Beirut weather 20.77 ° C
تاريخ النشر December 14, 2018
A A A
المسعى لا يشمل حصّته الوزارية أو الرقم 32… ماذا عن مرونة الحريري؟
الكاتب: مجد بو مجاهد - النهار

يستدعي البحث في الخيوط الرفيعة التي نسجت شرنقة جديدة في الملف الحكوميّ، عقب ما أطلق عليه الرئيس المكلّف سعد الحريري صفة “الحلول التي يمكن السير بها” بعد لقائه الرئيس ميشال عون في بعبدا مطلع الأسبوع الجاري، التوقّف عند أكثر من معطى من شأنها تحليل شيفرة الطروحات المستجدّة، في انتظار عودة الحريري الذي قال، بعد لقائه الجالية اللبنانية في لندن: “سنستكمل العمل على تأليف الحكومة بعد عودتي الى لبنان”.ويتمثّل المعطى الأوّل الذي يمكن تأكيده في أن المرونة التي أبداها الرئيس الحريري جديّة، حيال ايجاد مخارج لأزمة تمثيل نواب سنّة “اللقاء التشاوري”، وهذا ما يرشح من حديث عضو “كتلة المستقبل” النائب هادي حبيش لـ”النهار”، مؤكّداً أن “السبب الذي استدعى المرونة، هو ادراك الرئيس الحريري خطورة الوضع الاقتصادي، وأن استمرار الفراغ الحكومي سيؤدي في مرحلةٍ ما الى تعطيل مفاعيل “سيدر”. ومن هذا المنطلق، غدا الاتفاق على ضرورة تأليف الحكومة الطبق الرئيسي على مائدة الرئيسين عون والحريري. وتوافق الفريقان على ضرورة ايجاد حلول سريعة، ان شاء الله ستتبلور بعد عودة الرئيس الحريري”.

وقد تحدّث الرئيس عون عن “شيء في انتظار تبلوره. ويدرك الفريقان أن الأزمة لم تعد تحتمل المماطلة، وأن الأوضاع الاقتصادية والمالية باتت داهمة”. واذا كان صقيع لندن قد جمّد المسعى ريثما العودة وانتظار انقشاع ضبابها لمعرفة ماهية الحلول المطروحة، فإن حبيش يؤكّد أن “مسألة التوزير من حصّة تيار المستقبل غير واردة، وطرْح حكومة الـ32 وزيراً غير وارد أيضاً. أما الخيارات الأخرى فيبحث فيها، على أن تستقرّ الأمور”.

ومن جهتهم، ينتظر نوّاب “اللقاء التشاوري” عودة الحريري، وهم “يقفون على سلاحهم” ويحافظون على السقف المرتفع حتى انقشاع “الضباب اللندني”. وفي المعلومات التي استقتها “النهار” من أحد هؤلاء النوّاب الستّة، ان الرئيس عون “لم يقدّم أي مقترحات أو حلول، ولعلّه ينتظر نتائج مفاوضات الوزير جبران باسيل مع الرئيس المكلّف في لندن للتفاهم على الطروحات”. اذاً، لا تزال الطبخة غير ناضجة، في رأي المصدر، الذي يضيف أن “عدم طرح عون صيغاً للحلّ مردّه الى الخشية من احتراق الطبخة سلفاً”. ويقتصر الموقف البارز الذي أدلى به عون الى النواب الستة، على أنه “لا بد من التعاون لانقاذ البلد في ظلّ الوضع الصعب، وعلى الجميع التعاون في هذا السبيل”.

ويقول نائب “اللقاء التشاوري” نفسه: “طالما أنه لم يقدَّم لنا أي طرح، فسنبقى على موقفنا حتى نكتشف ما هي الحلول المطروحة. فهل علينا أن نتنازل ونقول لهم ناقشوا ما يمكن ان تقدّموه لنا من حلول؟ اذا تقدّموا خطوة الى الأمام سنبحث الموضوع ونناقش الحلّ”. وينفي “أي انقسام في اللقاء التشاوري، ونحن متّفقون على كلّ شيء”. ويشير الى أنه “اذا قدّم رئيس الجمهورية مقعداً الى النواب الستة، عندئذ يكون قد تخلّى عن هذا المقعد، ونحن نقبل، ولكن هل سيوافق الرئيس المكلّف على أن يوزّر أحدنا؟”. ويعقّب: “اذا طُرحت حلول من الطبيعي أن نعقد لقاءً آخر مع رئيس الجمهورية، لكن حتى الساعة لم تطرح علينا أي حلول”. ويخلص الى أنه “لا نزال نراوح مكاننا في انتظار عودة الحريري وباسيل، ومعرفة ما اذا كانا قد توصّلا الى نتائج”.

وفي انتظار ما سيرشح من مقترحات في قابل الأيام، لا يزال من المبكر بتّ مسألة توزير أحد النواب الستة بشكلٍ نهائي، في رأي حبيش، الذي يجيب ردّاً عن سؤال عمّا اذا كان حراك رئيس الجمهورية جدّياً الى حدّ التنازل عن مقعد، أن “التفصيل النهائي يُترك له وللرئيس المكلّف، ومن الطبيعي أن يتنازل رئيس الجمهورية. فتنازل الحريري عن وزير سنّي من حصّته يؤثر على الشعبية التي يمثّلها في الشارع السنّي، أما تقدمة وزير سنّي من حصة رئيس الجمهورية، فلا تؤثّر قيد أنملة على شعبيته”. ولا يغيب عن المشهد أن التشكيلة الحكومية التي تجمّدت بعد رفض تقديم “حزب الله” أسماء وزرائه، تضمّ وزيرين سنيّين من خارج عباءة “تيار المستقبل” (اتفق عليهما مع رئيس الجمهورية والرئيس نجيب ميقاتي)، و”لا يمكن الرئيس الحريري أن يتنازل عن وزير آخر، فماذا يتبقّى له اذاً؟ على عكس عون الذي لا تؤثر هذه المسألة على شعبيته”.

ويخلص حبيش الى أن “أي حلّ مرتبط بعودة الرئيس الحريري، فهو الرئيس المكلّف وسيوافق مع رئيس الجمهورية على اي طرح يمكن تبنّيه. وهو ليس فريقاً سياسياً خارج التأليف بل فريق أساسي”. أما مطالبة النواب الستة بالتمثّل بحقيبة، “فلا يعدو كونه عملية رفع سقوف للحصول على مطلب معين، لكنه لا يؤدي الى نتيجة”.

وتبقى للعبارة التي استخدمها الرئيس عون عند لقائه النواب الستة صداها الرنان الذي يملأ أرجاء الانتظار: “لا بد من تعاون الجميع لانقاذ البلد في ظلّ الوضع الصعب”. فأي تعاونٍ يطلبه رئيس الجمهورية من النوّاب الستة؟ وهل سيتعاونون؟ أوساط سياسية تتساءل في هذا الإطار: “هل يملك هؤلاء النوّاب قرار تعاونهم من عدمه، اذا كان هناك من يبشّر بأن القضية أكبر منهم، وأن أبعادها قد تكون اقليمية لا محليّة؟”.