Beirut weather 29.65 ° C
تاريخ النشر September 6, 2018
A A A
هل يمكن تعويم الحكومة وما سقف تصريف الاعمال؟
الكاتب: سعدى نعمه - موقع المرده

لم تبصر الحكومة النور حتى الساعة رغم ما تسرب من اخبار في الاونة الاخيرة عن الاقتراب من حلحلة العقد رويداً رويداً الا ان ذلك بقي حبرا على ورق ما يعني ان مسألة التأليف، لا تزال تحتاج إلى المزيد من الجهود.
في ظل هذه الاجواء ما هو وضع حكومة تصريف الاعمال وهل يمكن تعويم عملها؟ سؤال جاء جوابه على لسان الدكتور في القانون الدولي أنطوان صفير الذي اكد في حديث خاص لموقع المرده أن كلمة “تعويم” هي كلمة سياسية باعتبار ان الدستور اللبناني لم ينص على اي موضوع او مادة او اشارة تتعلق بالتعويم الذي هو حالة سياسية ويمكن الاعتبار انه “اعطاء أوكسيجين” لحكومة اصبحت متداعية، لافتاً الى أنه يصحّ موضوع التعويم اذا كانت الحكومة مستقيلة من تلقاء نفسها اي ان رئيس الحكومة أراد ان يستقيل لافساح المجال أمام تأليف حكومة جديدة وهذا ليس موجوداً اليوم لأن الرئيس المكلف تشكيل الحكومة اصبح مكلفاً أولاً ولا يمكنه ان يعود عن استقالته لان استقالته أتت بحكم الدستور ولأن الحكومة تعتبر مستقيلة حكماً في حالات عديدة ابرزها حين تكون هناك انتخابات نيابية جديدة وبالتالي استقالة الحكومة هو عمل شكلي واستقالة حكمية باسم النص الدستوري وبالتالي لا يمكن خرق النص الدستوري باي قرار او باي مرسوم من اي نوع. اذاً لا يمكن تعويم حكومة مستقيلة حكماً بموجب النص الدستوري وبعد اجراء انتخابات نيابية”.

ورأى صفير ان “كل كلام عن تعويم الحكومة الحالية عبر ثقة وغير ثقة هو كلام غير دستوري وفي غير موقعه القانوني حسب الاحكام الدستورية المرعية الاجراء في لبنان”.

وحول ما اذا كان هناك امكانية ان يجتمع مجلس الوزراء في ظل تصريف الاعمال، أشار صفير الى أن “تصريف الاعمال هو حالة استثنائية تتعلق بتسيير المرفق العام اي الوزارات والادارات الرسمية في مرحلة، والاكيد ان المشترع كان في باله انها لمرحلة قصيرة جداً لتأليف حكومة جديدة، ولم يكن في بال المشترع ان ذلك سيستغرق أشهراً لتأليف كل حكومة، وبالتالي فان تصريف الاعمال لا تصبح بمعناها الضيق لان هناك حاجات كبيرة والزامية صرف اموال بحكم اتفاقيات سابقة او حجز اموال سابقة وحجز نفقات وبالتالي يتوسع رويداً رويداً منطق تصريف الاعمال الى ان يتصرف الوزير على انه وزير قائم ولكن ان يجتمع مجلس الوزراء الا في حالات استثنائية جداً تتعلق بمصلحة البلاد العليا اي جهة حالة طوارئ او مواجهة حالة حرب او مواجهة حالات خطيرة وهذا ما لم ينص عليه الدستور، انه اجتهاد، لذا ان اجتماع مجلس الوزراء لاجراء تعيينات ومناقلات ولحجز اموال من احتياطي الموازنة وغيرها هذا يناقض بشكل واضح وفاضح النص الدستوري”.

واعتبر صفير ان “حالة الشلل الحكومي مكلفة جداً، ذلك لان الذين يشلون او يعرقلون الحكومة نسوا او تناسوا انهم يفقدون ثقة المواطنين الذين توجهوا الى صناديق الاقتراع وانتخبوهم، اضافة الى الدين العام الذي “لا ينام” والأكيد ان لبنان ينتظر مشاريع كبيرة ومؤتمر “سيدر” وضع جدول اعمال ولكن تم ربطه بجملة اصلاحات وقرارات وخيارات على الحكومة اتخاذها
لأن المجتمع الدولي فقد الثقة بالحاكمين في لبنان ولم يعد يمنحهم اموالاً غير مشروطة، انما ألزمهم ان يقوموا بجملة اجراءات وهذه الاجراءات يجب ان تكون ضمن اطار خطة الحكومة المقبلة للتواصل مع المجتمع الدولي من خلال تطبيق مؤتمر “سيدر” شروطاً وأصولاً لكي نستحصل على المساعدات والقروض، ونحن فعلياً لسنا بحاجة لا لسيدر ولا لقروض ولا لديون ولكننا نحتاج لسدّ بؤر الهدر وايقاف مشاريع الفساد المستشرية على الساحة السياسية والادارية”.

ولفت صفير الى أننا في لبنان لا زلنا نحتفظ بالأمل ولكن الاكيد ان الكثيرين فقدوه لاننا مقبلون على العام الدراسي والجامعي والاقساط الى تزايد والاهالي يبيعون الغالي والرخيص لتعليم اولادهم”.

وقال صفير رداً على سؤال حول دور المرجعيات الدينية للحث على تشكيل الحكومة: “البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي دائماً يدعو الى التفاؤل كي لا ييأس اللبنانيون ولكنه لا يملك الحل في موضوع تشكيل الحكومة انما يملك التمني والتوجيه، والكنيسة في كل الظروف من دعاة الحلول ولكنها لا تملك حلولاً تقنية”.
وعن دور رئيس الجمهورية في ظل انسداد الابواب امام ولادة الحكومة، أكد صفير انه “دستورياً يستطيع رئيس الجمهورية ميشال عون ان يحث الرئيس المكلف سعد الحريري والافرقاء المشاركين في الرأي لتشكيل حكومة متوازنة ومقبولة من الجميع أما الخطوات الدستورية، مع احترامي لكل الكلام الصادر عن وزير العدل سليم جريصاتي وكل الافرقاء، لا أرى ما هو السبيل المقبول بموجب النص الدستوري وليس بموجب افكار سياسية تتعلق بقضايا لن تكون الا ذات نتائج سلبية ومنها الكلام الذي نسمعه من هنا وهناك حول امكانية سحب التكليف”.
وشدد صفير على أن سحب التكليف من الحريري عملٌ غير دستوري لأن التكليف أتى بموجب نص دستوري وبعد استشارات نيابية ملزمة أجراها رئيس الجمهورية وعلى اساسها حصل التكليف والدستور لم يتحدث عن سحب التكليف والا اذا كان هناك اكثرية نيابية تسحب التكليف يعني ان رئيس الجمهورية او رئيس المجلس النيابي او اي سلطة منتخبة اذا اجتمع المجلس النيابي وقال انه لا يريد انتخابها مع انه سبق وانتخبها عندها يحدث “خربطة” حقيقية في هيكلية النظام الديمقراطي فالذي يُنتخب يُنتخب لفترة محددة بالدستور والذي يُكلَّف يُكّلف حتى تشكيل حكومة وهذه من الثغرات في الدستور التي لم تحدد مدة زمنية للتكليف حماية من رئيس الحكومة لكي لا يأخذ كل وقته من دون شروط وحماية لرئيس الحكومة من الشروط المستعصية التي لا يمكن أن يأخذ بها”.