Beirut weather 19.45 ° C
تاريخ النشر October 19, 2019
A A A
72 ساعة حاسمة
الكاتب: النهار

قد لا تكون ثمة مغالاة في القول إن مهلة الساعات 72 التي حددها رئيس الوزراء سعد الحريري لـ”شركائه” في السلطة من أجل اجتراح الحل الكفيل بوقف تداعيات إحدى أخطر الازمات الداخلية التي يواجهها لبنان والتي تنتهي عملياً مساء الاثنين، تكتسب طابعاً مصيرياً تماماً ويتوقف عليها واقعيا استشراف الوجهة التي سيسلكها لبنان وسط عصف تحرك شعبي احتجاجي هائل. ذلك ان اليوم الثاني من الانتفاضة الشعبية التي انطلقت مساء الخميس شهد تطورات على الارض اثبتت بما لا يقبل جدلا ان هذه الانتفاضة باتت تصنف كأضخم تحرّك بعد الـ 2005 مع فارق انها تكتسب طابعاً اجتماعياً واقتصادياً.
ولا تقلل هذا الفارق الاهمية الكبيرة للتحركات الاحتجاجية المستمرة في ظل تضخم حجم المشاركة الشعبية فيها والتي برزت أمس بقوة من خلال انخراط مئات الالوف من المواطنين في التحركات والتظاهرات والاعتصامات التي عمت المناطق اللبنانية، وان تكن الانظار بدت مشدودة دوماً الى وسط بيروت حيث جرت لليوم الثاني موجات التعبير الكبيرة والتي لم تسلم من مواجهات بين الحشود وقوى الامن الداخلي، خصوصاً في ساعات المساء والليل، علماً ان قوى الامن الداخلي اعلنت ان 24 من رجالها اصيبوا بجروح بسبب هذه المواجهات.
كما ان صدامات حصلت في طرابلس ومناطق أخرى، في حين طرأ تطور سلبي للغاية تمثل في قطع طريق مطار رفيق الحريري الدولي مرات عدة الامر الذي اضطر الجيش الى تنظيم عمليات نقل المسافرين بآليات عسكرية من المدينة الرياضية. وبدا اسوأ التطورات مع تعرض مجموعات من المتظاهرين ليلا تكراراً لقوى الامن الداخلي كما مع الاعتداءات على ممتلكات عامة وخاصة واضطرت القوى الامنية الى مطاردتهم واطلاق قنابل غاز مسيل للدموع لتفريقهم.
أما التداعيات الرسمية والسياسية لهذه الانتفاضة، فبلغت ذروة من التوهج في ظل الكلمة التي القاها الرئيس الحريري من السراي مساء أمس والتي اتخذت طابعاً مصيرياً ودراماتيكياً واتسمت باهمية كبيرة نظراً الى المضامين التي طبعتها باطار لم يسبق له مثيل لجهة وضع الحريري جميع الافرقاء السياسيين الشركاء في الحكومة والسلطة امام اختبار حاسم ضمن مهلة الساعات 72 التي فاجأ بها الجميع وكانت بديلاً أخيراً وواضحاً من اقدامه على تقديم استقالة حكومته وقلبه الطاولة بنفسه، فتريث في الخطوة لثلاثة ايام فقط.وبنبرة مصارحة علنية غير مألوفة تجاه شركائه، اعتبر الرئيس الحريري “أن ما رأيناه منذ الأمس هو وجع حقيقي للبنانيين، أساسه مستوى السلوك السياسي في البلد، الذي هو السبب وراء المماطلة بالحلول والتردد بالقرارات وتعطيل الدولة أمام كل مشكل صغير وكبير، فيما كان الناس ينتظرون من الحكومة وكل الطاقم السياسي جدية في العمل، لكننا لم نقدم لهم إلا العراضات السياسية والسجالات”. وقال: “عندما أتينا إلى الخطوة المباشرة وحاولنا التنفيذ، لم تبق هناك مماطلة أو فركوشة إلا وضعت في وجهي، إن كان في موضوع الكهرباء أو خفض العجز أو تعيينات المجالس والهيئات الناظمة، التي هي أولى خطوات الإصلاح. كانت كلها تُعطل وما في شي بيمشي”.
وحدد مهلة 72 ساعة لنفسه، قائلاً: “أنا شخصياً، سأعطي نفسي وقتاً قصيراً جداً، فإما أن يعطي شركاؤنا بالتسوية وبالحكومة جواباً واضحاً وحاسماً ونهائياً، يقنعني أنا، ويقنع اللبنانيين والمجتمع الدولي وكل من يعبّرون عن الغضب بالشارع اليوم، بأن هناك قراراً من الجميع بالإصلاح ووقف الهدر والفساد، أو يكون لي كلام آخر”.