Beirut weather 27.99 ° C
تاريخ النشر February 20, 2019
A A A
هل ستتمكّن روسيا من التقدم على أميركا في بيع الأسلحة دولياً؟
الكاتب: سعدى نعمه - موقع المرده

لم يقتصر انفتاح منطقة الشرق الأوسط والعالم على روسيا فقط على إقامة علاقات شراكة اقتصادية او تنموية بل تعداه الى سحب بساط “التسلح” من أميركا وايضاً بريطانيا فقد تمكنت موسكو من ازاحة لندن من المركز الثاني لأكثر الدول المصدرة للسلاح حسب تقرير أعده معهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام حيث تصدرت الهند عام 2018 قائمة الدول المستوردة للاسلحة الروسية وتلتها تركيا فيما تُبدي قطر رغبتها باجراء محادثات مع الجانب الروسي بغية شراء انظمة دفاع جوي. هذا عدا عن تلقي روسيا سنوياً طلبات لانتاج المقاتلات ومنظومات الدفاع الجوي ومشاركة مؤسسة “روستيخ” الحكومية الروسية بجناح في معرض الدفاع الدولي “آيدكس 2019” الذي انطلق منذ ايام في أبوظبي.

توازياً، ان الاهتمام بالسلاح الروسي لم يعد يقتصر على الشركاء التقليديين لموسكو، فبتنا نتابع في السنوات الاخيرة اهتمام زبائن واشنطن وحلفائها به ومن ضمنهم السعودية وسط تلويح اميركي بفرض عقوبات على الدول ان مضت في تنفيذ صفقات ضخمة مع موسكو.

وفي معرض الحديث عن اسباب منافسة السلاح الروسي على الساحة الدولية، علق المحلل السياسي الدكتور شارل رزق الله في حديث خاص لموقع “المرده” قائلاً: “ان معظم الاسواق العربية لا سيما الخليجية كانت حكراً على الولايات المتحدة الأميركية وهذا ربما سيخلق تنافساً بين موسكو وواشنطن، وهذا واضحاً على ما يبدو وراء عدم صرف مصرف لبنان اعتماداً لشراء اسلحة روسية بعد زيارة رئيس الحكومة سعد الحريري الى موسكو، وبالتالي ان التهافت العربي لامتلاك السلاح الروسي لا سيما صواريخ “اس – 400″ يعود سببه الى ان هذا السلاح مشهود له بالكفاءة التي بانت جليّة في الحرب الدائرة في سوريا”.

وقال رزق الله: “ان الدول الغربية لا سيما الولايات المتحدة الاميركية تفرض شروطاً على الدول المستوردة للسلاح مما يخلق تبعية سياسية وهذا لا ينطبق على الدول التي تتعامل مع روسيا فالدول المستوردة تبقى محررة من القيود او الشروط التي تؤدي الى التبعية وكلنا يدرك ان التبعية الاقتصادية تولد تبعية سياسية لا محال، كما ان لروسيا كما يقول المراقبون تسهيلات كثيرة ترافق عمليات البيع ومن المعروف ان نصف الصادرات الروسية في العام 2018 توجهت الى الشرق الاوسط، ونشير الى موقع الشرق الاوسط الاستراتيجي المهم بالنسبة للروس كما كان في القديم مهمّ استراتيجياً بالنسبة اليها والى دول الغرب ونشأت صراعات لأجل ذلك وروسيا تسعى لكسب موطئ قدم دائم لها شمالي أفريقيا؛ سعيًا لتحقيق حلمها في الحصول على منفذ للمياه الدافئة غربي المتوسط، إضافة إلى التواجد على مقربة من تمركز قوات حلف شمال الأطلسي (ناتو) كنوع من التهديد لها، وأودّ الاشارة الى أن المنطقة غنية بالنفط والغاز وتملك نصف الاحتياطي العالمي كما ان منطقة الشرق الاوسط تعتبر امتداداً لروسيا من الناحية الجنوبية لذلك ان كل هذه العوامل التي أسلفنا ذكرها فرضت على روسيا الاهتمام بالمنطقة وتزويدها بالسلاح”.

وتابع رزق الله: “في الماضي حقق الاتحاد السوفياتي وجوداً عسكرياً في بعض الدول العربية ومن بينها مصر وخسرها بعد انحلاله، لذلك تسعى روسيا وريثة الاتحاد السوفياتي اليوم الى تواجد عسكري دائم يؤدي الى هيمنة استراتيجية سياسية واقتصادية كما تهدف الى مزاحمة أميركا في الشرق مستفيدة من أخطاء وقع فيها العهد الاميركي السابق فحاولت ملء الفراغ السياسي، وتسعى ربما من خلال “الورقة الجديدة” الى التفاوض مع الغرب لوقف تمدد حلف شمال الاطلسي في اتجاه حدودها، متسائلاً في هذا السياق: “هل هو صراع نفطي ايضاً ومحاولة لجذب الاستثمارات العربية خاصة الخليجية اليها لانعاش الاقتصاد الروسي الذي اصيب بنكسة جراء انخفاض اسعار النفط والغاز؟
واعتبر رزق الله أن “أهمية الشرق الاستراتيجية تدفع روسيا عبر هذه المنطقة الى استعادة دورها ونفوذها عالمياً عبر التحالفات الاقليمية لذلك تسعى لفرض وجودها العسكري وعلاقاتها الاقتصادية وتحول روسيا على ما يبدو دون هيمنة الولايات المتحدة الاميركية وحدها على منطقة الشرق وقد تحالفت مع سوريا وايران وتسعى جاهدة للدخول الى الدول التي تدور في الفلك الاميركي بالتقارب العسكري والاقتصادي”.

ورأى رزق الله ان النفوذ الروسي سيبقى محدوداً في الشرق فهمّ روسيا يكمن في ان تبقى حدودها الجنوبية آمنة والحؤول دون انتقال الارهاب اليها، فاستقرار الشرق الاوسط مهمّ كثيراً بالنسبة اليها وما يجري اليوم لا يشكل تحدياً لواشنطن التي تتحكم في قواعد الانظمة الشرق أوسطية وربما تعلم واشنطن ان موسكو بعد فك العزلة بسبب الازمة الاوكرانية تطمح لمكانة دولية وعلاقات تجارية اقتصادية واستقرار اقليمي”.
هل سيستمر السلاح الروسي في التقدم ليحتلّ المركز الاول متفوقاً على الاميركي وبالتالي يستطيع فرض شروطه السياسية في اكثر من منطقة في العالم؟ والجواب عليه يبقى رهناً بما سيتمّ توقيعه من عقود في السنوات المقبلة!