Beirut weather 19.41 ° C
تاريخ النشر February 11, 2021
A A A
لا حكومة في الأفق ولا تحديد لزيارة الموفد الفرنسي
الكاتب: رضوان عقيل - النهار

ينتظر اللبنانيون ما اذا كان الموفد الرئاسي الفرنسي باتريك دوريل سيزور بيروت فعلاً ليجمع حصيلة مواقف جديدة من الافرقاء حيال امكان ولادة الحكومة التي طال موعد صدور مراسيم تأليفها. ولم يتبلغ بعد أي من المراجع والجهات المعنية من السفارة الفرنسية أي موعد لحضور دوريل حيث يوضع جدول لقاءاته عادة قبل 48 ساعة من وصوله. ولا يبني مراقبون الكثير من التوقعات الايجابية عن تمكن الموفد، اذا حضر، من إحداث خرق بين الاطراف، ولا سيما على خط الرئيس ميشال عون والرئيس المكلف سعد الحريري، بما يعني ان الزيارة المحتملة قد تكون “استطلاعية” قبل موعد زيارة الرئيس ايمانويل ماكرون الى السعودية،

والتي ستركز في الدرجة الاولى على العلاقات بين البلدين في اكثر من مجال، اضافة الى توقف المملكة عند المقاربة الفرنسية لكيفية تعاطيها والاتحاد الاوروبي مع الملف النووي الايراني. وسيأخذ الملف اللبناني بالطبع مساحة لابأس بها على الطاولة بين ماكرون وولي العهد السعودي محمد بن سلمان.

ويعمل الاول على اشراك السعودية في الاتفاق المقبل مع سعيه للحصول من قيادتها على دعم الحريري نظراً الى تأثيرها الكبير عليه. وسيستفيد الرئيس المكلف من موقع البلدين السياسي والمالي عند تأليف حكومته والحصول على دعم منهما لانقاذ البلد من التدهور المفتوح في مختلف القطاعات الانتاجية المعطلة. ويتزامن ذلك مع تشغيل الرياض محركاتها الديبلوماسية في بيروت عبر سفيرها وليد البخاري. ويستعجل الحريري التوصل الى خلاصات ليرسم عليها موضوع اطلالته على اللبنانيين في 14 الجاري في ذكرى اغتيال والده الرئيس رفيق الحريري. وفي زحمة كل هذه التحديات لا يزال عون والحريري على حذرهما حيال كيفية التعاطي بينهما والقائمة على عامل الثقة المفقودة، وسيستمران على هذا المنوال حتى لو نجحا في تأليف الحكومة، وإن كان هذا الامر بعيد التطبيق الى اليوم حيث لم يتم التثبت بعد من ان مراسيم التأليف ستكون في الأفق القريب.

في غضون ذلك، جرى التوقف طويلاً عند توقيت زيارة نائب رئيس الوزراء القطري محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، إذ يتبين ان علاقات بلاده أكثر من جيدة مع الادارة الاميركية الجديدة من خلال اكثر من مؤسسة ومراكز ابحاث تدعمها الدوحة وتديرها شخصيات اميركية، مع عدم نسيان علاقة القطريين التحالفية مع الاتراك والطيبة مع الايرانيين.

في هذا الوقت يتم التطلع بعين أكبر الى مقاربة واشنطن حيال لبنان بعد وصول الرئيس جو بايدن الى البيت الابيض، مع ملاحظة جهات لبنانية ان الديموقراطيين يعملون على ممارسة “انسحاب اميركي” من المنطقة. ولا يعني هذا الامر تخليهم نهائياً عن الحضور في الاقليم . وقدمت الادارة الجديدة في واشنطن هدية ثمينة الى “أنصار الله” في اليمن بعد رفع العقوبات عنهم وعدم تصنيفهم منظمة ارهابية. وثمة من يدعو الى التدقيق جيدا في تعاطي الاميركيين هذا وتحقيق مصالحهم حتى لو لم ينزع الحوثيون عن علمهم عبارة “الموت لاميركا”. وما يهم الخليجيين هو التطلع الى ما سينتهي اليه الملف النووي الايراني، ولا سيما بعد تلقيهم ان الاوروبيين لا يعارضون العودة الى الاتفاق النووي مع تأجيل البت بمصير الصواريخ البالستية الايرانية الى مرحلة ثانية، وان الاهم عندهم هو التزام طهران وواشنطن مضمون الاتفاق مع ترقب الموقف الاسرائيلي الذي تعاينه جهات عربية من حصيلة هذا الاتفاق.

بالنسبة الى لبنان، وعلى رغم العلاقة الطيبة التي تربط بايدن مع الفرنسيين، الا ان الاميركيين لن يمنحوهم “تفويضاً كاملاً” في الملف اللبناني. وستستمر باريس في تفعيل حركتها اكثر مستفيدة من موقع الرياض في لبنان وتأثيرها على الحريري. هذا المناخ ليس بعيداً من الحركة الاماراتية – المصرية التي يعمل الرئيس المكلف على الاستفادة من كل عناصرها. وتتواصل كل هذه الاتصالات في ظل السباق المفتوح في مسابقة من سيربح في تأليف الحكومة وسط حسابات كل من الحريري والعونيين حيث يعمل كل فريق منهما على اجراء حسابات ما بعد التأليف، ولا سيما في حال عدم اجراء الانتخابات النيابية في موعدها – لا نية لدى حكومة تصريف الاعمال لاجراء انتخابات فرعية – حتى لو خسر المجلس ثمانية نواب مستقيلين والراحلَين جان عبيد وميشال المر- حيث تشخص العيون من اليوم الى الاستحقاق الاكبر وهو الانتخابات الرئاسية بعد انتهاء ولاية عون الذي لن يوفر سلاحا الا سيستعمله مع الاميركيين لرفع العقوبات عن رئيس “التيار الوطني الحر” جبران باسيل الذي لوَّح باعادة النظر في تفاهمه مع “حزب الله” حيث ظهر في عيون مراقبين وكأنه يقول انه “جاهز للمساومة” لانه قبل رفع اثقال هذه العقوبات سيكون خارج نادي بورصة المرشحين. ولن يفارق كابوس هذه العقوبات العونيين في اي خطوة سيقدمون عليها في السنتين الباقيتين من العهد، واي خطأ تكتيكي في الحكومة وغيرها سيكلفهم الكثير.