Beirut weather 22.59 ° C
تاريخ النشر January 18, 2019
A A A
إبراهيم من عين التينة ينسحب من مبادرة بعبدا.. وجنبلاط في بيت الوسط مع تفعيل الحكومة
الكاتب: اللواء

بصرف النظر عن النتائج المتوقعة، من القمّة العربية الاقتصادية الاجتماعية الرابعة، التي تنعقد الأحد، لمناقشة البرنامج والبيان، الذي يقرُّه مجلس وزراء الخارجية العرب اليوم، تمهيداً لرفعه إلى ممثلي الملوك والامراء والرؤساء العرب، فإن ما يمكن وصفه بعاصفة القمة ترك ارتدادات داخلية، مستجدة، أبرزها انسحاب مدير الأمن العام اللواء عباس إبراهيم من «المبادرة الحكومية» أو الرئاسية، إذ، قال من عين التينة بعد لقاء الرئيس نبيه بري: «لم اعد معنياً بهذا الموضوع ابداً لا من قريب ولا من بعيد»..
ومن دون ان ينفي ان يكون عدم إعطاء تأشيرات الدخول للوفد الليبي هو ما أوجد وضعاً غير مريح، بين الرئاستين الأولى والثانية، قال: «يهمني أمن البلد بالدرجة الأولى فقط».
وبالتزامن، زار مدعي عام التمييز القاضي سمير حمود، ربما في إطار ما يتعين القيام به من إجراءات في ما خصَّ بالعناصر التي أقدمت على إنزال العلم الليبي من البيال، ورفع علم لحركة «امل» مكانه..
ومع اجتماع النواب الدروز في دار الطائفة الدرزية، وإعلان دعم «الزعامة الجنبلاطية» على لسان شيخ عقل الطائفة الدرزية الشيخ نعيم حسن، بعد الاجتماع يكون اكمال مشهد المجالس الملية في البلاد.
سياسياً، سجلت زيارة النائب السابق وليد جنبلاط على رأس وفد من الحزب التقدمي الاشتراكي إلى «بيت الوسط»، حيث التقى الرئيس المكلف سعد الحريري، وجرى عرض التطورات المتعلقة بالقمة، وبالجهود على جبهة تأليف الحكومة، وما يتعين فعله، لعدم ترك المشكلات تتفاقم، في ضوء التعثر الحاصل، لا سيما شلل المبادرة الرئاسية أو انهيارها، والاقتراحات المتداولة لانعاش حكومة تصريف الأعمال لجهة تعويمها، ودعوتها لعقد اجتماعات، سواء في ما يتعلق بالموازنة أو غيرها..
هكذا، حل الانقسام اللبناني عشية القمة، وكأنه ملء للفراغ الذي سببه غياب القادة العرب، عن قمّة بيروت، لاعتبارات متعددة، منها ما حصل بالنسبة لدعوة ليبيا، وإنزال العلم الليبي وما رافق هذا الموضوع من إشكالات.

قمّة بلا قادة
وفي تقدير مصادر رسمية ان لبنان الرسمي أنجز ما عليه بالنسبة لعقد قمّة عربية تليق بالقادة العرب، ولو كانت تحت عنوان اقتصادي تنموي، ولكن إذا حضر القادة أو لم يحضروا، فالمسؤولية ليست عليه، ولا يعني اعتذار معظم القادة العرب عن عدم الحضور، فشلاً بالنسبة إليه، وان كان بعض سياسييه وما اثاروا من إشكاليات سياسية تتصل بحضور سوريا أو تغييبها، ومنع مشاركة الدولة الليبية، وما رافقها من ممارسات، فضلاً عن الظروف العربية المحيطة بكل دولة عربية، ساهمت إلى حدّ كبير في إعطاء الانطباع عن فشل القمة بسبب ضآلة المشاركة العربية، حيث تبين، مبدئياً، ان أي رئيس عربي ليس في وارد الحضور، مع اعتذار الرئيس التونسي الباجي قايد السبسي، أمس، الا ان ثمة أملاً وحيداً يكمن في مشاركة أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح، لكي يسهم في كسر المقاطعة العربية للقمة، ويعطيها زخماً تفتقده، نظراً لعلاقته الوطيدة مع لبنان ومحبته له، غير ان ذلك لم يتأكد بعد.
