Beirut weather 13.54 ° C
تاريخ النشر April 20, 2018
A A A
كأس كرة القدم لأطفال الشوارع
الكاتب: الحياة

كأس كرة القدم لأطفال الشوارع: غياب إنساني مخزٍ لميسي ورونالدو
*

الأرجح أن أول ما يصدم العين عند دخول موقع منظمة «ستريت تشيلدرن يونايتد» هو الغياب المخزي للاعبي كرة القدم الكبار الذين تُذهَل المخيلات بالأرقام المليونية للصفقات المتعلقة بأقدامهم. يغيب عن الموقع ليونيل ميسي وكريستيانو رونالدو ونيمار سانتوس، ولا يظهر أي نأمة إنسانية من هؤلاء ومن يشبههم، حيال كرة قدم أطفال الشوارع، التي يحتفي موقع المنظمة بجهوده في تنظيم كأسها للمرة الثالثة، بعد 20 يوماً في موسكو.

في المقابل، تلتمع العين أمام ذاك التضامن القوي بين الطفولة والنسوية، في صور المساعدة المقدمة من لاعبات كرة قدم يعملن على تأهيل فرق أتت من دول مختلفة، مع الإشارة إلى وجود 150 مليون طفل لائذ بالشوارع ومحرومٍ من التعليم. لو أن كل طفل يساوي دولاراً في أعين اللاعبين الكبار، هل كان ذلك ليؤثر أكثر في أولئك الذين باتت مبارياتهم الحدث الأبرز في الإعلام العام عالمياً؟ بل يُقدَر أن متابعي نهائيات كأس العالم يفوق متابعي حتى أعتى الحروب المعاصرة، بما فيها تلك الأعداد البليونية التي تابعت ضربات الإرهاب في 11/9؟ لعل هناك من يفكر أيضاً أن صورة الأموال الهائلة المحيطة بأقدام أساطير كرة القدم عالمياً، ربما كانت جزءاً من الأحلام اليومية المستحيلة لمن يلتحفون قسوة الحجر يومياً، وربما لو صُرفت أموال فضائح الـ»فيفا» على تعليمهم الأساسي، لالتمع خيط أمل في حياتهم.

في أزمنة أقل جشعاً، لم تكن المسافة بعيدة بين المتألقين في كرة القدم (بل الذين أسسوا صورتها المعاصرة) وبين بؤساء الشوارع. من تلك المعاناة في مدن الصفيح، جاء معظم فريق البرازيل الأسطوري الذي فاز بكأس العالم ثلاث مرات (الوحيد الذي احتفظ بها، تحت مسمى «كأس جول ريميه»)، وضم أسماء ربما أشهرها بيليه، وليس أقل شهرة الجناح الأيمن الأسطوري غارينشيا الذي كان يسابق الريح بساقين مقوّستين من تأثير غياب الكالسيوم عن غذائه طفلاً مصاباً بالكساح! وبجسد الفقر والتشرد، أحرز غارينشيا كأس العالم مرتين (1958 و1962)، ولا يفصله سوى لقب وحيد (1970) عن الأسطورة بيليه الذي جاء من أسرة متواضعة الدخل أيضاً.

لتكن المرأة الأفغانية مثالاً
كان ذلك قبل أن تستولي الأموال (وكذلك السياسة وغيرها) على تلك اللعبة. كان ذلك قبل أن يغدو معروفاً أن الرغبة في التغطية على بدايات فضائح أموال الفساد كانت من دوافع الرئيس السابق للـ»فيفا» جوزيف بلاتر في تأييد إقامة كأس كرة قدم لأطفال الشوارع للمرة الأولى في جنوب أفريقيا عام 2010. وآنذاك، جاءت المبادرة من مؤسسة «تشايلد أوف ستريت يونايتد» البريطانية الخيرية، التي تفتخر بتوظيفها الرياضة لمصلحة أطفال الشوارع. وآنذاك، لم يلتفت الإعلام كثيراً إلى تلك المسابقة، بل فضل عليها الاهتمام بكأس كرة القدم للروبوت «روبوكاب»!

لم تكن كأس المشردين الثانية أحسن حالاً. بقيت أعين الملاعب مغلقة «على وسعها» عن إنسانيتها. اهتم الإعلام كثيراً بأن حرَّك روبوت ضربة البداية في مستهل تلك الدورة التي استضافتها البرازيل عام 2014. وغني عن القول إن دوي الهزيمة المرَّة للبرازيل أمام ألمانيا (1-7)، صمَّ آذان الإعلام العام عن ركض أقدام المشردين بكرة تساوي الذكور مع الإناث، بكأس لكل من الجنسين.

وفي موسكو، ستلتقي فرق من 24 بلداً، يتألف كل منها من 7 لاعبين، تنتهي منافستها قبل انطلاق كأس الـ»فيفا» للعام 2018.

ويكبر القلب بكون السير أليكس فيرغسون، المدرب الإسكتلندي المعروف، من داعمي كأس المشردين. وتلتمع آمال عريضة بمعرفة أن المرأة الأفغانية من كبار مسانديهم. إذ تبرعت خالدة بوبال، وهي القائدة السابقة للمنتخب الأفغاني النسوي لكرة القدم، بتدريب فريق مشردي المكسيك. أليس عبوراً نسوياً قوياً لتحديات لا حصر لها، ذلك التضامن المرهف إنسانياً بين النسوية المضطهدة والطفولة المحرومة؟