Beirut weather 26.88 ° C
تاريخ النشر June 13, 2017
A A A
هذا ما قاله الشهيد طوني فرنجيه لوالده الرئيس

باعتلاء الرئيس سليمان فرنجيه الكرسي الأولى شغر مركزه النيابي. فأعلن طوني فرنجيه ترشيح نفسه للمقعد الشاغر بانتخاب والده رئيساً للبلاد. ووجه اليه، قبيل تسلمه مسؤولياته الدستورية، رسالة استأثرت بالاهتمام لتعبيرها عن مشاعر اللبنانيين وافكارهم نحو الرئيس الجديد واعتبرت بمثابة اطلالة سياسية اولى بعد اعلان ترشيحه.

“والدي…. سليمان فرنجيه قبل ان تقسم اليمين الدستورية، غداً امام الله والوطن وامام ضميرك وقبل ان اسلك، انا، طريق السياسة، اسمح لي كولدك، ان اصارحك لآخر مرة قبل ان تصبح، انت اباً لجميع اللبنانيين.
انك تتسلم الحكم وسط انطلاقة من الفرح قلما شهدها لبنان من قبل، فرح عمّ مختلف مناطق لبنان، من صيدا حيث اضرم ابناؤها شواطئهم، الى عكار حيث كان الجبل شعلة من نار، الى الغربية التي انضمت الى الشرقية في فرحة عارمة، حتى شارع الحمراء حيث رقص الشباب طوال الليل.

كانت البهجة في كل مكان في لبنان، عفوية، جامعة.
على ان ما اريد ان اصارحك به، هو ان ذلك الحماس لم يكن موجهاً الى سليمان فرنجيه – الرجل الذي لا يعرفه جيداً الا القليل من اللبنانيين.
فأنت لست ذلك الخطيب الذي يلهب مشاعر الجماهير.
وانت لم تتزلف ابداً في سبيل كسب تأييد الناس.
وانت لم تفصح ابداً –حتى الى اقرب المقربين اليك- بخفايا ما يدور في ذهنك… وبما يشغل بالك من مشاكل، بل كنت دائما، تفضل التأمل ومعالجتها بين الله وبينك.
انت لا تتمتع بثقافة جامعية تثير اعجاب الناس، وغريزتك في التفكير الصائب لا يعرفها سوى المقربين اليك.
فلماذا اذن، تلك البهجة التي نشهدها كل يوم، ذلك الأمل الذي ينبعث – لدى ظهورك – في قلوب المتواضعين من الشعب – كباراً وصغاراً – فيطلقون الدعاء والتمنيات عفوية، قائلين:
الله معك يا سليمان.
امل لم يعد بالامكان تخييبه، يضاعف المسؤولية الملقاة على عاتقك.
ارجو ان تكون بهجة اللبنانيين نابعة من شعورهم بأن يكون اهتمامك بالعائلة اللبنانية التي تسلم مقدراتها، شبيهاً باهتمامك بالعائلة الصغيرة التي انا بين افرادها.
مزيج من الحزم والطيبة:
حزم ازاء اية اخطاء تنال من المبادىء، وطيبة وتفهم الهفوات الناجمة عن الضعف البشري.
حزم وطيبة… ثم شجاعة جعلت من حياتك المثل الذي نحتذي به…. وعطاء حتى التضحية في سبيل الغير.
ان عائلتك الصغيرة – بأفرادها التي كانت دائماً موضع اهتمامك – هي صورة مصغرة للعائلة اللبنانية التي اصبح مستقبله الآن بين يديك.
رأيتك – يوماً – تتألم عندما هاجرت احدى شقيقاتي من لبنان. وهذا ما سيجعلك تفكر حتماً بأن آلاف العائلات سيحز فيها الم مماثل كل سنة.
ولا شك في ان صورة اولئك الشباب الذين مزقوا جوازات سفرهم – يوم انتخابك – وعدلوا عن الهجرة، ستبقى راسخة في ذهنك.
واذا كان اخي الشاب يفتش – بقلق وحيرة – عن طريق المستقبل، فلا بد ان تفكر ملياً بأن ثلاثين الف شاب مثله يعانون، كل سنة، من نفس المشكلة، وهذا ما سيجعلك تتفهم ثورة هؤلاء الشباب على مجتمع لا يحاول تفهم مشاكلهم وايجاد الحلول لها.
عرفت المرض عن كثب، وكنت شاهداً على الكثير من الفقر ومما يجر من يأس. وهذا ما سيجعلك تعرف السبيل الى تخفيف الام الغير.
ان امنيتي الوحيدة هي ان تكون – بالنسبة للبنانيين – رب العائلة الذي عرفت، عندها سنفتح ابواب الأمل امام الجميع.
امل بأن يتساوى الجميع امام القانون.
امل بأن يعم النظام، في ظل ذلك القانون.
امل بأن يكون لبنان لجميع ابنائه دون تمييز للفقير قبل الغني للمحروم قبل المنعم عليه.
امل بأن تحظى الطبقات العاملة بظروف افضل للعمل وفرص اشرف للعيش. امل بأن تكون الادارة في خدمة المواطن مجندة للخدمة غير خاضعة لنفوذ او وساطات.
امل بأن تتاح للشعب بأسره فرص المشاركة في مسؤوليات الحكم والادارة والحمل، في اطار من الديموقراطية الحقيقية والحرية.
امل بأن يفسح المجال امام الشباب الكفؤ لوضع امكاناته في خدمة بلد يتوق الى خدمته.
عندئذ ينتاب اللبنانيين شعور بالفخر – كما اشعر انا – بأنهم ابناء لأب صالح عرف باستقامته، وترفعه، باندفاعه في العطاء وكرمه حتى اطلق عليه اللبناني الأول لقب “الفارس الأصيل”
“انطوان سليمان فرنجيه”.