وعلى الرغم من غياب معظم القادة العرب، فإن الاجتماعات التحضيرية للقمة التنموية – الاقتصادية، بدأت أمس، بسلسلة اجتماعات للجنة المعنية بالمتابعة والاعداد لجدول الأعمال، على مستوى المندوبين، باشراف الأمين العام للجامعة العربية أحمد أبو الغيط الذي وصل إلى بيروت بالتزامن مع وصول ممثلي الدول العربية على مستوى وزراء ووكلاء وزارات، والتقى أبو الغيط فور وصوله رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، معبراً عن «عميق اعجابه للتنظيم اللبناني البالغ المهارة»، لافتاً إلى ان «مستوى التمثيل لم يتبين بعد»، لكن بالتأكيد «فإن لبنان يستحق كل التكريم».
وأوضح أبو الغيط، ان موضوع عودة سوريا إلى الجامعة، يحتاج إلى توافق عربي لم يحصل بعد، لافتاً إلى ان الأمانة العامة تسعى للحفاظ على المصالح العربية، وهي ستنفذ فوراً أي قرار يتخذ على مستوى المجلس الوزاري العربي، ومن دون تأخير.
وعلم ان مشروع جدول أعمال القمة يتضمن 27 بنداً تتناول كافة الملفات الاقتصادية والاجتماعية العربية المرفوعة من الدورة الاستثنائية للمجلس الاقتصادي والاجتماعي الوزاري العربي في دورته التي عقدت في القاهرة الشهر الماضي، والتي ستطلق العمل بالسوق العربية المشتركة للكهرباء.
إلى ذلك، لاحظت مصادر مطلعة عبر «اللواء» ان هناك رغبة في عدم صدور أي تعليق من القصر الجمهوري على اعتذار عدد من الرؤساء وعن المشاركة في القمة، لكنها لفتت إلى انها قائمة، وان اشادة أبو الغيط بالترتيبات المتصلة بالقمة تُعزّز التأكيد ان لبنان كان سباقاً في التحضيرات لهذه القمة، مؤكدة بأن الوفود التي تمّ تكليفها للمشاركة هي وفود رفيعة المستوى.

عودة الحديث إلى الحكومة
ومع انتهاء أعمال القمة الأحد، بكل ما رافقها من سجالات سياسية ليست بعيدة عن المناكفات السياسية، يعود الاهتمام السياسي إلى موضوع إخراج تأليف الحكومة من ثلاجة الانتظار والجمود، ولكن هذه المرة من باب تفعيل حكومة تصريف الأعمال، مع تواتر الحديث عن هذا الاتجاه داخلياً على لسان أكثر من طرف، وخارجياً على لسان وكيل وزارة الخارجية الأميركية للشؤون السياسية ديفيد هيل من «بيت الوسط» خلال زيارته الأخيرة إلى بيروت.
وبحسب المعلومات، فإن القرار في هذا الشأن سيكون مدار بحث مطلع الأسبوع الطالع، بهدف التوافق على تحديد موعد لجلسات الضرورة الحكومية، لا سيما وان الأجواء الإقليمية والدولية المحيطة، فضلاً عن الأجواء المحلية، لا توحي بإمكان تمرير التأليف بسلاسة.
وبرزت في هذا السياق سلسلة تطورات ومواقف تؤكد استمرار الأجواء الملبدة التي سادت بين بعبدا وعين التينة من جهة، وبينها وبين «بيت الوسط» من جهة أخرى، وبين «التيار الوطني الحر» من جهة وتيار «المرده» من جهة ثانية، من دون ان يكون «حزب الله» بعيداً عنها.
