Beirut weather 17.99 ° C
تاريخ النشر April 11, 2025
A A A
كاتدرائية مار جرجس – إهدن… كنيسة تاريخية ومقصد للزوار من لبنان ودول العالم
الكاتب: دميا فنيانوس - موقع المرده

دميا فنيانوس – موقع المرده

صحيح ان “إهدن عرين الموارنة” فهي تضمّ ٢٧ كنيسة وديرًا وما ان تصل الى هذه البلدة العريقة التاريخية المارونية تشعر بروح القداسة تفوح منها وكيفما نظرت او اينما كنت ترى الكنائس وتسمع اصوات اجراسها، ولكل كنيسة في اهدن قصّة في بنائها تختلف عن غيرها من الكنائس.
تتوسّط إهدن «الكتلة» التي كانت في الاصل تراكم لانقاض قلعة عسكرية وهي تلّة صغيرة قرب الميدان بنيت عليها كاتدرائية مار جرجس قرب «الميدان».
تحت أنقاضها كنيستان الأولى تحمل اسم السيدة العذراء والثانية تحمل اسم مار «إبحاي السرياني» الشهيد البطل وذلك بحسب كتاب “دليل اهدن” للأب الدكتور يوسف يمين.
ويقول عنها الطوباوي البطريرك إسطفان الدويهي الاهدني:
“إنّ كنيسة مار جرجس إهدن هي كنيسة أسقفية، أي مستوفاة الشروط والخواص الهندسية”.

وقد رمّمت كنيسة مار جرجس القديمة سنة
١٩٢٧، بأمر من البطريرك الياس الحويك معللاً الهدف من هذا الترميم ما تحويه الكنيسة من جمالية هندسية، وجدرانيات Fresques ومخطوطات واواني… وهدمت لاحقا، وفقًا لكتاب “اهدن فردوس الكنائس والأديار حجارة تتكلم” للخوري يوحنا مخلوف.

ونظرًا لصغر حجم كنائس إهدن آنذاك قام الإهدنيون بطلب من وكيل الوقف حينها حبيب بك كرم لإقامة كنيسة كبيرة على اسم مار جرجس، وفاءً لأجدادهم الذين شيدوا على هذه القلعة كنيسة قديمة تحمل اسم هذا القديس. صمّم وكيل الوقف على تلبية مطلبهم، فقصد البطريرك الماروني بولس مسعد لطلب الاذن لبنائها. وكلّف حبيب بك القيام ببناء كنيسة كبيرة وفسيحة، مع الإذن بالبيع من أراضي الوقف إذا اقتضت الضرورة ذلك.

بنيت كاتدرائية مار جرجس الجديدة بالقرب من الكنيسة القديمة. وبدأت الأعمال سنة ١٨٥٩، الا أنّ الأحداث التي شهدها جبل لبنان سنة ١٨٦٠، وكذلك ثورة يوسف بك كرم ضد الأتراك أوقفت البناء حوالى ١٠ سنوات واستكملت عام ١٨٧٠ وانتهى بناء الكنيسة عام ١٨٨٠.
يقول المطران يوسف الدبس:
“إنّ كنيسة القديس جرجس باهدن من أجمل الكنائس في لبنان وأفسحها “.
اللافت في هذه الكنيسة هي طريقة بنائها وهي «العونة» بين الاهدنيين الذين اصطفّوا من مقلع قزحيا، قرب قرية العربة، حتى ساحة الكتلة وراحوا ينقلون الحجارة من يد إلى يد.

استقدم حبيب بك كرم المعلّم أبو داوود الشويري ليبني الكنيسة وكان بناءً مشهورًا،
وعاونه البنّاؤون جرجس وحنا وسليمان
صوطو الإهدنيون.
أمّا قبة الكنيسة، فقد شيدها سنة ١٨٩٨
المعلم بولس ابن الشدياق جرجس يمين، وساعده سركيس مخائيل موسى شكري كرم، وكلاهما من إهدن، وزيناها بالنقوش الجميلة حتى غدت من أجمل قبب كنائس لبنان.

