Beirut weather 20.41 ° C
تاريخ النشر March 16, 2018
A A A
أسرار وتفاصيل زيجات نساء القاعدة بجبال أفغانستان
الكاتب: هدى الصالح - العربية نت

أوراق أبوت آباد تكشف طقوس الزواج الغريبة ورؤية تنظيم القاعدة الشرعية لدور المرأة

ازدواجية الخطاب الأيديولوجي المؤصل لقضية المرأة، والتي هي سمة دامت طوال عقود مضت، في خطاب وأدبيات دعاة الإسلام السياسي ومنظري الجماعات الراديكالية المتطرفة.

بينما تصاعدت دعواتهم الثورية بالتصدي لما وُصف بحملات الفجور والخلاعة والاختلاط بين الجنسين، التي تستهدف المرأة المسلمة، وتقديم أنفسهم كمنقذ ومخلص للمجتمع من مؤامرات التفسخ والانحلال بإعادة المرأة إلى ستر البيت والحجاب.

ظلت المرأة حلقة رئيسية في النشاط الحركي للتيار الصحوي وأذرعه المسلحة في تناقض مصلحي فاقع مع كل ما دعي إليه، سواء أكان باجتذابها للعمل في أحزابهم السياسية ولجانها، أو بإرسالها إلى الدورات المكثفة والمعسكرات.

جاءت بواكير التوظيف لـ”المرأة” لدى التنظيمات المتطرفة كجماعة الإخوان المسلمين والقاعدة وداعش، انطلاقا من “الزواج” وتأصيل “زواج الصغيرات” و “التعدد” مع تحريم استخدام موانع الحمل، بغرض تحقيق الامتداد السلالي والتكثير العقائدي، ومن جهة أخرى بناء الشبكة الداخلية وتحقيق علاقات النسب والمصاهرة التنظيمية.

من ذلك كان مصاهرة القيادي الإخواني، المنسق العام الدولي لجماعة الإخوان لمرشد الجماعة حسن البنا بزواجه من ابنته وفاء البنا، إضافة إلى مصاهرة أسامة بن لادن زعيم القاعدة للقيادي في جماعة التكفير والهجرة محمد عاطف والملقب بأبي حفص المصري، وكذلك القيادي المصري محمد الزيات أبو محمد المصري وسيف العدل.

ومع ما أولته الأدبيات الأصولية والمتطرفة لهذه المسألة من أهمية قصوى منه ما كان بعنوان “إذا أتاكم مجاهد ترضون دينه وخلقه فزوجوه” و”تعدد بلا تعد”، وكذلك “زواج الأرملة سنة ممتثلة”، وسرعان ما دخلت نسوة التنظيمات المتطرفة والحركات الأصولية في “متاهة” الزواج التي لن تنقضي سوى بهلاكها.

أسامة بن لادن
وعلى غرار السيدة الشيشانية التي وصفت بـ”مصورة القاعدة”، وهي أرملة أحد قياديي القاعدة في السعودية، التي سرعان ما انهالت عليها عروض الزواج من متزعمي التنظيم، أبرزهما عبدالعزيز المقرن وصالح العوفي، فور مقتل زوجها، والشابة المغربية اسلام ميطاط أرملة أحد أمراء داعش “ألماني من أصل أفغاني”، والتي تزوجت وأنجبت من اثنين من رفاق زوجها أحدهما مقاتل هندي.

توفرت لـ”العربية.نت” معلومات خاصة تنشر لأول مرة لأحد أكثر القصص غرابة، في داخل أروقة تنظيم “القاعدة”، لتبرز حجم الاستباحة اللاأخلاقية للمرأة عبر بوابة “الزواج” وتدني موقعها لدى التنظيمات المتطرفة.

