Beirut weather 16.41 ° C
تاريخ النشر November 29, 2024
A A A
بعد الحرب… كيف يستعيد لبنان جاذبيته السياحية في موسم الأعياد؟
الكاتب: عمر عبدالباقي - لبنان الكبير

جسّد لبنان قصة صمود لا مثيل له، وتحمل شعبه أعباء الحرب وأوجاعها، وواجه تحديات هائلة أثرت على جميع مناحي الحياة فيه. ومع ذلك، وسط ظلام الأوقات العصيبة، تلوح بارقة أمل جديدة، تتجلى في الأرقام المتزايدة لمطار رفيق الحريري الدولي في بيروت.

ففي صيف 2024 وتحديداً في حزيران، استقبل المطار 406,396 وافداً، غالبيتهم من المغتربين، على الرغم من التراجع الطفيف بنسبة 5% مقارنة بالشهر نفسه من العام السابق. لكن هذه الأرقام تعكس رغبة قوية لدى اللبنانيين في العودة إلى وطنهم، حيث بلغ عدد المسافرين منذ بداية العام مليوناً و545,666 راكباً.

كما شهدت حركة الطيران انتعاشاً ملحوظاً، مع تسجيل 5,509 رحلات في حزيران الماضي، ما يدل على استمرارية جاذبية لبنان كوجهة سياحية، حتى في ظل الظروف الصعبة. لكن بنهاية الموسم الصيفي زادت وتيرة التوتر ما أدى الى صراع بالغ الذروة، وخسائر هائلة وغير متوقعة، ألقت بظلالها على العديد من القطاعات. وبالوصول اليوم إلى وقف إطلاق النار، تفتح الأبواب أمام الأمل والتجديد.

ومع اقتراب شهر كانون الأول، الذي يملؤه سحر الأعياد وأجواء الفرح، يبقى السؤال معلقاً: هل سيشهد لبنان انتعاشاً في الحجوزات والإقبال؟ كل الأنظار تتجه نحو السلام والاستقرار، مع الأمل في عودة الحياة إلى طبيعتها، واستعادة الفعاليات السياحية التي تعيد للبنان تألقه وجماله.

خلال أوقات الحرب العصيبة، تبوأت شركة “طيران الشرق الأوسط” مكانة فريدة، إذ بقيت الوحيدة التي تواصل رحلاتها الجوية، وسط غياب كامل لشركات الطيران الأخرى. ومع اقتراب موسم الأعياد، هل ستستأنف بقية شركات الطيران العالمية عملها في مطار رفيق الحريري الدولي في المدى القريب، وهل سيكون هذا الموسم واعداً ليلملم جراح ما صنعته الحرب؟

رئيس نقابة أصحاب السفر والسياحة جان عبود، يكشف أن وقف إطلاق النار قد يؤجل عودة شركات الطيران العربية والأجنبية إلى مطار بيروت. ومع ذلك، يتوقع عودة حوالي 7 إلى 8 شركات خلال الأيام القليلة المقبلة، بعد أن تم تعليق رحلاتها.

ويقول عبود: “شركات الطيران التي أعادت جدولة رحلاتها إلى بيروت حددت مواعيد لذلك في مطلع العام 2025، وهذا يعني أن العديد من الشركات سيظل غير قادر على تسيير رحلاته إلى لبنان قبل بداية العام المقبل”. ويؤكد أن إخراج الطائرات من الخدمة وإعادة جدولة رحلاتها ليست مهمة سهلة، بل تتطلب وقتاً وإجراءات معقدة.

في الوقت الحالي، تواصل طائرات شركة “الميدل ايست” العمل، بحيث تراوحت نسبة إشغال رحلاتها خلال فترة الأعياد بين 85% و90%. ويُعزى هذا الارتفاع إلى عدم وجود شركات طيران أخرى، بالاضافة إلى رغبة العديد من اللبنانيين في قضاء الأعياد بين أهلهم وأحبائهم في لبنان.

ومقارنة بالسنوات السابقة، تبدو حركة السفر إلى لبنان ضعيفة جداً، بحيث كانت تصل إلى مطار رفيق الحريري الدولي رحلات من حوالي 60 شركة طيران، وكان عدد الوافدين يومياً يتجاوز 13 ألفاً. أما اليوم، فتسيّر شركة “طيران الشرق الأوسط” 22 رحلة يومياً، بسعة 150 راكباً لكل رحلة، ما يعني أن عدد الوافدين لن يتجاوز 3500 أو 4000 وافد يومياً.

ومع ذلك، هناك بصيص من الأمل؛ فقد رفعت الشركة عدد رحلاتها مؤخراً، فأضافت رحلتين من باريس ولندن ابتداءً من 10 كانون الأول 2024، استجابةً للطلب المتزايد. وهذا يشير إلى أن اللبنانيين، على الرغم من الظروف الصعبة، لا يزالون متمسكين ببلدهم، ويفضلون قضاء عطلة الأعياد في أحضان لبنان، حيث الذكريات والألفة.

كما أشار رئيس مطار رفيق الحريري الدولي فادي الحسن إلى أن الأفق يبدو أكثر إشراقاً، بحيث من المتوقع أن تعود جميع شركات الطيران العربية والأجنبية إلى تسيير رحلاتها بصورة طبيعية من المطار واليه خلال الفترة ما بين 5 إلى 15 كانون الأول.

هل المؤسسات السياحية مستعدة لموسم الأعياد المرتقب؟ يوضح الأمين العام لاتحاد النقابات السياحية ورئيس نقابة المجمعات البحري، جان بيروتي، عبر موقع ”لبنان الكبير” أن “هناك تفاؤلاً ملحوظاً، فقد بدأت شركات الطيران تعود تدريجياً للعمل في لبنان، ما يسهل عودة المغتربين بأسعار تذاكر مقبولة”.

ويشير بيروتي إلى أن قلة الخيارات المتاحة للطيران، بالاضافة إلى احتكار شركة “طيران الشرق الأوسط” الرحلات، رفعا من تكاليف التذاكر. ومع ذلك، هناك وعود بوصول 5 إلى 6 شركات طيران جديدة للعمل، ما سيشجع المغتربين على العودة إلى وطنهم.

ويؤكد بيروتي أهمية هذه المرحلة، مشدداً على ضرورة تعزيز التعاون لإعادة لبنان إلى الخريطة السياحية، بحيث كان هذا القطاع يشكل حوالي 25% من الدخل الوطني. ويلفت الى أن الأماكن السياحية جاهزة وتعمل بجد لاستقبال موسم الأعياد، الذي نأمل في أن يحمل الخير على الرغم من التحديات التي واجهت البلاد.