Beirut weather 24.41 ° C
تاريخ النشر March 17, 2023
A A A
هذا ما دوّنته “الأنباء” في سطور افتتاحيتها
الكاتب: الأنباء الإلكترونية

إحياء ذكرى استشهاد المعلم كمال جنبلاط أمس كان له رمزية خاصة بالرغم من عدم تنظيم إحتفال مركزي بالمناسبة تخفيفا عن كاهل الناس في الظروف المعيشية القاسية، إلا أن رمزية ذكرى الاغتيال هذا العام في تزامنها مع الاغتيال المتواصل للبنان، والذي كان أول من حذّر منه كمال جنبلاط قبل عقود، مطالبا وقتذاك بإصلاح النظامين السياسي والاقتصادي، وبمنع الاحتكارات وضرب الفساد، وإصلاح القضاء، واضعاً برنامجاً إصلاحياً شاملاً كان له لو أخذ به وطُبق أن ينقل لبنان من دولة فاشلة الى دولة حديثة متطورة، ومجتمع تسوده العدالة الاجتماعية وتكافؤ الفرص.

لبنان الغارق اليوم في قعر الأزمات يحتاج أكثر من أي وقت مضى إلى فكر كمال جنبلاط الإصلاحي والتقدمي، اذ بات الوضع المالي على شفير انفجار اجتماعي، بعدما واصل سعر صرف الدولار الاميركي في ارتفاعه الجنوني متجاوزا عتبة المئة وخمسة آلاف ليرة، ما انعكس زيادة إضافية في أسعار المواد الغذائية والمحروقات. وقد لامس سعر كل من صفيحتي البنزين والمازوت المليوني ليرة.

وسط هذه الصورة السوداوية انشغلت الأوساط المتابعة بالتحقيق مع حاكم مصرف لبنان رياض سلامة في قصر العدل في بيروت من قبل الوفد القضائي الأوروبي وبحضور قاضي التحقيق الأول لدى النيابة العامة الاستئنافية شربل ابي سمرا، فيما غابت الحكومة القائمة عن أي دور فاعل قادر على التخفيف ولو بشكل جزئي من وطأة الازمة الاجتماعية، حتى ولو أن المعالجات ليست كلها بيد الحكومة حالياً، وهذا ما يعيد النقاش إلى المكان الأساس: ضرورة انتخاب رئيس للجمهورية لاستعادة دور المؤسسات.

لكن رغم ثقل الازمات، فإن الاستحقاق الرئاسي لم يسجل أي جديد قد يساعد على تحريكه، برغم المناخات الايجابية التي أرساها الاعلان عن الاتفاق السعودي – الإيراني، وبرغم الحديث عن اجتماع ثان في باريس لممثلي الدول الخمس للبحث في هذا الملف. وكان عاد إلى بيروت أمس رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط قادما من الكويت التي أجرى فيها سلسلة لقاءات مثمرة مع المسؤولين الكويتين، شارحاً فيها الواقع القائم ووجهة نظره بضرورة الحوار للوصول إلى رئيس جديد لا يشكل تحدّ لأحد.

في هذا السياق أشار عضو تكتل الجمهورية القوية النائب نزيه متى في حديث إلى جريدة “الأنباء” الإلكترونية إلى أن “الأمور ما زالت تراوح مكانها، مع اقتناعنا بضرورة انتخاب الرئيس اليوم قبل الغد”، متهما فريق “الممانعة بإقفال المجلس خمسة اشهر واعتماد أسلوب الورقة البيضاء وتعطيل النصاب، ومن ثم تبني رئيس مجلس النواب نبيه بري لترشيح الوزير السابق سليمان فرنجية ودعمه رسميا من حزب الله بلسان أمينه العام حسن نصرالله”، ولفت متى إلى أنه في مقابل ذلك “يستمر التواصل الدائم بين أطراف المعارضة ليتبين أن هناك وعيا بشكل متفاوت لكيفية المواجهة للاتفاق على مرشح جديد”.

