Beirut weather 18.41 ° C
تاريخ النشر November 3, 2017
A A A
أجندات!!
الكاتب: د. عامر مشموشي - اللواء

 

يعكس التباين الذي يحصل في كل جلسة يعقدها مجلس الوزراء حالة الوضع الهش داخل الحكومة والمعرّض للانفجار في أية لحظة بالرغم من الجهود التي يبذلها رئيسها، وتضطره في مرات كثيرة إلى تقديم المزيد من التنازلات لمنع الانهيار الذي إذا وقع سيكون كارثة على العهد، وعلى كل الطبقة الحاكمة. وما حصل في جلسة مجلس الوزراء أمس ما هو الا نموذج لما حصل في كل الجلسات الوزارية السابقة، فالخلاف مستحكم بين تيّار «المستقبل» والتيار الوطني الحر حول السياسة الخارجية للحكومة، وعبّر عن نفسه بعد الاجتماع الذي عقده الوزير جبران باسيل مع وزير خارجية النظام السوري وليد المعلم، وما اثار هذا الاجتماع من ردود فعل مستنكرة ومستهجنة لمثل هذا الاجتماع الذي يضرب التسوية الداخلية التي قامت على مبدأ تحييد لبنان عن الصراعات العربية وسياسة النأي بالنفس التي تبناها رئيس الجمهورية في خطاب القسم واعتمدتها الحكومة في بيانها الوزاري الذي لولاه لما كانت تشكّلت الحكومة.

والخلاف نفسه ما زال قائماً بين التيار الأزرق وحزب الله وكل فريق 8 آذار، وقد عبّر عن نفسه في رفض التيار الأزرق ان يسبغ مجلس الوزراء على زيارات وزراء هذا التحالف الطابع الرسمي كي لا يُشكّل ذلك مدخلاً للاعتراف اللبناني بشرعية نظام بشار الأسد، هذا فضلا عن الخلافات الداخلية الأخرى التي تظهر في كل مرّة يطرح فيها ملف الكهرباء وغيره من الملفات التي يمسك بها وزراء التيار البرتقالي ناهيك عن الخلافات المستحكمة بين التيار والقوات اللبنانية حول طريقة إدارة الحكم وسياسة تهميش القوات التي يعتمدها وزراء التيار البرتقالي داخل الحكومة بغطاء أو بغض طرف من الرئيس العماد ميشال عون، إلى استمرار الفساد وعدم وجود تصميم صريح لمحاربته عبر إجراءات سريعة ورادعة تقدم عليها الحكومة التي مضى على وجودها في السلطة قرابة سنة كاملة.

هذا الوضع، المتردي داخل الحكومة طغى على كل ما يعتبره رئيس الجمهورية إنجازات تحققت في السنة الأولى من عهده، ويكاد يُهدّد التسوية القائمة بينه وبين رئيس الحكومة، ويطيح بالحكومة التي يوجد أكثر من مؤشر على أنها دخلت في حالة النزع الذي يسبق الموت السريري، ولعل استمرار الخلاف على السياسة الخارجية يشكّل أهم عناصر التفجير.

قد يردّ البعض على هذا التحليل بأن الخلاف الذي يحصل عادة داخل مجلس الوزراء أمر طبيعي ويجب ان يكون لأن الحكومة مشكلة من عناصر كانت وما زالت على خلاف في ما بينها على أمور كثيرة، بمعنى انها حكومة ائتلافية تجمع الأضداد، ولا تشكّل فريق عمل واحداً، وبالتالي لا خوف عليها من الانفراط ما دام المشاركون فيها يعرفون هذه الحقائق، وعندما وافقوا على الاشتراك في الحكومة، إنما كانوا يعرفون أنها ليست متناغمة ولا تشكّل فريق عمل واحدا، وانها وجدت بحكم التسوية التي انطلقت من ضرورة وواجب حفظ هذا البلد ومنعه من الانهيار، وبناء عليه يصبح الخلاف الذي يحصل داخل الحكومة، سواء على السياسة الخارجية أو على السياسة الداخلية وعلى السياستين معاً أمراً طبيعياً، ولا يُفترض ان يُهدّد بسقوط الحكومة بالضربة القاضية الا إذا كان هناك أفرقاء داخلها ينفذون اجندات خارجية لها مصلحة اليوم في نسف التسوية الداخلية، وإعادة الانقسام العامودي إلى الداخل اللبناني.