Beirut weather 21.41 ° C
تاريخ النشر October 30, 2025
A A A
حين يتحول الخطأ البسيط إلى زوبعة تنمّر… جاسينت عنتر تواجه بابتسامة واثقة
الكاتب: حسناء سعادة - موقع المرده

 

 

 

 

في زمن تتكاثر فيه المنصّات وتغيب فيه المعايير، أصبح الخطأ البشري البسيط مادة للتجريح والسخرية. هذا ما حصل مع الإعلامية جاسينت عنتر، التي وجدت نفسها فجأة في عين العاصفة بسبب لحظة عفوية لم تعرف فيها من هي الإعلامية هالة سرحان، فانهالت عليها التعليقات الساخرة، وكأن المعرفة الموسوعية الشاملة شرط أساسي للمهنية.

 

جاسينت عنتر، المعروفة برقيها وهدوئها وأسلوبها المهذب في التقديم، لم تُخطئ في حق أحد، ولم تُهن تاريخ الإعلام، بل وقعت في سهو طبيعي يمكن أن يحدث لأي إنسان ومعظم الذين تنمروا قد لا يعرفون حتى من هي الاعلامية هالة سرحان، لكن ما تكشفه هذه الواقعة أبعد من مجرد نسيان اسم، إنه مرض العصر: التنمّر الإلكتروني الذي يجعل من بعض الناس قضاة وجلادين في آن ومنهم من لا يملك ادنى فكرة عن الحق والحقيقة والانسانية.

 

ليس من الضرورة أن يعرف الإعلامي كافة أسماء الإعلاميين الآخرين مهما كانت شهرتهم أو نجاحاتهم، فالمعرفة مهمة ومطلوبة ويجب السعي اليها ولكنها ليست مقياس القيمة، ولا الموهبة أو الأصالة. الإعلام الحقيقي لا يُقاس بعدد الأسماء في الذاكرة، بل بنقاء الأداء واحترام الكلمة والناس، وجاسينت تمتلك ما هو أثمن من المعرفة النظرية: تواضعها الإنساني، وهي سمة نادرة في هذا الزمن الإعلامي المتسارع. تواضعها لا ينتقص من مهنيتها، بل يزيدها حضوراً واحتراماً.

ومع كامل التقدير لخبرة الإعلامية هالة سرحان ومسيرتها الطويلة، إلا أنّ الفارق بينهما يذكرنا بأن النجاح لا يكتمل إلا حين يُزيَّن بالتواضع.

 

ربما آن الأوان أن نتوقف عن جلد الناجحين عند أول هفوة، وأن نستعيد ثقافة الدعم بدل الشماتة، والتصحيح بدل الإهانة. فالإعلامي، قبل كل شيء، إنسان.

وجاسينت عنتر تستحق أن تُذكر اليوم ليس كضحية خطأ، بل كصورة لإعلام راق يواجه ضجيج المنصات بابتسامة وثقة.