Beirut weather 25.41 ° C
تاريخ النشر June 10, 2025
A A A
من “فاء” الفرصة إلى “فاء” الفشل!
الكاتب: مرسال الترس

 

كتب مرسال الترس في “الجريدة”

في المقارنات العديدة التي تحتويها “لغة الضاد”، هناك مقارنة لافتة تنطبق على الحكومة الأولى لعهد الرئيس جوزيف عون، والتي يرأسها نواف سلام، تكشف أن السلطة في لبنان تظهّر العديد من الخبايا لدى الشخصيات التي عادة ما تتم إحاطتها بالكثير من الألغاز والهالات. وسرعان ما تكشفها فلاشات الاعلام من خلال تصرفاتها اليومية، فتخلع عنها “ورقة التوت” وتظهرها على حقيقتها أمام الرأي العام الذي تعوّد ـ نتيجة حرياته الإعلامية غير المحدودة ـ إلى أن “يُفلّي النملة”!

 

“فرصة” الرئيس نواف سلام للوصول إلى تلة السراي الحكومي، لم تكن طارئة. سبقها تداول إسمه في العديد من محطات تشكيل الحكومات منذ بضع سنوات. ولكن يوم تكليفه في الثامن من شهر شباط الفائت، تدحرج إسمه صعوداً منذ ساعات الظهر حتى فترة الاستشارات عصراً، فاستطاع “بقدرة قادر” تجاوز عقدة سلفه الرئيس نجيب ميقاتي الذي نام في الليلة التي سبقت على أنه هو سيكون الرئيس المكلف.

 

ولكن، منذ لحظات وصوله إلى القصر الجمهوري في بعبدا، طغت على حركته “الهمشرية”، من حيث عدم التركيز على الخطوات البروتوكولية التي عادة ما ترافق الشخصيات التي تُكلّف بهذا المنصب… وزاد الطين بلّة أثناء حديثه لوسائل الاعلام حين كان يتعثر ببعض الكلمات ليعيد ترتيبها. وهو ما دفع بالكثيرين الذين يقدمون البروتوكول على ما عداه إلى التساؤل: هل هذا هو الشخص نفسه الذي كان يرأس محكمة العدل الدولية في لاهاي بكل ما يصاحبها من عظمة المحاكم العالمية، نظراً لقراراتها التي تطال كل الدول على وجه الكرة الأرضية؟

 

تركيزه في معظم مواقفه بعد تشكيل الحكومة على نزع سلاح المقاومة، كخطوة أولى تفتح الأبواب للملفات الأخرى. وهذا ما ترك انطباعاً بأنه “يدير” أذنه لما تطلبه الولايات المتحدة الأميركية وحلفائها، الأمر الذي كاد يكسر الجرّة بينه وبين كتلة “الوفاء للمقاومة” التي تحدّث رئيسها النائب محمد رعد متوقفاً عند “ود مفقود”، ما تطلب تدخل رئيس مجلس النواب نبيه بري لإصلاح ذات البين وفتح الطريق أمام الكتلة لزيارة السراي الحكومي وعقد لقاء “غسل قلوب”، إلى حين تبيان الخيط الأبيض من الأسود!

 

عدم التزامه بما يسمى باللغة اللبنانية “savoir vivre” وهي عبارة فرنسية تعني “آداب التعامل”، وخاصة بما يتعلّق بـ”البروتوكول الديني”، حيث أنه تخلّف عن مرافقة مفتي الجمهورية ـ أو من يمثله ـ إلى المسجد صباح عيدي الفطر والأضحى، وتكلّيفه أحد كبار الموظفين بذلك، مما سمح للناشطين على مواقع التواصل الاجتماعي باعطاء أكثر من تفسير لهذه الخطوة ومنها “خارج السياق”!

 

إلى جانب كل ذلك، هناك اتهامات للحكومة بالتباطؤ في إنجاز التعيينات أو اتخاذ القرارات الحاسمة بالشؤون الاجتماعية والحياتية التي تعني جميع المواطنين، الأمر الذي أوحى وكأن الرجل جاء من أجل مهمة محددة. وبالتالي لا تعنيه أن يُكلف مرة أخرى للعودة إلى السراي، ولا يعنيه إذا إقترب من “فاء الفشل” التي عادة ما ترافق الذين يرون أنفسهم أكبر من الموقع الذين هم فيه. فيما المواطنون يعلقون الآمال على إقتلاع جذور الفساد وإعادة بناء الدولة على أسس إصلاحية متينة!