Beirut weather 16.32 ° C
تاريخ النشر December 11, 2016
A A A
مارين لوبن زعيمة اليمين تسير على خطى ترامب
الكاتب: رأي اليوم

مارين لوبن زعيمة اليمين الفرنسي المتطرف تسير على خطى ترامب.. وتتوعد اللاجئين ومعظمهم من المسلمين بإجراءات عنصرية تحرم بعض أطفالهم من الصحة والتعليم.. انها الهدية الاجمل لـ”الدولة الإسلامية” بمناسبة “الكريسماس″.
*

يعتقد الكثير من الخبراء ان فرص السيدة مارين لوبن زعيمة اليمين الفرنسي المتطرف في الوصول الى الجولة الثانية والحاسمة في انتخابات الرئاسة الفرنسية التي ستجري في آذار المقبل تبدو كبيرة وشبه مضمونة، ولا يستبعد البعض منهم فوزها بمقعد الرئاسة في ظل تراجع شعبية الاشتراكيين بسبب الانقسامات الكبيرة في صفوفهم، وتصدر أحزاب اليمين المتطرف للمشهد السياسي الغربي في معظم استطلاعات الرأي، مثلما حدث في بريطانيا (المؤيدون لخروجها من الاتحاد الأوروبي) وفي أمريكا (فوز ترامب)، وهذا لا يعني التقليل كليا من فرص خصمها اليميني المعتدل فرانسوا فيون.

السيدة لوبن تحاول السير على خطى دونالد ترامب للوصول الى سدة الرئاسة، وتركز على ملف الهجرة والمهاجرين في هذا الاطار، ولذلك خرجت علينا اليوم الجمعة بتصريحات “استفزازية” ستصب حتما في صفوف المتطرفين المسلمين والأجانب في المعسكر المقابل.

فعندما تقول السيدة لوبن انها ستمنع الأولاد الذين لا يملك آباؤهم إقامة شرعية في فرنسا من دخول المدارس في حال فوزها، وتتوعد بأنها ستجبر الابوين الاجنبيين العاطلين عن العمل، بالمساهمة في الرسوم الدراسية لأطفالهم حتى لو كانت اقامتهم شرعية، وتؤكد انه حان الوقت لإنهاء استفادة المهاجرين غير النظاميين من الامتيازات التي سيحصلون عليها في مجالات الصحة والسكن والتعليم المجاني لأطفالهم، فهذا يأتي بمثابة “اعلان حرب” على اللاجئين الأجانب، وتحويل اقامتهم وحياتهم في فرنسا الى جحيم.

صحيح ان السيدة نجاة بلقاسم وزيرة التربية في فرنسا (من أصول مغربية) نددت مشكورة وبقوة بتصريحات لوبن ووصفتها بالجهل بقيم الجمهورية الفرنسية والاتفاقات الدولية التي وقعت عليها فرنسا، بما فيها المساواة وحق اللاجئين بالتعليم والرعاية الصحية، ولكن هذه الإدانة لا تبدد حالة القلق مما يمكن ان يلحق باللاجئين من اذى، والنتائج التي يمكن ان تترتب على هذه المواقف العنصرية من نتائج كارثية على فرنسا.

السيدة لوبن تريد تحويل شوارع فرنسا الى ساحة للمواجهات العنصرية الدموية، وتقديم “هدايا” ثمينة جدا في موسم الأعياد (الكريسماس) للجماعات الإسلامية المتشددة، مثل “الدولة الإسلامية” التي وقفت خلف التفجيرات الدموية الإرهابية الأخيرة في باريس وبروكسل.

فرنسا تميزت عن معظم اقرانها بقيم ثورتها في العدالة والمساواة واحترام حقوق الانسان، ومحاربة العنصرية بأشكالها كافة، ولكن يبدو ان هذه القيم بدأت تتراجع في أوساط بعض نخبتها في ظل تنافس احزابها للوصول الى الحكم.

اتخاذ دونالد ترامب وسياساته العنصرية المعادية للمهاجرين الأجانب، شرعيين كانوا او غير شرعيين، والمسلمين منهم خاصة، كنموذج يحتذى لليمين الأوروبي المتطرف للوصول الى السلطة قمة التهور والغباء، لأننا نشك في قدرة ترامب على الحكم والحفاظ على امن الولايات المتحدة واستقرارها ووحدتها الحالية في ظل تبنيه هذه السياسات.

في فرنسا اكثر من ستة ملايين لاجيء من أصول إسلامية مغاربية، ويحملون في معظمهم الجنسية الفرنسية، كما ان فرنسا لا تبعد الا مئات الكيلومترات عن السواحل المغاربية للبحر المتوسط، الامر الذي يجب ان تضعه المؤسسة الفرنسية الحاكمة  والشعب الفرنسي أيضا في عين الاعتبار، في ظل تصاعد هذه الوعود والسياسات العنصرية الاستفزازية لشريحة عريضة ومهمة من مواطنيها من ذوي الأصول المغاربية، اذا كانت فعلا تريد الاستقرار والعلاقات الطيبة لفرنسا مع جوارها الشرق اوسطي، ونحن لا نشك في انها تتطلع الى ذلك، وتملك من الحكمة اللازمة في هذا المضمار.