Beirut weather 14.1 ° C
تاريخ النشر November 24, 2017
A A A
التريث… بالمفهوم الدستوري والسياسي
الكاتب: سعدى نعمه - موقع المرده

أرخى تريّث رئيس الحكومة سعد الحريري في الاستقالة من دون أن يحدد سقفاً زمنياً لهذا القرار بظلاله ايجاباً على المناخ السياسي والاقتصادي وحتى المصرفي والنقدي كما أعلن أمس حاكم مصرف لبنان رياض سلامة.

الخصوم والحلفاء باركوا عودة الحريري، المواقف التي اطلقت كانت بنّاءة، أبى اللبنانيون ان تعلن الاستقالة من الخارج لاعتبارهم أن كرامتهم من كرامة رئيس حكومتهم فلم يقبلوا الضغط من اي طرف وعاد الحريري الى الوطن وسط فرحة عارمة تكللت بذكرى الاستقلال فلم يشغر مقعده لا بل شارك في هذه المناسبة الوطنية.
وقد ربط الحريري تريّثه وعدم الذهاب الى الاستقالة، بالاستجابة لتمنّي رئيس الجمهورية ميشال عون عليه، وبإعطاء فرصة لمعالجة الأسباب الدافعة الى هذه الاستقالة وقد شدد كثيرون على أن الحريري قام بخطوة حكيمة.

وهنا يطرح السؤال: كيف يفهم التريث دستورياً؟ ما معنى ان يتريث رئيس الحكومة سعد الحريري في استقالته المعلنة وغير الخطية؟ وهل يختلف التريث عن الاعتكاف؟ وما هي طبيعة عمل مجلس الوزراء حالياً واي توصيف للحكومة؟
يؤكد الاستاذ الجامعي الدكتور سيمون سلامة في دردشة خاصة مع موقع “المرده” أنه لا يوجد ما يسمى بالتريث دستورياً والحريري أدخل مصطلحاً جديداً الى “القاموس الدستوري اللبناني” اي ان التريث هو قرار سياسي لا أكثر وهناك فرقاً بين الاعتكاف والتريث. فالاعتكاف هو ان يجلس اي مسؤول في بيته نتيجة انزعاج من امر معين ويكون بمثابة تهديد للافرقاء الآخرين حتى يحققون رغبته في امر معين ويرفض في هذه الحالة ان يمارس صلاحياته.
بينما التريث كما هي الحال الآن مع الرئيس الحريري يعني التمهل في اتخاذ القرار النهائي حتى يتحقق من نقاط معينة اي انه موضوع معلق حتى التأكد من النوايا وتمخض نوايا الافرقاء السياسيين لمعرفة ما اذا كانوا سيطبقون اتفاق الطائف والنأي بالنفس، واذا لم يتم تطبيق هاتين النقطتين يقدم استقالته عندها.
وفي هذا السياق يشير سلامة الى أن صلاحيات الحريري قائمة والحكومة قائمة وشرعية وليس هناك من تصريف اعمال فالحريري يستطيع ممارسة مهامه بطريقة طبيعية كذلك مجلس الوزراء ولكن الحريري يرفض عقد جلسة وزارية ويتريث لاظهار النوايا كما اشرنا سابقاً.

وفي السياق عينه يقول الدكتور في التاريخ السياسي شارل رزق الله إنه لا يعتبر الحريري في هذا الوقت وبموجب الدستور اللبناني مستقيلاً لأن التريث هو مهلة تسبق اتخاذ أي قرار أو رفضه على ضوء بلورة أمر ما مع احتفاظ الشخص بموقعه، وان الحريري أعلن استقالته من خارج لبنان شفهياً، فالاستقالة اذاً غير شرعية.
وقال: “يمكن ان يتريث أي رئيس في إعلان استقالته ويبقى في مركزه،
وتريث الرئيس الحريري لا يعتبر اعتكافاً فهو يستطيع الاستمرار بممارسة صلاحياته مع الاحتفاظ بمركزه”.

وأشار الى أن “عمل مجلس الوزراء شرعي، فالحكومة غير مستقيلة، وكذلك رئيسها، وعليها أن تقوم باعمالها بعيداً عن الأزمة”،
لافتاً الى أنه “على ما يبدو أن الخطة الخارجية التي وضعت لم يكتب لها النجاح. فلسان حال الدول يقول: “إن لم يكن ما تريد، فأرد ما يكون” ولو مؤقتاً. وتريث الحريري جاء بايعاز خارجي، أي بتفاهم اميركي-فرنسي- اوروبي،
وبالتنسيق مع المملكة العربية السعودية، ورئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس المجلس النيابي نبيه بري والحريري نفسه والفرقاء السياسيين اللبنانيين، وذلك لإيجاد مخرج للأزمة من خلال الحوار الداخلي والمفاوضات السلمية التي قد تؤدي إلى تسوية، التريث، إذا مدعوم دولياً وإقليمياً ومحلياً”.