد التأليف لأن معظم الاطراف مدركة أن عامل الزمن مهم من أجل الحفاظ على انطلاقة معقولة للعهد الجديد. لماذا؟ لأن كلا من الاطراف المعنية لديه مصلحة في الانطلاقة، وفي ان يكون جزءا من المرحلة الجديدة التي بدأت مع انتخاب الجنرال ميشال عون رئيسا للجمهورية. الاهداف قد لا تكون واحدة، ولا المرامي والطموحات، ولكن في الاشهر الاولى سيركب الجميع القطار الذي سيقلهم نحو موعد الانتخابات النيابية المقبلة في حزيران ٢٠١٧، او بعده بشهرين او ثلاثة. مصلحة الأطراف كلها ان تكون جزءا من السلطة في الاشهر التسعة المقبلة. وهنا لا فرق بين من أيد عون ومن عارضه. في النهاية وصل عون الى الرئاسة بأصوات غالبية نيابية لم تكن تريده في الاصل، لكنها انتهت الى انتخابه بعدما تبين ان التسوية المحلية كان لها بعد إقليمي مستتر بان في الايام الاخيرة قبل جلسة ٣١ تشرين الاول.

وبعيدا من بورصة الاسماء والحقائب والمطالب، يمكن القول إن الحكومة ستكون موسعة، وستحمل اسم “حكومة الوحدة الوطنية”، وسيحشر الجميع فيها، بمن فيهم أصحاب التمثيل المتواضع. حتى الأقوياء باتوا في حاجة الى الأقل قوة، في مرحلة بلغت فيها صدقية الطاقم السياسي أدنى مستوياتها. البعض يقول إنها وصلت الى الحضيض، وان الانتخابات المقبلة ستشهد مفاجآت مهولة بالنسبة الى القوى التقليدية، وخصوصا أن الناخب هو في طور التحول، والتحرر نوعا ما من الاطر التي عاش ضمنها. هذا الامر ينطبق على المدن الكبرى وعلى بعض الريف. وما من شك في أن ظاهرة لوائح المجتمع المدني التي أثبتت أن تغييرا ما بدأ على مستوى الشارع، ستصعب كثيرا مهمة القوى التي ستحشر في الحكومة المقبلة.

بوصول عون الى الرئاسة مدعوما من “القوات اللبنانية”، يفترض أن يكون ما اصطلح على تسميته “الاحباط المسيحي”، و”المخاض الشيعي” قد بدأ يهدأ. ويفترض ان تكون عودة سعد الحريري رئيسا للحكومة متحررا من وزر المواجهة المحمومة والدائمة مع العامل الشيعي، إشارة الى بدء انخفاض تدريجي في منسوب “المظلومية السنية” في لبنان. طبعا هذه العوامل التي يمكن تسجيلها في خانة الإيجابيات، تحتاج الى عناية أصحابها وتعقلهم من أجل تقنينها لمصلحة بناء وطن للجميع.

في المقابل، لا نستبعد مع انطلاقة الحكومة المقبلة القصيرة العمر، مواجهة أعاصير اقتصادية واجتماعية، لأن اللبنانيين ما عادوا قادرين على تحمل الواقع السيئ، ولا المعالجات “الكلاسيكية” التي سرعان ما تدفن آمالهم مرة بعد مرة.

إن الرئيسين عون والحريري مقبلان كطرفين أساسيين في السلطة التنفيذية على مواجهة حالة طوارئ اقتصادية- اجتماعية. وعليهما أن يعرفا أنهما لا يملكان فترة سماح للمحاسبة. فالناس كالذين احتفلوا بالامس في باحات قصر بعبدا، او في الطريق الجديدة وغيرها، ليس في وسعهم أن يأكلوا سياسة، ولا خطبا رنانة، ولا حنينا الى أمجاد ماضية. فإلى العمل…