تعود تفاصيل القصة إلى السيدة “س.ب” (سعودية الجنسية) أصرت على خلع نفسها من زوجها سعودي الجنسية، بعد أن أنجبت منه 3 أطفال مقابل تعويض مالي لتتزوج من أحد عناصر تنظيم القاعدة، مطلق سراحه “أ.ج”، الذي أثر بدوره على ترسيخ فكر التنظيم لديها والتخطيط للسفر إلى أفغانستان، إلا أنها طلبت أيضا الطلاق منه بعد اكتشافها خيانته لها. وبعد نشوب الخلاف بينهما، ارتأى زوجها ترشيح من يقوم بدور الوسيط، وهو أحد المنتمين للفكر المتطرف أفغاني الجنسية يدعى “طبيب جدراني” أعمى ومبتور الساق، للإصلاح بينهما، إلا أنه قام بمضاعفة وتيرة الخلاف بينهما، وأقنعها بأن زوجها لا يزال يخونها، لتتحصل على الطلاق من زوجها الثاني.

وهنا بدأ الأفغاني بالتواصل معها وحثها على السفر لأفغانستان، واتفق معها على تهريبها إلى هناك، وعرض عليها الزواج دون شروط، أو موافقة ولي الأمر، فزوجته نفسها، ليلحق ذلك تهريبها من خلال التنقل بين مناطق المملكة، ليسلمها الأفغاني “جدراني” لأحد عناصر تنظيم القاعدة “أ، س” المطلق سراحه، والذي سبق استعادته من معتقل غوانتانامو، ليتولى السفر برفقتها دون محرم جواً إلى إيران، مستخدماً جواز سفر يخص زوجته، ومن إيران توجها عن طريق التهريب إلى الحدود الإيرانية الأفغانية حتى وصلا إلى منطقة القبائل الباكستانية “وزيرستان” لتلتقي هناك مرة أخرى مع الأفغاني “طبيب جدراني”.

وبعد قضائها معه 6 سنوات ونصف السنة، أنجبت خلالها منه طفلاً واحداً، وهربت مع شخص أفغاني تعرفت عليه هناك يدعي محمد شمشير مطلق سراحه، وتنقل معها لعدة أماكن، حتى استطاعا فسخ نكاحها من زوجها طبيب جدراني بفتوى من دار الإفتاء في تلك المناطق، ثم تزوجها محمد شمشير، وبعد فترة استخرج لها وثائق مزورة استخدمها في القدوم إلى المملكة بتأشيرة حج، ليتم إيقافها بعد وصولها من قبل الجهات الأمنية السعودية.

ثقافة الزواج داخل تنظيم القاعدة
في زواج أقل ما يمكن وصفه بالبدائي دون إثبات رسمي وبأسماء مستعارة أو مزيفة، نجح تنظيم القاعدة ولسنوات في توظيفه كسلاح بيولوجي، إلا أنه سرعان ما ارتد عليه بعد ملاحقة رأس التنظيم في معقله في كهوف تورا بورا. فكما كشفت وثائق “أبوت آباد” عبر سلسلة من الرسائل التي وجهت إلى زعيم القاعدة أسامة بن لادن لبحث المسائل الإدارية والتنظيمية والمالية لشؤون الزواج، تورط تنظيم القاعدة بزيجاته وتدبير أمور نسائه وأطفاله مع عمليات القصف لمواقع التنظيم.

فبعد أن كانت مخصصات الإعانة على الزواج، والتي تشمل تجهيز المنازل والكفالات في ظل البحبوحة المالية التي تمتع بها التنظيم قبل العام 2001، والتي بلغت 1000 دولار لكل عريس جديد، خفضت إلى 700 دولار إلى أن بلغت 500 دولار. ليصل سوء الأوضاع المالية إلى حد التقدم، بمقترح إيقاف المخصصات والمساعدات المالية للزواج، ووفقاً لما ورد في إحدى الوثائق التي لم يتضح كاتبها قال: “نحن في حرج وتفكير بين قفل هذا الباب للظروف المالية وحاجة الشباب له وثباتهم على العمل فما هي توجيهاتكم، وكذلك زادت المصاريف لمساعدات فك أسر بعض الإخوة في بيشاور، وتسفيرهم بأسرهم من باكستان”.