وبين هذه التطورات، زيارة رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط ونجله النائب تيمور جنبلاط إلى «بيت الوسط»، حيث التقيا الرئيس المكلف سعد الحريري في حضور الوزير غطاس خوري، ولم يرشح عن هذا الاجتماع سوى ما قاله المكتب الإعلامي للحريري بأنه «جرى استعراض آخر المستجدات السياسية ولا سيما ما يتعلق منها بتأليف الحكومة».
وكان جنبلاط، شارك في اجتماع دوري للمجلس المذهبي الدرزي في دار الطائفة في فردان، موضحاً بأن هذا الاجتماع لا علاقة له بلقاء بكركي كاجتماع سياسي، وغير سياسي، ولا ببعض التظاهرات التي ظهرت هنا أو هناك ذات طابع سياسي، لافتاً إلى انه اجتماع دوري هدفه تفعيل المؤسسات، الا انه اكد ان «المجلس المذهبي هو الشرعية الأساسية الواحدة الموحدة».
كما برز في سياق هذه التطورات، إعلان المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم، بعد زيارته لرئيس المجلس نبيه برّي، بأنه «لم يعد معنياً بموضوع المبادرة الرئاسية»، في خصوص تمثيل نواب سنة 8 آذار في الحكومة، موضحاً «بأننا نتكلم الآن عن غير الحكومة»، في إشارة إلى انه بحث مع برّي في الوضع الأمني.
وعندما سئل بأنه ساهم في احداث الشرخ بين الرئاستين الأولى والثانية في موضوع تأشيرات الدخول للوفد الليبي، اجاب: «أنا يهمني أمن البلد بالدرجة الأولى».

التيار لتعديل الطائف
وفي حين لم تعرف من هي الجهة التي أراد الرئيس عون توجيه رسائله إليها، والتي تريد السيطرة على لبنان، أو الضغط عليه لترك بعبدا، على غرار ما حصل في العام 1990، فإن مصدراً نيابياً شارك في اجتماع بكركي، أوضح لـ«اللواء» ان الاجتماع لم يخرج بخريطة طريق لمعالجة القضايا الخلافية، ولا معالجة القضايا المتفق عليها مثل تشكيل الحكومة، واكتفي بتشكيل لجنة متابعة من الحضور تمثل كل الاطياف السياسية لمتابعة هذه الامور غير المتفق عليها، لكن برأيي الشخصي، لا يبدو ان اللجنة ستنجح في مهمتها ولن تصل الى نتيجة بسبب التنافس والانقسام القائم بين «الديوك الكبار».
واشار المصدر الى «ان قضية النازحين السوريين جرى المرور عليها مرور الكرام تعقيبا على كلمة البطريرك الراعي، لكن المشكلة الاكبر تكمن في طلب نواب «التيار الوطني الحر» بتعديل اتفاق الطائف لجهة زيادة صلاحيات رئيس الجمهورية بشكل خاص انطلاقا من تعزيز قوة ووجود المسيحيين في السلطة والحكم عبر تعزيز صلاحيات رئيس الجمهورية بما يضمن قوة المسيحيين مستقبلا، اضافة الى بنود اخرى في الاتفاق. هذا عدا مطلب اعطاء رئيس الجمهورية وفريقه السياسي الثلث الضامن في الحكومة لتقوية موقعه في تركيبة الحكم، طالما اننا لم نصل الى بحث تعديل اتفاق الطائف».
وبرأي المصدر: ان مطلب تعديل الدستور في الظرف السياسي الحالي صعب التحقيق، عدا عن الطرح وغيره من الطروحات لم تكن جذرية وعميقة بحيث انها تضع الحلول لكن بالعكس بعضها قد يخلق مشكلا جديدا في البلد، وماجرى كان من باب عرض المواقف ليس إلاّ.
واكد المصدر ان كل الاطراف متفقة على مبدأ ضرورة الاسراع بتشكيل الحكومة ومعالجة القضايا الاقتصادية والمالية وتحقيق الانماء، لكن جوهر المشكلة لا زال قائما بين الاقطاب الموارنة بسبب اختلاف التوجهات والاهداف والمصالح.