Beirut weather 35.41 ° C
تاريخ النشر October 17, 2020
A A A
كيف يهدد الوباء بإسدال ستائر أقدم دار عرض سينمائي في العالم؟
الكاتب: بي بي سي
_114896322_d4f6c430-1a7f-4abc-ad02-c6048ff16790
<
>

يمكن أن تعتبر بلدة واشنطن في ولاية أيوا نفسها محظوظة حين ينظر إلى الصورة الإجمالية لتفشي وباء كورونا.
فقد شهدت البلدة، التي يبلغ عدد سكانها 7 آلاف شخص، 11 حالة وفاة فقط، بينما حصد الوباء حياة أكثر من 214 ألفا في أنحاء الولايات المتحدة وأصاب 7.7 ملايين شخص بالعدوى.
لكن بلدة واشنطن لم تتجنب الآثار الاقتصادية للوباء، وقد تكون دار العرض “ذا ستيت ثياتر” الشهيرة، التي أدرجت في سجل غينيس للأرقام القياسية كأقدم دار سينما تعرض الأفلام بشكل متواصل، الضحية القادمة للوباء.
تأثير كورونا على قطاع السينما
لقد طال التأثير كل شيء، من إنتاج الأفلام إلى عمل دور السينما حول العالم. ووصل التأثير إلى المناطق الريفية في الولايات المتحدة.
وأعلنت ” سينوورلد”، وهي واحدة من كبريات دور السينما في العالم، في الرابع من تشرين أول إغلاقا مؤقتا لدور العرض التابعة لها في الولايات المتحدة. وجاء القرار بعد أخبار تأجيل جديد لعرض فيلم جيمس بوند الجديد “لا وقت للموت” في الولايات المتحدة والمملكة المتحدة.
وطبعا وصل التأثير إلى دور العرض الريفية في الولايات المتحدة.
وقال راسل فانورسدل، نائب رئيس شركة “فريدلي ثياترز”، التي تملك “ذا ستيت ثياتر”، لبي بي سي إن الوضع قاتم.
وأضاف “بإمكاننا أن نبقى على قيد النشاط حتى نهاية 2020، لكننا لا نعرف ماذا سنعمل لو لم تنتج هوليوود أفلاما جديدة، كما أن الحكومة الأمريكية لم تتخذ بعد قرارا بإطلاق برنامج مساعدات تحفيزية”.
ويعتقد فانورسدل، الذي عمل في قطاع السينما لمدة 30 عاما بعد أن بدأ بائعا للطعام في إحدى صالات “فريدليز”، أن الوباء هو التحدي الأكبر الذي واجهته دار عرض “ستيت ثياتر” منذ افتتاحها عام 1897.
وأضاف “لقد نجونا من تأثيرات الركود الكبير والأزمة المالية لعام 2008 وانتشار عروض الفيديو المنزلية. وكذلك نجونا من تأثير حريق شب في الدار عام 2010، لكن كم من الضربات الإضافية بإمكاننا أن نحتمل؟ لا نستطيع أن نصمد في وجه الخسارات المتواصلة إلى الأبد”.
وتراجعت إيرادات مبيعات التذاكر في “ذا ستيت ثياتر” بنسبة 70 في المئة خلال عام 2020، حتى بعد السماح بإعادة فتح أبواب دور السينما في أيوا في أيار الماضي.
لكن شركت فريدلي أبقت على جميع الموظفين الذين يتقاضون رواتب، حتى بعد اقتصار أيام العمل على الجمعة ونهايات الأسبوع.
وبغياب الأفلام الناجحة جماهيريا استخدمت شاشات العرض لبث نشاطات رياضية وأفلام قديمة، وكذلك فعاليات خاصة.
وخلال الشهرين اللذين أغلق فيهما “ذا ستيت ثياتر” ضمن حملة الولاية لمكافحة انتشار فيروس كورونا كان أحد النشاطات التجارية التي قامت بها الدار لتخفيف الأعباء المالية بيع الذرة (الفشار)، فلدى الدار ماكنة لتحميص الذرة تعمل منذ عام 1948. وقد أقبل الجمهور على الشراء دعما لدار العرض السينمائي الوحيدة في محيط 50 كيلومترا.
بعد حريق وقع عام 2010، أعلنت شركة فريدلي أن البناية ستهدم وتستبدل بدار عرض جديدة متعددة الشاشات، لكن نظمت احتجاجات أدت إلى أن تقوم الإدارة بترميم الدار التي أصبحت أحد مناطق الجذب في أيوا عبر جهود مضنية.
لكن المستقبل أصبح موضع شك، كما هو حال قطاع السينما في أنحاء العالم.
ووفقا لبيانات مؤسسة “أوميديا” للاستشارات السينمائية انخفضت عائدات تذاكر السينما بنسبة 70 في المئة عام 2020 مقارنة بالعام الماضي. وطال هذا التأثير جميع الأسواق الكبرى.
وقد عانت الصين التي كانت على وشك أن تتجاوز الولايات المتحدة كأكبر سوق عرض سينمائي في العالم، من انخفاض في العائدات بنسبة 66 في المئة، بينما سجلت الهند، بلد إنتاج أفلام “بوليوود” واسعة الانتشار، تراجعا في المبيعات بنسبة 75 في المئة.
أما هوليوود فيتوقع أن تشهد انكماشا في عائداتها من بيع التذاكر بنسبة 65 في المئة، على الأقل، حسب تقديرات مؤسسة “برايس ووتر هاوس كوبرز”.
وليست هناك توقعات وردية لعام 2021، بل “يبقى القطاع قلقا لأنه شهد عاما كارثيا، كما تقول ماريا روا اغويت، مديرة الأبحاث في مؤسسة “أوميديا”.
لكنها تشير أيضا إلى أن الصورة الكبيرة تبرر الأمل، فبالرغم من العدد المتزايد للناس الذين اتجهوا إلى العرض عبر الإنترنت إلا أن عام 2019 سجل أرقاما قياسية لعوائد دور السينما عالميا، بلغت قرابة 42 مليار دولار.
وتضيف “حين تنتهي هذه الجائحة ستغلق العديد من دور السينما وسيواجه القطاع صعوبات، لكن الناس الذين يحبون ارتياد دور السينما سيرغبون في العودة ، فأبحاثنا تثبت أن عددا أكبر من الزبائن سيفضلون شاشات العرض الكبيرة للأفلام الجديدة، عوضا عن مشاهدتها في المنزل”.
بالنسبة لراسيل فانورسديل هذه ليست بيانات واعدة فقط، بل تعني أن هناك أملا بأن تصمد “ذا ستيت ثياتر” أمام العاصفة الجديدة.
ويقول “كما أقول دائما لزملائي: أنا أجيد طهي شرائح اللحم، لكي لن أتوقف عن ارتياد المطاعم. عندي ثقة بأن الناس سيعودون، لكن علينا الصمود في الوقت الحاضر”.