ليوضح في رسالته حجم الرصيد المالي المتوفر للتنظيم آنذاك قائلا: “الرصيد الموجود الآن 177000 يورو، وفي آخر شهر صفر تستحق كفالات ستة شهور جديدة 1500000 يورو تقريباً، فإن بقي الرصيد كما هو، وحتى يكون عندنا ما يكفي لمصاريف 5 شهور للعسكرية، يكون المتبقي للكفالات 77000 يورو، فيكون عندنا خياران: إما أن نخفض الكفالات 30 بالمئة أو 40 بالمئة، وهذا ما أميل إليه حتى يشعر الجميع، ويقتصدوا في المصاريف أو نصرف كفالات 3 شهور متتالية وننتظر رأيكم”.

تأمين الزوجات
أما في تقرير آخر وجهه من يلقب بـ”أبو الفتح” كان بعنوان “تقرير وتوصيف لمسألة الزواج عندنا”، تناول فيه عوامل تعقد ترتيب الزيجات لمقاتلي التنظيم قال: “قبل الإجابة عن سؤالكم المتعلق بالزواج، نضع بين أيديكم لمحة موجزة عن خلفية وجود العائلات (النساء والأطفال في الجبال) فالأمر يرجع إلى سنة 1994 حيث كان المجاهدون في أوج قوتهم، والعدو في أسوأ أحواله، فكثير من القرى والمداشر، لا يكاد يدخلها العدو، إضافة إلى أن سكانها متعاطفون مع المجاهدين، ومؤيدون لهم، إلى درجة القبول بمصاهرة المجاهدين وتزويجهم، فكان الزواج بادئ الأمر في المداشر، أي أن الزوجة تبقى مع ذويها، ويبقى أمر زواجها سرا، ثم ما لبث أن بدأت الأمور تنكشف للعدو، فاضطر المجاهدون لإيوائهم في الجبال، وبدأت الأعداد تتزايد مع كل حالة انكشاف، ومع انفتاح الباب أمام من يرغب في إلحاق أهله به، وإلى ذلك الحين لم يكن المجاهدون يلقون حرجاً كبيراً، نظراً لكثافة الغابات وشساعة رقعتها، لكن لم تلبث الكفة أن مالت واشتد البلاء على المجاهدين، فكثر فيهم القتل وكاد النفير إليهم ينعدم، وفتر التعاطف الشعبي، حتى تحول إلى عداوة وحرب على المجاهدين في بعض المناطق، وحينها بدأت تظهر مشكلة تأمين العائلات وتموينها”.

تقرير مطول وثقه “أبو الفتح” كان المغزى منه استعراض صعوبة تأمين الزوجات للمقاتلين وإيقاف تدبير الزيجات من جهة أخرى في حال توفرها، إلى جانب طلب فتوى شرعية بإنزال النساء من سفوح الجبال، ومغادرة جبهات القتال، وبحسب ما جاء في الوثيقة: “إننا من خلال التجربة واعتباراً بالحال والظرف، استقر رأينا على أن وجود النساء والأطفال في الجبال والجبهات ضرره أكبر من نفعه، ومفسدته أعظم من مصلحته، ومن هذا المنطلق أصدرنا تعليمات إلى أمراء المناطق، تقضي بمنع الزواج في الجبال، وحثهم على إنزال من تبقى من العائلات مع بعض القيود. أما عن الأحوال الآن عندنا من هذه الناحية، فإن أكثر الإخوة المتزوجين نساؤهم وذريتهم عند ذويهم، تحت، والجدير بالذكر أن أغلبية المجاهدين غير متزوجين للظروف السابقة، ولتعذر بقاء الزوجة عند ذويها أو ذوي الزوج، لأن الغالب انكشاف أمرها، لاسيما مع ارتفاع الحس الأمني”. وأضاف: “وفي المقابل فإن فئة أخرى من المجاهدين – بدافع قناعات شرعية – أصرت على إبقاء نسائهم وأطفالهم معهم في الجبال، وقد كانت انعكاسات هذا الخيار سلبية ووخيمة، ليس على هؤلاء فحسب، بل على الجهاد وسيره في تلك المنطقة، وتلقى فيها المجاهدون ضربات مؤلمة”.