وتضمّ الكنيسة سبعة مذابح كبيرة: مذبح مار جرجس في الوسط، مذبح مريم العذراء عن يمينه، ومذبح مار يوسف البتول عن شماله. على الجانب الأيمن مذبحان: مذبح مار أنطونيوس البادواني، ومذبح القديسة تريزيا الطفل يسوع الذي كان قديمًا ومذبح مار سمعان العامودي. على الجانب الأيسر مذبحان أيضًا هما مذبح مار يوحنا مارون، ومذبح قلب يسوع الأقدس.
أنفق في بناء الكاتدرائية مبلغ وقدره ستة آلاف ليرة ذهبية دون أن يباع أي متر من أوقاف الرعية. واشترى حبيب بك كرم شجرة زيتون ووقفها للكاتدرائية دلالة على أنّ يد اللّٰه رافقته في هذا البناء، بدون أن يضطر إلى بيع أي قطعة أرض للوقف.

وتتضمن كاتدرائية مار جرجس جثمان بطل لبنان يوسف بك كرم غير المحنّط الذي يقصده كثيرون من لبنان ومن دول العالم لطلب شفاعته.

 

وفي الساحة الخارجية يرتفع تمثال كرم ممتطيا حصانه، شاهرا سيفه وبجانبه عند مدخل الكنيسة تمثال العلامة جبرائيل الصهيوني الاهدني، وضريح المؤرّخ الاستاذ جواد بولس وجدّه الشيخ اسعد بولس معاون كرم، وأضرحة بعض كبار رجال كرم، وضريح شهيد إهدن الشيخ موريس معوّض. وهكذا تجسّد «الكتلة» وساحتها مرحلة كبيرة من تاريخ إهدن الحديث، وتحتضن معظم رجالاتها الراحلين الكبار.

في طرف ساحة «الكتلة» الجنوبي، مزار «سيّدة لورد» و«بيت الكهنة»، وذلك بحسب ما ورد ايضًا في كتاب الأب الدكتور يوسف يمين.
وتضم الكنيسة الى جانبها قاعة كبيرة للمناسبات تبرعت ببنائها في بداية القرن الحالي جمعية السيدات الاهدنيات في فنزويلا برئاسة السيدة المرحومة ايفون الصايغ زوجة المغترب ميشال الصايغ.

وفي سنة 2016 بدأت اعمال ترميم الكنيسة التي تصدّعت مع مرور الوقت وقد سعى رئيس تيار المرده سليمان فرنجيه الى تأمين كلفة اعمال الترميم من خلال الهيئة العليا للإغاثة، وتحت اشراف المديرية العامة للآثار ووزير الثقافة آنذاك روني عريجي.

كما تبرّع المغترب ادمون ابشي بكلفة ترميم جثمان يوسف بك كرم سنة 2014.
وتبرع المغترب سركيس يمين بكلفة صناعات الثريات المعلقة داخل الكنيسة والتي صُممّت وصُنعت في زغرتا على ايدي الحرفي أسعد المكاري سنة 2018.

وفي عام 2018 دشّن البطريرك مار بشارة الراعي مذبح الكنيسة في قداس احتفالي مهيب بعدما أُنجزت رعية اهدن-زغرتا أعمال الترميم الشاملة للكاتدرائية.

وتبرّع المغترب ابراهيم الدويهي وعقيلته بتكاليف تمثال الطوباوي البطريرك العلامة مار اسطفان الدويهي الذي نحته الفنان نايف علوان لينصب فوق مذبحه الذي نفّذ لوحته الزجاجية الفنان انطوان العلم داخل الكنيسة في 1 آب 2023 وتم وضع رفاة الطوباوي البطريرك الدويهي داخل اللوحة الزجاجية قبل حفل التطويب في ٣ آب ٢٠٢٤.

وأعلن وزير السياحة السابق وليد نصار في الثالث من تموز 2024، وخلال مؤتمر صحافي لمؤسسة البطريرك اسطفان الدويهي ورعية اهدن زغرتا في بكركي، عن قرار بإدراج كنيسة مار جرجس في إهدن على “خارطة السياحة الدينية المحلية والدولية”، وذلك تكريما للبطريرك اسطفان الدويهي وبطل لبنان يوسف بك كرم.