Beirut weather 17.99 ° C
تاريخ النشر March 19, 2025
A A A
يوسف سلامة: التراتوف الذي حاول تزوير مجزرة إهدن فسقط في وحل الأكاذيب
الكاتب: المحامي زياد رامز الخازن - موقع المرده

إعتدت أن أكتب في الجديّ من الأمور، لكن لكل قاعدة إستثناء، والإستثناء هذه المرة يُهدى في عيد “مار يوسف” إلى الوزير السابق يوسف سلامة، الذي خرج علينا في مقابلةٍ عبر Transparency News ليُتحفنا بسيلٍ من الأباطيل، مُعيداً تركيب الأحداث بأسلوبٍ يمتزج فيه الهذيان بالتزوير، ليُقدّم خلاصةً لم تُسجلها وقائع مجزرة إهدن، مفادها أن الرئيس الراحل سليمان فرنجيه كان على علمٍ بأن النظام السوري هو من إغتال نجله الشهيد طوني فرنجيه، وأن عبارته الشهيرة “عفى الله عما مضى” لم تكن تعبيراً عن سموّ الزعامة ومسؤولية رجل الدولة، بل قناعةً ببراءة المتهمين!

وكأن التزوير لم يبلغ منتهاه، أضاف يوسف سلامة إلى روايته المختلقة فصلاً جديداً من الخيال، مدّعياً أن الرئيس فرنجيه وابنته السيدة صونيا سبق أن أبلغاه بهذه “الوقائع”… أيُّ هراء هذا وأيُّ كذب؟ كيف يمكن أن ينسب إلى الرئيس فرنجية وابنته قولًا لا يمتّ للحقيقة بصلة، وهما من دفعا أغلى الأثمان في تلك الفاجعة؟ لا شك أن هذا الإدعاء ليس إلا استكمالًا لمسلسل الهذيان الذي قرر سلامة أن يكون بطله الأوحد، ظناً منه أن التكرار يجعل الأكاذيب أكثر قابلية للتصديق.

أيُّ “إكتشاف” هذا الذي غاب عن مؤرخي الحرب الأهلية اللبنانية، ولم يتنبه إليه حتى من عايشوا المرحلة بكل تفاصيلها؟ الحقيقة أن الوزير الأسبق يوسف سلامة هو التراتوف بامتياز—شخصية تتقن التظاهر بالحكمة والاتزان، بينما تخفي وراء هذا القناع فراغاً وخفة، وتفتقر إلى النضج الحقيقي— وقد قرر هذه المرة أن يدخل سباقاً غير مُعلن على لقب أكثر من تجرّأ على تزوير التاريخ السياسي اللبناني بسخفٍ لا يُضاهى.

منذ متى أصبح يوسف سلامة مرجعاً في التاريخ؟ ومن أي مصدر استخرج “معلوماته الثمينة”؟ لا حاجة للبحث طويلاً، فالهدف واضح وضوح الشمس: تقديم أوراق إعتماد جديدة لمعسكر القوات اللبنانية، حتى لو استلزم الأمر التلاعب بالحقائق وإعادة ترتيب الماضي وفق مقاسات اللحظة الراهنة. لكنه، للأسف، تناسى أن القاتل معروف، وقد اعترف “بالصوت والصورة”، وأن صفحات التاريخ لا تُعاد كتابتها لمجرد أن بعض المتأخرين قرروا ذلك.

يقول الفرنسيون: La grenouille qui veut se faire aussi grosse que le bœuf—أي “الضفدع الذي أراد أن يصبح بحجم الثور”، وهذا تمامًا حال يوسف سلامة، الذي انتفخ بالأكاذيب محاولًا تشويه صورة الكبار. لكنه، مهما نفخ نفسه، سيبقى على حجمه، لأن الضفدع لا يصبح ثورًا، مهما اجتهد في التظاهر بذلك!

لقد سامح الرئيس الراحل سليمان فرنجيه من أجل الوطن، لا ضعفاً بل حكمة، ولا خوفاً بل حرصاً، وارتفع فوق الجراح لأن لبنان يستحق ذلك. وعلى خطى الجد، سار الحفيد، الوزير السابق سليمان فرنجيه، فطوى صفحة الماضي واضعاً المصالحة المسيحية والمصلحة الوطنية فوق كل اعتبار. لكنّ هناك من لا يستطيع العيش إلا في مستنقعات الأحقاد، ينبش الجراح لعلّه يجد فيها مكسباً يسعى لنيله . غير أن الحقيقة، كالشمس، لا تُحجب بغربال، ولا تحتاج إلى “تراتوف” جديد يعيد صياغتها وفق أهوائه الصغيرة.

الرحمة لشهدائنا الأبرار، أما يوسف سلامة، فلا يعدو كونه ممثلاً هاوياً في مسرحية رديئة، يؤدي فيها دوراً واحداً: الكذب بثقة!