Beirut weather 18.41 ° C
تاريخ النشر March 21, 2023
A A A
أنانية وكيدية وإستخفاف بعقول ومعاناة الناس
الكاتب: سركيس كرم - موقع المرده

ما نراه ونسمعه من مواقف سياسية في الأونة الأخيرة بما خص رئاسة الجمهورية لا يبشر بقرب انتهاء الشغور الرئاسي، ولا يساهم بالطبع بوضع لبنان على سكة الإنقاذ.
فهنالك ذلك الذي يريد قطع الطريق على وصول سواه، والى جانبه من يرفض كل المرشحين كونه لا يرى سوى نفسه المرشح الأنسب والأكثر أهلية وصاحب المواصفات الكاملة والمتكاملة، ويبرز ثالث يخوّن ويصنّف السيادة الوطنية وفقاً لما يتناسب مع طموحاته، وآخر يطرح أسماء “تجريبية” يسعى من وراء طرحها استشعار امكانية خوضه هو نفسه غمار الترشح .
كل ذلك يجري والشعب اللبناني يعاني الأمرّين من انهيار مادي وأقتصادي وتقهقر مأساوي لمؤسسات الدولة على كافة الصعد. وكل ذلك يحصل من دون ضمير يردع ولا رقيب يحاسب ولا حس وجداني يذكّر بالمسؤولية الملقاة على عاتق من يفترض ان يكونوا في مواقعهم لخدمة مصالح الناس.
المفارقة ان كل هؤلاء يحتلون نشرات الأخبار وتضّج بتصريحاتهم “الحماسية” منصات وسائل الإعلام على أنواعها على مدار الساعة بإستثناء “مرشح” واحد هو سليمان فرنجيه الذي لم يعلن بعد عن ترشحه للرئاسة.
وبالرغم من “صمته” المدوي وامتناعه عن مهاجمة الغير او اللجوء الى رفع الشعارات الرنانة والوعود الطنانة، تبدو حظوظ فرنجيه الأكبر كونه يتمتع فعلاً بتأييد غالبية اللبنانيين من مختلف الطوائف والمكونات السياسية ما عدا قادة “أكبر” كتلتين “مسيحيتين”. وهنا أصّر على تحديد “قادة” الكتلتين وليس القاعدة الشعبية التي تؤيد ضمناً وفي الكثير من الحالات وصول فرنجيه الى رئاسة الجمهورية.
قد يستغرب البعض هذا القول، ولكن اذا نظرنا الى الأمور بواقعية ومن زاوية التمثيل النيابي، نجد ان فرنجيه يحظى بدعم الثنائي الشيعي وغالبية السنة وعلى الأقل ربع النواب المسيحيين. اما في حال قارنا ذلك بمزاج القواعد الشعبية فنجد انه يحظى بتأييد كامل من الشارع الشيعي وشبه كامل من الشارع السني والدرزي ومن نصف الشارع المسيحي بما فيه الشارع القواتي على وجه الخصوص.
فالناس باتت تدرك ان البعض يدير مسألة الرئاسة انطلاقاً من انانية مطلقة وإستخفاف متعمد بعقول اللبنانيين ومعاناتهم.
والناس تتساءل: كيف لمن تخطى المراحل الدموية المؤلمة التي دمرت المجتمع المسيحي وهجرّت الالاف من شبابه في التسعينات من القرن الماضي، ان يفعل ذلك وينتخب “غريمه” التاريخي، ولا يستطيع ان يظهر ايجابية واحدة ويتيمة تجاه من مد له يد المسامحة والسلام!
وكيف لمن يدّعي “السيادة” ان يعتبر العلاقة مع دول معينة هو انتهاك لهذه السيادة فيما هو يتفاوض ويسوّق ترشيحه عند دول اخرى ولا يكون ذلك انتهاكاً للسيادة!!
وكيف لمن أخفق في تحقيق الحد الأدنى من طروحاته وشعاراته ان يزعم ان فرنجيه لا يقدر على قيادة مسيرة الإصلاح وبناء الدولة!!
يبدو وللأسف ان فرنجيه الواقعي والشفاف والصادق والحريص على قيامة الدولة وعلى سلامة وأمن الناس وعلى وجه الخصوص المسيحيين، لا يتلاءم اسلوبه قطعاُ مع محبي رفع الشعارات والمزايدات في الوطنية والسيادة! ولا مع محترفي المتاجرة بتضحيات واتعاب الغير! فهؤلاء يصرّون على رفض فرنجيه وإغراق الوطن والمواطن أكثر في المآسي، مع أنهم يعلمون جيداً في قرارة أنفسهم انه مسيحي “للعضم” ولبناني أصيل وعروبي متأصل، فضلاً عن انفتاحه وشهامته ومصداقيته وثباته، وهذه الصفات وحدها كفيلة بنجاحه كرئيس للجمهورية.
فهل حقاً يريد هؤلاء مصلحة لبنان وشعبه أم أنهم لا يستطيعون التحرر من كيدياتهم وارتباطاتهم ورهاناتهم التي اذا أستمرت لن تؤدي إلا الى إنهيار لبنان كلياً وعندها لا ولن ينفع الندم!