وكشف متى أن “بعض النواب التغييرين أصبحوا على قناعة بوجهة نظرنا، فيما البعض الآخر مازال يدرس خياراته”. وعما يتم تداوله في الإعلام عن وجود مرشح ثالث، رأى متى أنه “في ظل هذه المعمعة يسهل على البعض رمي الاسماء من هنا ومن هناك بطريقة معينة، ولكن حتى الساعة ليس هناك سوى مرشحين ميشال معوض من قبلنا وسليمان فرنجية من قبلهم”، مقترحا في موازاة ذلك أن “يتم الاتفاق على المشروع قبل الاسم، فلو انتخبنا رئيسا على شاكلة ميشال عون أو رئيسا يعمل على تدوير الزوايا وارضاء القوى الذي أيدته، فكيف يقدر هذا الرئيس أن يحكم؟ هل يتمكن من إنقاذ البلد؟ حتما لن يستطيع ان يفعل شيئا. اليوم البلد مفلس ومنهار ولذلك نريد رئيسا يحمل رؤية انقاذية وليس مجرد اسم فقط”، مؤكدا أن “لبنان لم يعد يحتمل ازمات اكثر مما هو فيه، وكان على الفريق الآخر قبل تبني ترشيح فرنجية ان يفكر بمصلحة البلد وكيفية انقاذه بدل العمل على تسجيل النقاط، لأننا لن نسمح برئيس ينتمي الى فريق الممانعة وتمديد الازمة ست سنوات جديدة”.

قضائياً كشف الخبير القضائي والدستوري المحامي سعيد مالك أن “دعوة حاكم مصرف لبنان رياض سلامة للاستماع اليه امام القضاء الأوروبي تؤكد أن هناك ملفات وادعاءات بحقه بخصوص ملفات رشوة وتبيض اموال وغسيل اموال وغيرها من الجرائم”.

مالك وفي حديث لجريدة “الأنباء” الالكترونية لفت إلى “وجود ملفات يقتضي حكما التحقيق فيها في أكثر من عاصمة أوروبية من أجل ذلك طلب التعاون الدولي مع لبنان باستنابات قضائية عملا بمعادلة قانون مكافحة الفساد”. وعن رأيه بحضور القاضي شربل ابي سمرا جلسة التحقيق، لفت إلى “وجوب ان يكون هناك ممثلا عن الدولة المنتدبة، أو المطلوب المساعدة منها. وكلنا نتذكر في الجولة الاولى من التحقيق عندما اتى الوفد القضائي الأوروبي، فقد مثل مع الوفد أكثر من قاض من النيابة العامة وذلك بسبب أن النيابة العامة لم تكن قد ادعت على سلامة ورفاقه”.

وعن أسباب الاستماع اليه على مدى يومين، أشار مالك الى رزمة من الأسئلة التي حددها الوفد الاوروبي بالتعاون مع القضاء اللبناني، ولذلك لم ينته منه الوفد في جلسة الامس، وعليه أن يستكمل في جلسة أخرى، ومن أجل ذلك أعيد الاستماع إليه بصفة مستمع إليه وكشاهد حتى تاريخه. بعد ذلك سيعود الوفد إلى بلاده وستدرس هذه الإفادة، وفي ضوئها سيتخذ القرار بالادعاء ام بحفظ الدعوى، على أن يعاد الاستماع إليه في مرحلة لاحقة، لافتا إلى أنه “سيكون للقضاء اللبناني تحقيق آخر مع سلامة. أما لجهة ما إذا كان هذا الأمر يستوجب اتخاذ قرار بخصوص بقائه في موقعه من عدمه، فمن المنطقي القول أنه بمجرد الشبهة من أكثر من عاصمة أوروبية ومن القضاء اللبناني والدولة اللبنانية ممثلة بهيئة القضايا، هذا كله يستوجب من الحكومة اتخاذ الموقف إما بكف يده مؤقتا حتى انتهاء التحقيقات وإما بإقالته عملا باحكام المادة 19 من قانون النقد والتسليف وتعيين بديل عنه”.

وفي كلا الحالتين فإن من يدفع ثمن كل هذه المآسي يبقى اولا وأخيرا الشعب اللبناني الذي تخطى كل الخطوط الحمراء تحت وطأة الانهيار القاتل.