Beirut weather 29.41 ° C
تاريخ النشر July 5, 2025
A A A
اتفاق غزة وحرب لبنان
الكاتب: ناصر قنديل

كتب ناصر قنديل في “البناء”

– تتقدم فرص التوصل الى اتفاق في غزة لوقف إطلاق النار لمدة 60 يوماً، والاتفاق الذي لا يتضمّن نصاً على إنهاء الحرب لا يتضمن أيضاً الإفراج عن كل الأسرى المحتجزين في غزة، بل نصفهم فقط، مع تعاظم القناعة الغربية والأميركية بصورة خاصة بالحاجة إلى إنهاء الحرب واستحالة مجاراة نظرية بنيامين نتنياهو بالنصر المطلق، خصوصاً بعد تجربة الحرب على إيران التي تعاني واشنطن من نتائجها، وقد فقدت ورقة الحرب في المفاوضات مع إيران بعدما أحرقتها، دون أن يؤدي احتراقها إلى فتح طريق إسقاط النظام أو الاستسلام، والاستجابة لنظرية الحرب المفتوحة التي يتبناها نتنياهو تعني تدمير المصالح الأميركية والعربية الخليجية الحليفة لأميركا بسبب ما يحدث إذا تصاعدت الحرب من حول حقول النفط وانتهت بإقفال مضيق هرمز، وهذا ما خلق دينامية أميركية خليجية تقول إن حرب غزة سمحت بتعاطف شعبي عربي غربي مع إيران خلال الحرب، وإن إنهاء حرب غزة يمهد الطريق للتفاوض من موقع أفضل مع إيران، وإن هذا التفاوض لا يستطيع ان يبقى أميركياً إسرائيلياً فيكفي “إسرائيل” أن كل الحروب التي خاضتها واشنطن وما كان ممكناً لـ”إسرائيل” تحقيق الضربات المؤثرة فيها دون أميركا خفضت درجة التهديد الذي كانت “إسرائيل” تحت تأثيره إلى أدنى الدرجات، وآن الأوان لتبريد المنطقة ودخول مراحل السياسة، وانتقال “إسرائيل” إلى المقاعد الخلفية، وترك أميركا وحلفائها العرب يزيلون الركام السياسي الذي خلفته حروبها.

– يصغي الأميركي للكلام العربي والخليجي خصوصاً عن الحاجة لإطلاق مسار سياسي يطال مستقبل القضية الفلسطينية، لكن إدارة ترامب لا تزال بعيدة عن فكرة الدولة الفلسطينية، وربما تكون مستعدّة للموافقة على صيغة تمنح غزة لإدارة عربية تسمى دولة فلسطينية، مقابل منح “إسرائيل” مزيداً من المكاسب في الضفة الغربية، وفتح طريق التطبيع السعودي الإسرائيلي باعتباره بيضة القبان في رسم الصورة الجديدة للمنطقة، كما ترغب أن تراها واشنطن، فيمكن إعادة تفعيل طريق الحرير البديل الأميركي لخطة الحزام والطريق الصينية، من خلال خط الهند السعودية “إسرائيل” أوروبا، الذي أطاح به طوفان الأقصى، والتطبيع السعودي الإسرائيلي ولو على مراحل يطلق مناخاً جديداً في المنطقة، خصوصاً مع تقدم المسار السوري خطوات واسعة على طريق العلاقات المباشرة الإسرائيلية السورية.

– لا يبدو أن الفريق العربي السعودي الإماراتي القطري قادر على القبول بدويلة في غزة يتقاسم السيادة عليها العرب و”إسرائيل”، كبديل لفكرة دولة فلسطينية، ولا هو قادر على تقديم التغطية لتطبيع سوري “إسرائيلي” بدون الجولان، بينما لا يبدو الجانب الإسرائيلي مستعداً لدفع ثمن التطبيع من الأرض. وتقول القراءة الإسرائيلية إن التطبيع مع مصر هو مجرد حبر على ورق رغم كل حماس الرئيس الراحل أنور السادات، لكن سيناء صارت بيد مصر، وإن العداء المصري لـ”إسرائيل” في الجيش ووسط الشعب أعلى منه في سورية، وسوف يعود في سورية كذلك بعد عقد من مغادرة الجولان، ويكون الجولان قد صار بيد سورية، والجولان ليس سيناء، فهو نصف الأمن الإسرائيلي.

– بالنسبة للبنان الذي يرى الجانب العربي ومعه الأميركي أن عدم إغلاق ملف الحرب فيه سوف يبقيه مصدر شرارة قد تعود لإحراق المشهد في المنطقة، وأنه يمكن التوصل لصيغة تمنح الدولة اللبنانية فرصة تحقيق توازن مع حزب الله يمنحها مكاسب تتحقق من المسار الدبلوماسيّ الذي اختارته بديلاً للمقاومة وصار عنواناً للفشل، وأن نظرية بقاء الاحتلال وجعل الأرض رهينة مقابل نزع سلاح المقاومة، حوّل الدولة اللبنانية إلى رهينة، ولذلك يجري التفكير بنصف حل يعطي بعض الأوكسجين لمشروع الدولة دون أن ينزع من يد “إسرائيل” مكاسب جوهرية، لكن القراءة الإسرائيلية مختلفة وتقول إنه إذا كان على “إسرائيل” قبول اتفاق غزة، فلا يمكن تقديم تنازلات في لبنان، بل يجب التفكير بالضغط عسكرياً في لبنان ووضع معادلة بقاء السلاح يساوي الذهاب إلى الحرب مجدداً على الطاولة وتفعيل الضغوط الداخلية اللبنانية لجعل السلاح سبباً للحرب وتحميل حزب الله المسؤولية.

– النقاشات المرتقبة في واشنطن بين الرئيس الأميركي دونالد ترامب ورئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو، سوف تقرّر حدود التأثير الأميركي على القرار الإسرائيلي، وحدود التأثير الإسرائيلي على القرار الأميركي.