Beirut weather 18.41 ° C
تاريخ النشر October 24, 2020
A A A
دولار ما بعد التكليف انخفاض أكثر أم ارتفاع؟
الكاتب: ذو الفقار قبيسي - اللواء

على أبواب التأليف بعد التكليف، تكثر التوقعات حول مستقبل سعر الدولار الى حد «تنجيمات» ميشال حايك وليلى عبد اللطيف! وبعد تقلبات متواصلة بلغ السعر خلالها في تموز الماضي باب الـ١٠٠٠٠ ليرة وأخذ يراوح تحت هذا السقف بين ٩٠٠٠ و٨٠٠٠ ليرة ثم الى ٨٠٠٠ و٧٥٠٠ ليرة هبوطا الى سعر الـ٧٠٠٠ ليرة و6900 ليرة أمس بعد الإعلان عن تكليف الرئيس الحريري بحكومة ليس من الواضح حتى الآن حظوظ وإمكانيات تأليفها ومدى قدرتها على الإقلاع وسط عواصف معارضة سياسية ليست قليلة العدد ولا العتاد، كان يمكن لولا مواقفها السلبية أن ينخفض السعر بعد التكليف الى معدل كان مرتقبا بين ٦٠٠٠ أو ٥٠٠٠ ليرة. ولو ان الاختلافات في الأرقام والتوقعات، تكاد تجمع على أن الهبوط الحاصل الآن سواء في حده الأعلى أم الأدنى، «مرحلة اصطناعية مؤقتة» بسبب ان «أساسيات» المشكلة النقدية والمالية والسياسية ما زالت على حالها من أهم مقوماتها ما أوردته جمعية المصارف في تقريرها السنوي الأخير الذي صدر قبل أيام وفيه ما أشارت إليه «اللواء» في عدد أمس الأول، اعتراف صريح من الجمعية بأن الاحتياطيات المتوافرة بالعملات الأجنبية «لم تعد كافية لدعم حتى الحاجات الأساسية». وهذا الاعتراف من الجهة المصرفية الرسمية يكفي وحده لتعزيز وجهة النظر الاقتصادية التي لا تتوقع سعرا منخفضا للدولار. حيث ان توقف الدعم البالغ الآن ٥٠٠ الى ٦٠٠ مليون دولار، سيؤدي الى عودة السعر الى الارتفاع ومعه ارتفاع أسعار سلع أساسية أو ضرورية مستوردة بأضعاف متنوعة حسب نوع السلعة بما يتراوح بين ٣ أضعاف للسلع المعيشية و٤ أضعاف لسعر البنزين و٥ أضعاف لسعر الدواء، لا سيما عندما يضطر المستوردون الى تأمين ١٠٠% قيمة السلعة المستوردة بالدولار من السوق السوداء وبما يعود معه السعر الى الارتفاع لا سيما إذا تأخّر الترياق النقدي من الصندوق الدولي الذي حتى لو حصل فلن يزيد عن مليار دولار في العام ولفترة محدودة بثلاثة أو أربعة أعوام، وبعد انجاز شروط إصلاحية لا يستدل من مواقف الكتل السياسية المعارضة انها ستسهل للحكومة العتيدة تنفيذها وإنما على عرقلتها في نظام يدرك أصحابه جيدا انه إذا تم اصلاحه حتى ولو جزئيا، سينتهي الى السقوط أو بهم… الى السجون!!
يُشار إلى انه بعد الإعلان عن تكليف الرئيس الحريري تأليف الحكومة العتيدة، كانت الحيرة الموقف السائد لدى مدخري الدولار والصرافين بين بيع الدولار خوفا من المزيد من التراجع، أو الاحتفاظ به لأيام يعود السعر بعدها الى الارتفاع، لا سيما إذا تعقّد تأليف الحكومة أو إذا لم تتمكن الحكومة من تنفيذ الاصلاحات المطلوبة من صندوق النقد الدولي ودول مؤتمر سيدر قبل اتخاذ قرار بشان تقديم قروض للبنان. ومن ردود الفعل أيضا ما نقلته وكالة «رويترز» بعد التكليف، عن أحد كبار الاقتصاديين في Oxford Economy عن عدم الثقة بان الحكومة العتيدة يمكنها حل مشاكل لبنان المالية «لأن من شبه الغباوة الاعتقاد بان الطبقة السياسية التي تسببت بالانهيار هي نفسها التي ستنقذ البلد من الانهيار». في وقت أشار التقرير السنوي الصادر عن جمعية المصارف «ان السيطرة على المسار الانحداري لسعر صرف الليرة لا يمكن أن تنجح بحلول مؤقتة لن تجدي نفعا سوى لفترة قصيرة، بل بإستعادة عامل الثقة من الداخل وأيضا من الخارج، نظرا للحاجة الى تدفق أموال جديدة الى البلد. ويتطلب ذلك بناء دولة حقيقية تعمل على بناء قدرات الاقتصاد على أسس سليمة تقوم بالاصلاحات المطلوبة وتعتمد الحوكمة، وتركز على تقوية الاقتصاد وتنويعه. فسعر الصرف هو مرآة الاقتصاد «ويعترف تقرير جمعية المصارف انه» منذ استمرار تراجع احتياطيات مصرف لبنان من العملات الأجنبية… بدأت تظهر ملامح أزمة نقدية ومصرفية، وضع خلالها عدد من المصارف قيودا على بعض العمليات المصرفية لصعوبة حصولهم على السيولة بالدولار من المصرف المركزي، مثل الامتناع عن فتح الاعتمادات للتجار من أجل الاستيراد، فلجأ هؤلاء جزئيا الى سوق الصرافة لتأمين حاجاتهم من الدولارات. وبدا سعر صرف الليرة مقابل الدولار لدى الصرافين بالتراجع… وتعرّضت المصارف لأزمة سيولة غير مسبوقة بسبب تهافت المودعين على سحب ودائعهم نقدا أو طلب تحويلها الى الخارج… ففرضت المصارف اتخاذ اجراءات تمثلت بالحد من التحويلات التجارية وغير التجارية ووضع سقوف على السحوبات النقدية لا سيما بالدولار». ويصف التقرير هذه الاجراءات حرفيا بانها «شر لا بد منه (!) لحماية المودعين»!