الزواج بالقرعة في تنظيم القاعدة
وفي إطار وضع خطة لإدارة أمر الزواج في داخل التنظيم تقدم “محمود” واسمه الحقيقي عطية الله الليبي، القيادي البارز في التنظيم، بجملة من المقترحات ما أسماه “حل مشكلة الزواج” وجاءت كالتالي: ”
1 – يتم تحديد عدد معين في السنة تصرف لهم الكفالة ومصاريف الزواج، ولنقل مبدئيا عشرة أشخاص،
2 – تكون الأولوية للأقدمية وللراغب في الزواج بأرملة، وكافل اليتيم،3
3 – عند تساوي شخصين أو عدة أشخاص في الشروط يرجح الأكبر سناً على الأصغر، وعند التساوي في السن يكون الترجيح بالقرعة،
4 – ينبغي أن يوكل هذا الأمر إلى لجنة خاصة مكونة من شخصين على الأقل”.

الزواج بإذن أمير المنطقة
لتنتهي مداولات تنظيم القاعدة بأوامر زعيمها أسامة بن لادن، برفضه القاطع لمنع إتمام الزيجات قائلا: “لا يملك القول بالمنع خشية وقوعهن بالأسر، ودفع مفسدة الفتنة والعبء على الجهاد، ففاعل ذلك لا يؤمن عليه الإثم، وحرصاً منا على تخفيف عبء على الجهاد والمجاهدين لضمان حسن سيره، واحتياطاً للفروج، فإننا نأمر بما يلي:

1 – يمنع الزواج إلا بإذن أمير المنطقة،
2- المتزوج يمنع من إسكان زوجته في الجبل والثغور،3
3 – العمل بكل ممكن على إنزال الأهالي المتواجدين في الجبال إلى أهلهم،
4 – المتزوج في حال حياته هو المشرف على العملية وفي حال مقتله، يشرف عليها أمير المنطقة أو يكلف من يشرف عليها”.

المرأة جيفة نتنة
إن المتابع لأدبيات الأصوليين والجماعات الراديكالية، وضمن متناقضات الخطاب يلمس جلياً انتهازية توظيفه للمرأة، فبينما تتسابق إلى حث المرأة وتحريضها فيما يصفونه بالجهاد “الشرعي” ومن ذلك ما فنده يوسف العييري، مؤسس تنظيم القاعدة في السعودية، وأحد منظريها (قتل بمواجهة أمنية 2003)، في رسالة بعنوان “دور النساء في جهاد الأعداء”، تتبارى في الوقت ذاته إلى تحقيرها، متجلياً ذلك في التمييز ما بين “المرأة الأرضية والحورية السماوية”.

عناصر القاعدة في أفغانستان
من ذلك ما جاء في إحدى رسائل أبي محمد المقدسي، أحد أبرز منظري التيارات “الجهادية” في حث الشباب على القتال قائلا: “وإن كان الذي يصدك هو فراق زوجتك الحسناء! فاعلم أنها لو كانت أجمل نساء هذا الزمان، أليس أولها نطفة قذرة؟! وآخرها جيفة نتنة؟! وهي فيما بين ذلك تحمل العذرة؟! حيضها يمنعك من وصالها، وعصيانها لك أكثر من طاعتها، إن لم تتزين شانت، وإن لم تتطهر أجيفت، تتنكر لك عند أدنى دني، لو أحسنت إلى إحداهن الدهر، ثم رأت منك قالت: ما رأيت خيرا قط، تريد منها أقذر ما فيها، وتخاف غضبها وتجافيها، وبالجملة فقد خلقت من ضلع أعوج. فيا للعجب؟! كيف تقعدك هذه عن وصال من خلقت من نور ونشأت في القصور، والله لا يجف دم الشهيد حتى تلقاه، حوراء عيناء، جميلة حسناء، بكر عذراء، كأنها الياقوت، لم يطمثها إنس قبلك ولا جان، جفنها فاتر، وحسنها باهر، وجمالها زاهر، ودلالها ظاهر، كحيل طرفها، عذب نطقها (….). أيجمل بعاقل أن يسمع بهذه ويقعد عن وصالها كيف وله في الجنة من الحور العين أمثالها”.