Beirut weather 29.41 ° C
تاريخ النشر October 26, 2017
A A A
طبخة بحص البايومترية
الكاتب: هتاف دهام - البناء

يجلس رئيس مجلس النواب نبيه بري في كرسيّه في عين التينة، مزهوّاً وواثقاً من أنّ الانتخابات النيابية ستجري في مواعيدها المقرّرة. فمن يفكرون بغير ذلك بحسب «الأستاذ» هم مخطئون و»ليخيّطوا بغير هذه المسلة»، في إشارة إلى تيار المستقبل ومَن يدعمه.

يستحضر بري أمام زواره تفاصيل اجتماع عقده ووزير الداخلية نهاد المشنوق في الحادي عشر من الشهر الحالي. فيقول «أبلغني المشنوق بعدم قدرة وزارته على إنجاز 3 ملايين و800 ألف بطاقة بايومترية، لأنّ هذا يعني أنّ على «الداخلية» أن تسلّم كلّ شهر ما يقارب المليون بطاقة وهو ما لا قدرة لها عليه. وعندها طرح وزير الداخلية أن يتمّ إعداد البطاقات البايومترية لمن يسجّلون أسماءهم في أماكن سكنهم بتقديرات تقارب الـ 500 ألف بطاقة. أجبته ماذا لو كان الإقبال على التسجيل يفوق قدرة الوزارة على الإنجاز؟ مما يعني أنّ مواطنين سيتسلّمون بطاقاتهم وآخرين سيُحرمون منها».

لكلّ هذه الأسباب دعا بري، كما يؤكد، لانتخابات تجري في أيار 2018 تستخدم فيها بطاقات الهوية أو جواز السفر على أن تمضي الوزارة المعنية بمتابعة البطاقة البايومترية بهدوء وروية كي تستخدم في انتخابات ما بعد المقبلة في العام 2022. لاقت هذه الفكرة استحساناً من الوزير المشنوق معلّقاً عليها بتشديده على أنّ هذا الأمر سيتيح للوزارة أن لا تجري تلزيم البطاقات بالتراضي إنما بالمناقصة ودفتر الشروط. توقف بري ملياً عند ما تقدّم ليأخذ الحديث إلى مكان آخر، مؤكداً أنّ تلزيم البطاقات يجب أن يجري وفق مناقصة ودفتر شروط تضعه إدارة المناقصات في التفتيش المركزي.

وسط هذا المشهد يُبدي المعنيون بقانون الانتخاب قلقاً إزاء تشبّث البعض بـ «الانتخاب الحر» الذي لا يمكن أن يحصل من دون اعتماد البايومترية، ويُعرب هؤلاء عن تخوّفهم من أن يكون الكباش حول البطاقة الممغنطة حجة لتطيير الانتخابات.

وعليه، فإنّ الأمور داخل اللجنة الوزارية المكلفة دراسة قانون الانتخاب لا تزال عالقة. اجتماع السراي الحكومي يوم أمس، بعد غياب نحو أربعين يوماً لم يخرج بأية نتيجة. النقاشات كانت أشبه بـ»طبخة بحص». ومردّ ذلك أنّ التفاهم السياسي لم يتبلور بعد حيال كيفية مقاربة النقطتين العالقتين المتبقيتين من آلية تطبيق قانون الانتخاب النسبي (اعتماد البطاقة البايومترية والتسجيل المُسبق للناخبين في أماكن سكنهم بدلاً من أماكن الولادة). فالانقسام بدا جلياً بين تيار المستقبل والتيار الوطني الحر. ففي حين أكد وزير الداخلية أنّ التسجيل المُسبق للناخبين خارج أماكن الاقتراع بات محتّماً، وأنّ الوقت مرّ ولم يعُد بالإمكان التصويت وفقاً للبايومترية من دون التسجيل المُسبق»، شدّد الوزير جبران باسيل على أنّ حرية الناخب مستهدَفة من خلال موضوع التسجيل المسبق.

ويُذكر أنّ مشروع قانون قد أحالته الحكومة إلى البرلمان يرمي إلى فتح اعتماد إضافي في الموازنة العامة لعام 2017 بقيمة 202.005.000.000 ل. ل. لتغطية تنفيذ مشروع تطوير بطاقة الهوية الحالية إلى بطاقة بايومترية. وقد أحال الرئيس بري المشروع إلى لجنة الدفاع والبلديات ولجنة المال والموازنة. وفي حين أنّ لجنة المال دعت لمناقشة المشروع اليوم الخميس، فإنّ لجنة الدفاع ناقشت يوم أول أمس الثلاثاء المشروع من دون أن تتوصل إلى نتيجة في شأنه وأحالته إلى اجتماع لاحق سيعقد الأسبوع المقبل. ومن المتوقع بحسب مصادر نيابية أن يشهد مشروع فتح اعتماد إضافي لتنفيذ البطاقة البايومترية انقساماً بين فريقي التيار الوطني الحر والمستقبل من ناحية، وباقي القوى من ناحية أخرى، على خلفية المواقف المعترضة بضرورة إحالة هذا المشروع لدائرة المناقصات لوضع دفتر الشروط وإحالته إلى مناقصة من دون أن يتمّ ذلك بالتراضي.