يصنف المهتمون بكرة القدم الحارس البرازيلي مواسيير باربوزا ناسيمنتو بأنه أحد أفضل حراس العالم على الإطلاق في الأربعينيات الميلادية من القرن الماضي، إلا أن مستويات الحارس الأسمر الباهرة لم تشفع له بالبقاء على قمة المجد بعد الخطأ الشهير الذي ارتكبه في نهائي كأس العالم 1950.
الكرة التي هزت شباك البرازيل في كأس العالم
وكان باربوزا حارس المنتخب البرازيلي في كوبا أميركا 1949 والذي هزم باراغواي 7-0 في النهائي، وبطل ولاية كاريوكا 7 مرات متتالية، حارساً في مباراة البرازيل وأوروغواي الشهيرة بـ”ماراكانازو” وتعني كارثة ماراكانا، عندما سجل جيغيا الأورغوياني هدف الفوز للضيوف، وذهب باربوزا ضحية تلك الخسارة.
كل شيء كان يسير بعد تلك المباراة في حياة باربوزا، كان الحارس يعيش نقيضه تماماً قبلها، حارس أسمر شاب يدخل أرض الملعب بزهو، يرهب المهاجمين قبل أن يلمسوا الكرة، وأكثر من ذلك لا يرتدي قفازات على عكس جميع الحراس.
كانت الدقيقة 79 والنتيجة تعادل البرازيل وأوروغواي في ماراكانا وعشر دقائق فقط أو تزيد قليلاً تفصل السامبا عن لقبها العالمي الأول، وفي تلك الدقيقة كان الأوروغوياني آلسيدس جيغيا يراوغ الظهير الأيسر جوفينال ويخدع المدافع بيغودي، قبل أن يرسل كرة أخطأ باربوزا بتقديرها لتلج شباكه، ويصمت مائتي ألف كانوا يساندون البرازيل في ماراكانا، وعن ذلك يقول جيغيا قبل وفاته في 2015: 3 أسكتوا ماراكانا بأكمله، الأول المغني الأميركي فرانك سيناترا والثاني البابا يوحنا بول الثاني والثالث أنا عندما أحرزت هدف الفوز.
عاش باربوزا حياة تعيسة بعد تلك الأمسية، ذهب إلى الحي الذي يقطنه، وكان قبلها رتب وجبة دسمة لجيرانه كاحتفال مبكر بالفوز، لكنه يقول قبل وفاته مطلع الألفية الحالية: لم يلمس أحد الأكل، حتى الكلاب ابتعدت عنه.
وبعد تلك المباراة خرج الثلاثي جوفينال وبيغودي وباربوزا من قائمة البرازيل الدولية، والرابط بينهم أنهم كانوا جميعاً من ذوي البشرة السمراء، ويلمح بعض الكتاب في ذلك الوقت إلى وجود دوافع عنصرية لاستبعاد الثلاثي من بين المجموعة كاملة.
وبسبب الخطأ الذي ارتكبه باربوزا في كأس العالم، لم يحم أي حارس ملون مرمى البرازيل لمدة 56 عاماً، وكان البرازيلي ديدا في كأس العالم 2006 أول لاعب ملون يحمي عرين السامبا منذ كارثة ماراكانازو.
ديدا أول حارس برازيلي ملون منذ 56 عاماً
ويرى بعض المهتمين أن الأندية البرازيلية أصبحت تبعد اللاعبين السمر عن مركز حراسة المرمى، ودليل ذلك الإحصائية الحديثة التي صدرت وكشفت أن السمر يشكلون 18% فقط من حراس المرمى في البرازيل، مقارنة بـ68% من اللاعبين في المراكز الأخرى.
وعاش باربوزا حياة صعبة وكان بالنسبة لـ200 مليون برازيلي، هو الرجل الذي جعل البلاد تبكي بأسرها، كما قالت أم لولدها الصغير في متجر عندما شاهدته يبتاع بعض الحاجيات.
وانتقل الحارس الأسمر إلى العمل في ملعب ماراكانا، ودعى أصدقاءه إلى حفل شواء، وعندما وصلوا إلى منزله، وجدوه يشوي القائمين والعارضة من ملعب ماراكانا الذي شهد الكارثة.
* زاغالو منع باربوزا من دخول المعسكر
وحاول مواسير الاندماج بعالم كرة القدم من جديد، وذهب إلى معسكر المنتخب البرازيلي في عام 1993 قبل خوض نهائيات كأس العالم، لكن المدرب ماريو زاغالو منعه من الدخول إلى المعسكر خوفاً من “النحس” الذي قد يجلبه باربوزا للفريق، وهو ما تسبب ببكاء الحارس الأسمر قائلاً: عقوبة السجن القصوى في البرازيل 30 عاماً، أنا مسجون منذ 50 عاماً !.
وعانى بطل “ماراكانازو” في أواخر حياته من الاكتئاب وتوفيت زوجته بسبب السرطان، ولم يستطع تحمل تكاليف المعيشة فخرج من شقته قبل أن يستأجر له بعض الأصدقاء شقة صغيرة عاش بها وحيداً، حتى أغمض عينيه للمرة الأخيرة في السابع من أبريل عام 2000.
وصنع خطأ باربوزا مجداً كروياً للبرازيل، عندما شاهد الطفل أديسون والده يبكي في عام 1950، وبعدها بـ8 أعوام تألق بيليه في كأس العالم وحققته البرازيل في السويد، وأتبعته بآخر.
باربوزا خلال فترة لعبه كرة القدم