*

النائب والمسؤولية

حدّد النائب طوني فرنجيه في خلال ممارسته العمل البرلماني مسؤولية النيابة فقال “ان النيابة رسالة ومسؤولية، وبكلام آخر اعتبر النائب مواطناً عادياً انتدبه ناخبوه في مهمة معينة”.
وقال ” ان الذي يرضى عن نفسه كلياً يكون قد انتهى. فالرضى عن النفس له عندي تفسير واحد، وهو ان يواصل الانسان السعي والبحث عن الأفضل او عما يراه أفضل.
ورأى ان واجبات النائب في ان يكون “واعياً دوره الأساسي، تحت قبة البرلمان وان يكون مخلصاً واميناً في تمثيل الشعب الذي انتخبه بالسهر على مصالح هذا الشعب ومصلحة البلاد ثمّ مراقبة اعمال السلطة التنفيذية ومحاسبتها لا لمجرد المراقبة والمحاسبة بل من اجل تقويم كل اعوجاج وتلافي كل خطأ او خطر”.
وفي معرض دفاعه عن النظام الديمقراطي قال النائب فرنجيه: صحيح ان النظام الديمقراطي البرلماني الذي نعيش في ظله ليس كاملاً وليس خالياً من العيوب والشوائب الا اننا نجد بعد التأمل الهادىء ان نظامنا اقل سوءاً من غيره خصوصاً اذا كان القياس بلدنا نحن.
اما الذين يطالبون بتغيره دون ان يعرضوا على الشعب النظام البديل الأفضل الذي يقترحونه، فليتفضلوا ويعرضوا النظام الذي يريدونه وليثبتوه كبرنامج عمل سياسي لهم، عبر الانتخابات النيابية وليترشحوا للانتخابات التي هي اسهل طريق لكل تغيير هدفه الأصلح والأفضل. فاذا كان الشعب مقتنعاً بنظامهم فإنه سينتخبهم ويوصلهم الى المجلس النيابي بكل بساطة، وعندها يصبح بإمكانهم ان يغيروا ما يشاؤون. هذا اذا كانوا يثقون بالشعب واذا كانت دعوتهم تتناول رفاهية الشعب وخيره.

الوسط الجديد
وفي سياق الأعراف البرلمانية، سعى طوني فرنجيه، الى تشكيل كتلة من داخل المجلس النيابي، وطموحه ان تكون هذه الكتلة في الموقع المتوازن بين الطروحات والاتجاهات المتناقضة، ولذا حملت اسم “تكتل الوسط الجديد” (1972) الذي ضمّ: طوني فرنجيه، فؤاد غصن، حبيب كيروز، باخوس حكيم، بطرس حرب، عبد المولى امهز. ولاحظت الصحف حينها انه كان لهذا التكتل الذي وضع له طوني فرنجيه خطوطه العريضة “وزناً سياسياً، وثقلاً في الاستشارات، وفي التوجه السياسي العام للبلاد”.